صعّدت فرنسا أمس ضغوطها على النظام السوري عبر قرار اعلنه الرئيس فرانسوا هولاند بطرد سفيرة سورية في باريس لمياء شكور والإعداد لعقد مؤتمر جديد ل"أصدقاء سورية"في باريس مطلع تموز يوليو المقبل. وقال هولاند خلال مؤتمر صحافي عقده مع رئيس جمهورية بينين توماس ياي بوني في باريس أمس ان قرار طرد شكور اتخذ بالتشاور مع الشركاء، بينهم ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني الذي اجرى الرئيس الفرنسي اتصالاً هاتفياً به أول من أمس. وذكر هولاند ان العمل جار على تحديد موعد لمؤتمر اصدقاء سورية الذي سيعقد مطلع تموز المقبل. ويستعد الرئيس الفرنسي لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة المقبل وسيبحث معه قضايا عامة وثنائية، بينها الوضع في سورية والموقف الروسي منه. ويأتي هذا التصعيد الفرنسي في اعقاب المجزرة التي حصلت في الحولة في محافظة حمص وسط سورية اسفرت عن مقتل 108 أشخاص وإصابة العشرات، وفي ظل التعثر الذي يواجهه المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان في صعيد مهمته في سورية. وعن امكانية مشاركة روسيا في المؤتمر المقبل لأصدقاء سورية، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو:"سنرى ذلك خلال الزيارة المقبلة"لبوتين. وشكل الوضع في سورية موضع بحث بين وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ونظيرته الجنوب افريقية ماييتيه ماشابانيه في مقر وزارة الخارجية في باريس بعدما كان وزير الخارجية تناول مطولاً الأزمة السورية في مقابلة نشرتها صحيفة"لوموند"الفرنسية حيث وصف الرئيس السوري بشار الأسد بأنه"قاتل شعبه"ودعا الى رحيله عن الحكم ب"أسرع وقت". لكن فابيوس أشار الى ان المساعي المبذولة للتوصل الى ذلك"اصطدمت بعقبتين": الأولى مردها الى غياب الإجماع في مجلس الأمن نتيجة موقفي كل من روسيا والصين. والثانية تتمثل ب"كون الجيش السوري قوياً"، مما يحول دون اي"عمل عسكري على الأرض"، لافتاً الى مخاطر امتداد الصراع في المنطقة خصوصاً في لبنان. وأوضح فابيوس انه في ظل هذا الوضع، فإن عمل فرنسا موزع على ثلاثة اتجاهات: تشديد العقوبات والتعاون مع روسيا"التي تلعب دوراً حاسماً"وحض المعارضة على التوحد. ورأى فابيوس ان مسألة تسليح المعارضة السورية تشكل معضلة، فإما يتم تزويدها بأسلحة، مما يعزز الطابع العسكري للنزاع و"يجر البلاد نهائياً الى الحرب الأهلية"وإما لا تزود بالسلاح"مما يهدد بتهشيمها"، علماً أن الحدود السورية قابلة للاختراق و"هناك سلاح يدخل الى سورية". وتوعد فابيوس المسؤولين عن مجزرة الحولة ب"المحاسبة على اعمالهم"وأن فرنسا تؤيد احالة الملف الى المحكمة الجنائية الدولية. وأكد فابيوس تمسكه بالعملية الانتقالية الديموقراطية، لافتاً الى ان"السؤال المطروح على الجميع هو من سيحل محل بشار الأسد في حال سقوطه؟"وأن المطلوب هو نهج انتقالي يؤدي الى رحيل الأسد ويحول دون ان يصبح الوضع السوري مشابهاً للوضع العراقي. الى ذلك، دعا أ ف ب الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي في رسالة مفتوحة الى فرنسوا هولاند فرنسا الى"اتخاذ المبادرة في سورية"، وذلك بعد ايام على مجزرة الحولة التي قضى فيها اكثر من مئة شخص. وتساءل الكاتب الذي اقنع نيكولا ساركوزي بالتدخل ديبلوماسياً ثم عسكرياً في النزاع الليبي:"هل ستفعل فرنسا للحولة وحمص ما فعلته لبنغازي ومصراتة في ليبيا؟ هل ستستخدمون رصيدكم الشخصي المعتبر ورصيد بلادكم للعودة الى حلفاء الامس وتقررون معهم ومع بريطانيا والولايات المتحدة والجامعة العربية وتركيا، استراتيجية تتجاوز الدعم الثابت لمهمة انان؟". وأضاف برنار هنري ليفي، الذي ستنشر رسالته اليوم الاربعاء في بضع وسائل اعلام اوروبية وأميركية، ان"انقاذ اليورو واجب ملح، لكن انقاذ شعب ماذا يعتبر؟ وما هي الموانع التي تحول دون ان ترفعوا سماعة الهاتف، على غرار ما فعل سلفكم، وتقنعوا نظيريكم الروسي والصيني بأن دعمهما الاعمى لارهاب الدولة السوري لا يشرفهما ويضعفهما؟".