يمضي النهار كأي نهارٍ، كأي ليلٍ آخر، والحلم لم يزل يبحث عن بقعة ضوء، والطموح عن فسحةٍ للاختراق والمكان المناسب ما زال شاغراً، سوى من بعض القامات القزمة، والهامات الجوفاء، الذين يهللون ويتقمصون الغير، جاهدين على أن تكون مقاساتهم على قدر الموقع والمكان، ليتدرجوا في سلالمه، ويستمدوا منه القرار - قرار الموقع - حتى يكون الكل في سبيله وهو في سبيل نفسه، ونفسه في سبيل...؟ ليطلقوا الكلمات، ويتخذوا القرارات، ارتجالاً، ومن دون أدنى إلمامٍ بالارتجال ومن دون شفقةٍ بالكلمة ورحمةٍ بالآخرين، من دون أن يدركوا أن على قارعة الطرق، ووسط الزحام يتسكع متقمصو موجة"البانكي"، والعقول التي تفسخت وتمسخت، وعلى أن الانهيار بدأ ينخر الكيان وبالتالي يبقى الشكل فارغاً من المحتوى، والكيان مختلاً ومهزوماً...على أن المقدسات أصبحت ككل شيء عابر، ككل بضاعة مستهلكة، والقيم لم يبق منها سوى لفظها، وهذا على امتداد مساحة الوطن، ولكن، لا ندري إلى متى ستبقى للجملة التالية، للتراجيديا المعاشة مفعولها"الكل عدوٍ للحجل والحجل عدوٍ لنفسه". فما زال المكان المناسب يبحث عن من هو أهلٌ له، ومن تمكنه أهليته على أهلية هذا المكان واستحقاقاته، فالطرقات ما زالت هي الطرقات، وصانعو القرارات ما زالوا هم صانعو القرارات، والشعارات ما زالت هي نفسها في صومعة التردد والاختلاجات، سوى القليل من التحريف والكثير من التزييف واللعب على الإضافات وتجميل الصور والرتوشات. إذاً سنحمل - ونحن مرغمون - طموحاتنا وأوجاعنا، وحلمنا في أن يتحقق ما نعتبره من أقدس المقدسات، حلمنا في أن نرى النور كما هو، وندرك حقيقةً أن الشمس تسطع من الشرق، والأبيض لا يتحمل أي لونٍ آخر، وأن الكرد لم يولدوا بالفطرة منقادين أو مهزومين، وحدة الصف والكلمة لا بد آتية، وإن توعكت، وإن حال أمام تحقيقها بعض النفوس الضعيفة، والعقول المهزومة. وكما في كل مرة إلى اليوم التالي ... إلى العام التالي ... إلى ألم آخر وحلم آخر متجدد، علنا نمسك بخيوط هذا الأمل، هذا الحلم، الذي يكبر ويكبر. روني علي - بريد الكتروني