يتوجه ملايين الناخبين المصريين اليوم للإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، في منافسة إسلامية-إسلامية بامتياز، وسط تحذيرات من استمرار الاستقطاب الطائفي، وتعهدات من السلطات بتلافي الأخطاء التي وقعت في الجولة الأولى. وتجرى جولة الإعادة على 52 مقعداً من بين 56 مقعداً مخصصة للنظام الفردي في محافظات المرحلة الأولى التسع، وهي: القاهرة والفيوم وبورسعيد ودمياط والإسكندرية وكفر الشيخ وأسيوط والأقصر والبحر الأحمر. وتستثنى دائرة واحدة هي دائرة المعادي وحلوان القاهرية من الإعادة، بعدما حسم مقعديها فوز الصحافي مصطفى بكري عن الفئات، ومرشح «الإخوان المسلمين» رمضان أحمد سالم عن العمال. ويدور التنافس اليوم على مقعدي العمال والفئات في بقية الدوائر، عدا دائرة مصر الجديدة التي فاز فيها الخبير السياسي الدكتور عمرو حمزاوي بمقعد الفئات، والدائرة الأولى في بورسعيد التي فاز بمقعد الفئات فيها مرشح «الإخوان» أكرم الشاعر. وتتم تلك الجولة بإشراف قضائي كامل بمعرفة 10 آلاف و143 قاضياً في المحافظات التسع التي يتنافس فيها 104 مرشحين. ويتنافس في غالبية دوائر تلك الجولة مرشحون من التيار الإسلامي بعضهم في مواجهة بعض، إذ يتنافس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، وحزب «النور» السلفي على 22 مقعداً، ما يعني أن هذه المقاعد حسمت سلفاً لمصلحة الإسلاميين، فيما ينافس 23 مرشحاً آخرين من «الحرية والعدالة» أمام مستقلين أو محسوبين على التيار الليبرالي. وكان لافتاً إعلان تحالف «الكتلة المصرية» الليبرالي دعمه القاضي الإصلاحي المدعوم من «الإخوان المسلمين» المستشار محمود الخضيري، في مواجهة القيادي السابق في الحزب الوطني المنحل طارق طلعت مصطفى على أحد مقاعد الاسكندرية، فيما ستكون دائرة مدينة نصر تحت الأضواء حيث يتنافس على مقعد الفئات فيها مؤسس «حزب العدل» مصطفى النجار والقيادي السلفي محمد يسري. وستعود دائرة شبرا إلى الواجهة، حيث ينافس فيها مرشحُ «الكتلة المصرية» القبطي جون طلعت مرشحَ «الحرية والعدالة» فهمي عبده، علماً أن الدائرة كانت مركزاً للاستقطاب الديني في المرحلة الأولى، كما تجري منافسة قوية على مقعد قصر النيل القريب من ميدان التحرير بين مرشح «الكتلة المصرية» محمد أبو حامد ومرشح «الحرية والعدالة» عمرو خضر. ودعا نائب رئيس حزب «الوسط» الإسلامي التوجه عصام سلطان جميع التيارات الدينية إلى أن تبتعد عن استخدام الشعارات الدينية في المراحل المقبلة من الانتخابات. وأكد في بيان أن «ما تم رصده بالنسبة إلى أداء العديد من التيارات الإسلامية من استخدام العبارات الدينية أمام اللجان في المرحلة الأولى، أمر لن يقبله المواطنون في المراحل المقبلة». وحض «جميع الأحزاب الدينية على التعامل مع الانتخابات من منظور سياسي وليس دينياً»، محذراً من أنه «في حال تجاوز المسار الوطني في العملية الانتخابية، ستتم العودة إلى ميدان التحرير والاعتراض على أداء الاحزاب التي لا تلتزم بهذا المسار». وانتقد «عدم تعامل اللجنة العليا للانتخابات مع التجاوزات التي رصدها العديد من المواطنين ضد بعض الأحزاب الدينية خلال المرحلة الأولى من الانتخابات، وذلك قد يؤدي إلى استمرار، بل مضاعفة التجاوزات في المرحلة المقبلة». وكان سلطان اتهم «الحرية والعدالة» باستخدام شعارات دينية وتقديم رشاوى انتخابية للحصول على الأصوات. وكانت اللجنة العليا للانتخابات أعلنت فوز قائمة «الحرية والعدالة» بأكثر من 3 ملايين ونصف المليون صوت، مثَّلت 36.62 في المئة من أصوات الناخبين، وحصلت قائمة «النور» السلفي على مليونين و300 ألف صوت، مثلت 24.36 في المئة، وحل تحالف «الكتلة المصرية» ثالثا بمليون و300 ألف صوت، بنسبة اقتربت من 15 في المئة، وجاء حزب «الوفد» في المركز الرابع ب 690 ألف صوت، يليه «الوسط» بحصوله على 415 ألف صوت، ثم «تحالف الثورة مستمرة» في المركز السادس بحصوله على 335 ألف صوت. وذيلت أحزاب الفلول الترتيب، وهى الأحزاب التي ولدت من رحم الحزب الوطني المنحل. ويبلغ عدد المقاعد المخصصة لنظام القوائم في المرحلة الأولى 112 مقعداً، ولم تعلن اللجنة عدد المقاعد المخصصة لكل حزب انتظاراً للانتهاء من إجراء الانتخابات في مراحلها الثلاث. ووضعت القوات المسلحة والشرطة الترتيبات النهائية لخطة تأمين جولة الإعادة، وتعهد مسؤولون بتلافي الأخطاء التي وقعت في المرحلة الأولى، مشيرة إلى أنها «أخطاء التجربة الأولى». وكان استمرار الدعاية الانتخابية في يوم الاقتراع -رغم مخالفتة القانون- والاستقطابُ الديني أبرزَ السلبيات التي وقعت، إضافة إلى تأخر وصول القضاة إلى بعض اللجان وتأخر وصول أوراق الاقتراع وتأخر فتح بعض اللجان. وقال مصدر عسكري ل «الحياة» أمس، إن «الأجهزة المختصة انتهت من مراجعة الخطط النهائية لتأمين اللجان والمقارّ الانتخابية، وذلك بالتنسيق مع مديري أمن ومديري مباحث المحافظات التسع». وأكد أن «الخطة تعتمد على تأمين العملية الانتخابية والوقوف على مسافة متساوية من كل الأحزاب والتيارات السياسية، على أن يكون التأمين من خارج اللجان من دون التدخل في العملية الانتخابية بأي شكل من الأشكال». وفي ما يخص تشكيل الحكومة، استمر رئيس الوزراء المكلف الدكتور كمال الجنزوري في مشاوراته أمس. وقال إن «التشكيل الحكومي ليس متعثراً، لكن تأخير إعلانه سببه إجراء الانتخابات البرلمانية، وهذا التأخر ليس تعثراً». وأوضح أنه أنهى مقابلاته واستقر على تشكيل الحكومة الجديدة ما عدا وزير واحد. وينتظر أن يعلن الجنزوري اليوم التشكيل النهائي لحكومته، ويتوقع أن تؤدي اليمين الدستورية بعد غدٍ عقب انتهاء جولة الإعادة في انتخابات المرحلة الأولى.