خرج العسكر من ثكنهم للقيام بانقلاب ليلة 23 تموز يوليو 1952 وتحول انقلاب العسكر بقدرة قادر الى ثورة تم تجميل وجهها بالمكياج والأقنعة فلبست قناع الديموقراطية أحياناً وتحالفت مع الإخوان المسلمين حيناً وللدعاية نُصّب محمد نجيب رئيساً إلى حين. لم يستمر شهر العسل طويلاً بين الإخوان المسلمين والعسكر، فسرعان ما سعى العسكر إلى التخلص منهم باصطناع مسرحيات ودعاية إعلامية مثل مسرحية حادث المنشية في الإسكندرية عام 1954. وما يثير الاهتمام في هذه الثورة هو كمية أحكام الإعدام التي صدرت من محكمة الشعب وتنفيذ هذه الأحكام أو تخفيفها إلى المؤبد أو السجن أو ربما الإقامة الجبرية... وهي أمور تبدو غريبة ومتناقضة، فمن حكم إعدام بحق إبراهيم عبدالهادي رئيس وزراء مصر الذي قتل حسن البنا تحت عينه، ثم العفو عنه الى حكم بالإعدام بحق حسن الهضيبي ثم العفو عنه، قد يبدو هذا تخبطاً في القرارات، لكنني أراه مناورات سياسية لكسب الوقت وتثبيت الأقدام وصناعة أرضية شعبية والقضاء على الخصوم السياسيين بكل الوسائل، بالدعاية وأقلام الكتّاب المأجورين أو المتبرعين طمعاً في منصب وبأحكام تصدر باسم الشعب يديرها أنور السادات وحسين الشافعي. من وقتها ثبّت العسكر أوتاد حكمهم وتنقلت السلطة بين أربعة منهم على مدار ما يقرب من ستين سنة، من نجيب المعزول إلى مبارك المخلوع مروراً بجمال عبدالناصر والسادات الذي قتل في يوم النصر. فهل سيعود العسكر الى ثكناتهم بعدما لبسوا البدل المدنية وخبروا الأضواء الإعلامية؟ أرجو ألا يكونوا قد نسوا طريق الثكنات. صديق الحكيم - بريد الكتروني