استطاعت الفنانة التشكيلية فاطمة حسن أن تبتدع لنفسها أسلوباً فريداً يميّزها عن بنات جيلها. ولم يقتصر نشاطها على رسم اللوحات وإقامة المعارض، بل تجاوزتهما إلى احتراف فن الكاريكاتير، لتصبح من أولى الفنانات العربيات اللواتي احترفن هذا الفن ناشرة رسومها الساخرة في صحف ومجلات مصرية يومية وأسبوعية. وتنافس اليوم أشهر رسامي الكاريكاتير الذي اقترن طوال تاريخه بالرجال. وعن بدايتها، تروي ل"الحياة"أنها عقب تخرجها في كلية التربية الفنية في جامعة حلوان، بدأت تنشر رسومها التعبيرية في عدد من الصحف والمجلات منها"ابداع"و"أخبار الأدب"، كما صمّمت أغلفة كتب ودواوين لشعراء معروفين، ثم بدأت إقامة معارض خاصة بها. بدأت حسن العمل في مجلة"صباح الخير"قبل ثلاث سنوات."كنت أرسم فيها مواضيع وقصصاً وبورتريهات. وحين شعر الصحافي عبدالفتاح عناني بأن لديّ أفكاراً كثيرة خاصة بالكاريكاتير، إضافة إلى تمتعي بجرأة وروح ساخرة شجعني على رسم الكاريكاتير في المجلة". وفي موازاة ذلك مارست هوايتها في مجلتي"أخبار الحوادث"و"كاريكاتير"، وأخيراً في صحيفة"فيتو"الساخرة حيث توالت أعمالها المميزة على صفحاتها. وأشاد الفنانان المصريان المعروفان مصطفى حسين وجمعة برسومها تلك،"ما أشعرني بتميزي في هذا الفن الساخر". لا تميل حسن إلى كتابة تعليقات مطوّلة لشرح رسومها."أحب الرسوم التي تقول الفكرة من دون كلام، وأرى أن الفكرة القوية لا تحتاج إلى شرح، لكن ذلك لا يمنع أن هناك رسوماً لا بدّ من تفسيرها بتعليق". وأرجعت ندرة احتراف النساء للكاريكاتير إلى"انشغالهن بالزواج والأمومة، واتجاه غالبيتهن إلى رسوم تعبيرية حساسة يجدنها في الفن التشكيلي". وحددت مواصفات رسام الكاريكاتير الجيّد في أن يكون مثقفاً مقارنة بأي رسام عادي، وأن يعرف كل شيء ليتمكن من السخرية منه عن علم، ويتمتع بخفة ظل وقدرة على اصطياد الموقف. وأكدت:"الأهم أن يكون جريئاً ولا يخاف شيئاً، وأعتقد أن معظم رسامي الكاريكاتير الجيدين كانت لديهم مشاكل بسبب الخوف". تأثّرت حسن بعدد من رسامي الكاريكاتير، مثل محمد عبدالمنعم رخا وأحمد طوغان ومصطفى حسين ومحمود كحيل وعلي فرزات. وتشرح:"أحب أعمال رخا كثيراً، وأشعر بأنها تجمع بين الكاريكاتير والرسم التعبيري لذلك يكون تشريحه مضبوطاً بدرجة عالية، وأنبهر بأسلوبه الفني وأفكاره ومواقفه". وهي ترى أن الكاريكاتير أصبح اليوم أشهر من أي فن تشكيلي آخر،"نظراً للظروف والأحداث التي تشهدها مصر". وتلفت إلى أن"المشكلة تكمن في أن الرسوم التي تنشر هنا ليست على درجة عالية من الجودة. أشعر بأننا نقلّد بعضنا بعضاً، ربما لعدم امتلاكنا الجرأة التي يتحلى بها الرسامون الأجانب في تناول مختلف مواضيع حياتهم". وتضيف:"لا يستطيع عدد كبير منا ابتكار أفكار غير تقليدية، خصوصاً أننا نجد صعوبة كبيرة في ابتكار فكرة نوضح بها موضوعاً تمكن كتابته في تحقيق من ثلاث أو أربع صفحات". وتعتبر حسن أن لوالدها الذي علمها الرسم قبل وفاته وهي في الثانوية العامة، ولزوجها، الفضل في مشوارها الفني. وتشير:"زوجي أتاح لي فرصة دخول المجال الفني، رغم أنه كان معترضاً في البداية، لأنه يخشى جو الفن. ولإيمانه بموهبتي ساعدني في أن أكمل مشواري بثبات واجتهاد، على رغم أن كثيراً من الأزواج الشرقيين يغارون من نجاح زوجاتهم". لكن حسن رغم نجاحها، لم تهمل أسرتها وتحاول تنظيم وقتها بين العمل والبيت الذي تخصّص الجزء الأكبر من حياتها له، كما قالت. وتعترف بأن ثورة"25 يناير"ومواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية خدمت فن الكاريكاتير ليكون أكثر جماهيرية من أي وقت مضى.