سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس حكومة اقليم كردستان يؤكد تمسكه بالإصلاح السياسي والحزبي على رغم ممانعات مراكز القوى . برهم صالح ل "الحياة" : أوضاع العراق حرجة ... ومحرجة للنخب السياسية
لا يقلل برهم صالح رئيس حكومة إقليم كردستان من مستوى التحديات التي واجهتها حكومته مع مرور العام الأول من عمرها، لكنه يؤكد انه ماض في طريق الإصلاح السياسي والحزبي في الإقليم على رغم الممانعات التي يواجهها من مراكز القوى الحزبية. "الحياة"استعرضت مع برهم صالح في حوار تطورات عمل حكومته، وسألته عن موقفه من تهريب النفط والعلاقة مع بغداد، وفي مقابل تأكيده أن المداولات مع الأطراف السياسية العراقية ما زالت مستمرة حول تشكيل الحكومة قال إن هناك المزيد من الاستحقاقات ما زالت بحاجة الى توضيح وإن"الوضع السياسي بات حرجاً للبلد ومخجلاً للنخب السياسية وغير قابل للتبرير". وهنا نص الحوار : قبل عام من اليوم ومع تسنمك رئاسة حكومة إقليم كردستان قلت إن المهمة لن تكون سهلة. فهل واجهت الصعوبات التي كنت تتوقعها؟ - واجهنا صعوبات كنا نتوقعها بالإضافة الى صعوبات جاءت خلال عملنا في الحكومة. بعض الصعوبات تتعلق بإرث الإدارتين المنفصلتين في السليمانية واربيل، وأيضاً مشاكل التجاذب الحزبي خلال التجربة الإدارية السابقة في الإقليم. المتوقع من الصعوبات والعراقيل حسبنا له حساباً عبر حزمة من الإجراءات القانونية والإدارية، مثل توحيد قوات"البيشمركة"بين إدارتي السليمانية واربيل في قوة نظامية موحدة تحافظ على أمن الإقليم كجزء من منظومة الدفاع العراقية المنصوص عليها دستورياً. لكن هناك أمور من المرحلة السابقة ما زالت معلقة مثل عدم توحيد إدارات الاسايش دائرة الأمن في شكل كامل والتي أقررنا مشروع توحيدها في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء. هناك صعوبات أخرى تتعلق بإرث المركزية في الإدارة حتى داخل كردستان حاولنا إذابتها من خلال منح المحافظات والإدارات داخل الإقليم المزيد من الصلاحيات، فليس من المعقول أن نطالب باللامركزية الإدارية في العراق ونطبق المركزية في الإقليم. الزملاء الذين سبقوني في حكومة الإقليم، وبالذات في التشكيلة السابقة، تركوا لنا إنجازات سياسية واقتصادية كبيرة يجب عدم إغفالها. أنا أنظر الى تجربة حكومة الإقليم على مدى العقدين الماضيين كإنجازات متراكمة نعتز بها كما نعتز بالتطور العمراني والاقتصادي. الملاحظ إنك سعيت الى تطبيع العلاقات الكردية ? الكردية المتوترة خصوصاً بعد بروز تيار"التغيير"المعارض... ما هي تفاصيل هذا الحراك؟ - تنقية الأجواء وإعادة ترتيب البيت الداخلي الكردي بعد صراع محتدم في انتخابات الإقليم في تموز يوليو 2009 والانتخابات العراقية في آذار مارس 2010، ضروريان حتى نبدأ بداية صحيحة في تعاطينا مع بعضنا بعضاً كحكومة وكمعارضة. ظهور معارضة حادة وغير مسبوقة في التجربة السياسية في الإقليم كان يتطلب المبادرة الى وضع أسس لعلاقة كهذه، وهذه كانت تجربة جديدة حتى بالنسبة للمعارضة نفسها. كانت نقطة الارتكاز في تعاطينا في هذا الشأن إيجاد قنوات لتصريف الخلافات من طريق البرلمان ليلعب دوره الرقابي والتشريعي في الإقليم بصرف النظر عن التجاذبات السياسية والحزبية والتأكيد على حكومة المواطنة والعمل على منع تسخير المؤسسات الحكومية لأغراض حزبية. لا أقول إننا تمكنا من كل هذا، و لكن بتقديري الأجواء أنقى والحالة أهدأ والتعامل بين المعارضة والحكومة أضحى أكثر تفاعلاً وانفتاحاً. في إطار الممارسة الديموقراطية نحن محكومون بالتعايش والاتفاق على أن لا يؤدي اختلاف الرؤى الى التضحية بمصالح الناس من طريق آليات تنفيذ البرنامج الذي أطلقناه في الانتخابات عبر الإصلاح السياسي والإداري وإنجاز حزمة مشاريع تتعلق بالخدمات ومجابهة ظواهر الفساد، وهذه كانت بعض مفردات برنامج"القائمة الكردستانية"في الانتخابات، ومن المفروض ألا تختلف كعناوين عامة مع أهداف أي حزب سياسي هدفه خدمة الصالح العام سواء كان في الحكم أو المعارضة. لكن هذه الخطوات يبدو انها واجهت ممانعات داخلية، بدليل أن البعض تحدث عن تحول برهم صالح الى وسيط بين"الاتحاد الوطني"و"التغيير"على رغم انه يشغل منصب نائب أمين عام حزب الاتحاد؟ - علينا أن نفصل بين الصراع داخل"الاتحاد الوطني"مع رفاق الأمس الذين أسسوا حركة التغيير وبين كون هذه الحركة قد أصبحت كتلة داخل البرلمان والسلطة التشريعية. موقعي كرئيس للوزراء يحتم علي أن أتعامل بعيداً من منطق الصراع الحزبي الضيق ونحن ننطلق من برنامج عمل حكومي وهو البرنامج الانتخابي للاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الحليف الديموقراطي الكردستاني وقد حرصنا على تطبيق هذا البرنامج وهذا ما وعدنا به الناس و"وعد الحر دين". عندما تقدم على إصلاحات وتغييرات تلقى ممانعة من أصحاب مصالح تتضرر من هذه التغييرات أو من مراكز تعودت على نمط وسياق تقليدي في الوضع السياسي أو الحكومي. بتقديري أن الحراك السياسي في كردستان سيستمر في ضوء استحقاقات التطوير والإصلاح وستكون هناك تجاذبات سياسية في سياق التعددية السياسية التي أصبحت واقعاً مترسخاً في مجتمعنا ويجب أن نتعامل معه طالماً هو في إطار خدمة الصالح العام. - خيار أن تصبح حركة"التغيير"حزباً أو فصيلاً مختلفاً عن"الاتحاد الوطني"اتخذه قادة"التغيير"ولم نعارضه من منطلق أن هذا شأن ديموقراطي بصرف النظر عن أسباب هذا الموقف. أنا هنا أتحدث عن تيار سياسي نال إجازة العمل الحزبي وشارك بتجربتين انتخابيتين على مستوى الإقليم والعراق في شكل مستقل وواجبنا هو إيجاد قنوات قانونية وسياسية ودستورية لتنظيم العلاقة كما تقتضي العملية السياسية. الأجواء بين"الاتحاد"و"التغيير"ربما أفضل اليوم عما كانت عليه في السابق وأملي أن يتم التطبيع بين الطرفين لأن المشاحنات والسجالات الحادة مضرة لكلينا وللإقليم والبلد في شكل عام. التطبيع يجب أن يشمل العلاقات بين كل القوى الكردستانية وليس لحسابات سياسية متعلقة بالصراعات والمنافسات الحزبية القائمة، ويجب أن يكون مستنداً الى الإصلاح السياسي والحكومي وحماية تجربة كردستان في مواجهة التحديات القائمة والمقبلة ويتطلب تهدئة بين الأطراف السياسية وحواراً هادفاً بينها، ليس فقط بين"التغيير"و"الاتحاد"وانما بين كل القوى الأساسية. واجهتك ردود فعل غير مرحبة داخل أوساط"الاتحاد"عندما اتخذت إجراءات"جريئة"مثل تقنين مخصصات الحزبين الرئيسيين ومصروفاتهما ما حقيقة ذلك؟ - تقنين النفوذ المالي للحزب وتنظيم الحياة الحزبية بقوانين وإجراءات شفافة كانت جزءاً من برنامج القائمة الكردستانية وجزءاً من برنامج الاتحاد الوطني الكردستاني الذي أكد عليه في المؤتمر الثالث للحزب. نحن سائرون في تطبيق هذا التوجه فعلاً لأننا وعدنا الناس ويجب أن نفي بوعودنا. خلال التطبيق العملي لهذه الإجراءات ظهرت ممانعات بالفعل ونتوقع أن تظهر الممانعات عندما يتعلق الأمر بمراكز القوى المختلفة لكنني كنائب للأمين العام للحزب ملتزم بهذا البرنامج وأعتقد أن كل حزبي مخلص يجب أن يلتزم به. الحزب تحمل وزر ممارسات خاطئة تسببت بالقصور الإداري والخدماتي. وقد سبق للأمين العام للحزب الرئيس جلال طالباني أن أطلق برنامجاً للإصلاح الحزبي لفك العلاقة المتشابكة بين الحزب والحكومة، كما أن رئيس الإقليم مسعود بارزاني يؤكد دوماً ضرورة الالتزام بعملية الإصلاح وتكريس مفهوم حكومة المواطنة. لن تثنينا الممانعات وتداعياتها عن سلوك هذا الطريق فلا يمكن الاستمرار بمرحلة التداخل بين الحزب والحكومة وفي إطلاق العنان للنفوذ الحزبي من أجل مصالح شخصية ضيقة. الإصلاح السياسي والحكومي استحقاق لا يمكن تجاوزه وعلينا أن نستمر في هذا العمل ولم نستكمل متطلباته بعد. ينتظرنا المزيد من العمل الجدي في هذا المجال. وهل لمست ترحيباً شعبياً من سكان الإقليم بهذا التوجه؟ - في تقديري أن الناس تعرف أن هذه الإجراءات هدفها تقنين الإمكانات المالية في الإقليم لخدمة المصلحة العامة. يقال أيضاً أن برهم"جازف"باستعداء الوسط الحزبي عبر تهشيم بعض مكامن الفساد فيه؟ - لا أستطيع أن أطلق عليها"مجازفة"وانما أجد في هذه الإجراءات حاجة لإعطاء قيمة جديدة للعمل الحزبي الذي لا تقوم التجربة الديموقراطية من دونه. الأمر لا يتعلق باحتواء الدور الحزبي. بالعكس أرى فيه تكريساً وتعزيزاً للحياة الحزبية الصحيحة في نظام ديموقراطي. وأن يكون ذلك في إطار القانون وفي المجالات التي تؤسس لتجربة حزبية رائدة في كردستان تنقلنا من الحزب الثوري والشرعية الثورية الى حزب الشرعية الديموقراطية، حزب للتحولات الديموقراطية وحزب للمشروع التنموي الإصلاحي، وهذا ما أكده مؤتمر الحزب ومواثيقه. القاعدة العريضة للحزب كانت متجاوبة مع هذه الإجراءات. فالسطوة الحزبية التقليدية مهما كانت كبيرة هي أقل من القاعدة الشعبية للحزب والتي بدورها تتجاوب مع المصلحة العامة باعتبارها أقرب الى الناس من الحلقة الضيقة لنفوذ مراكز القوى هنا وهناك. هل لك أن تكشف لنا المبلغ التقديري الذي وفرته إجراءات تقنين مصروفات الأحزاب السياسية في الإقليم لمصلحة موازنة الحكومة؟ - سأترك هذا للمحاسبين القانونين ليقدروا ذلك. وعدت بإطلاق سلسلة قوانين للقضاء على الفساد الإداري والمالي في الإقليم ما الذي تحقق في هذا المجال؟ - بدأنا بتوحيد جهاز الرقابة المالية ولدينا مشروع متكامل لإنشاء هيئة النزاهة الكردستانية ينتظر إقرار البرلمان واستعنا منذ عهد الحكومة السابقة برئاسة الأخ نيجيرفان البارزاني بخبرات دولية لوضع خريطة الطريق ل"الحكم الرشيد"وتأهيل مؤسسات الإقليم لمكافحة الفساد. واتخذنا حزمة إجراءات قانونية ضد العديد من الفاسدين لا نريد أن تكون في إطار الضجيج الإعلامي ولا أريد استباق القول الفصل للقانون حولها. نحن كحكومة إقليم نتعامل مع الفساد باعتباره ملفاً شائكاً عبر إجراءات قانونية رادعة وليس بالضجيج والمزايدة السياسية. هل عالجت حكومتكم قضية تهريب النفط في الإقليم التي أثيرت أخيراً وهل كان لديك علم بها قبل الكشف عنها إعلامياً؟ - ملف النفط شائك سواء في العراق أو في الإقليم. وقضية تهريب النفط مشكلة عراقية وليست خاصة فقط بالإقليم. اعتقد أن الحل الصحيح يبدأ بقانون النفط والغاز الذي اتفقنا عليه وأجلته اعتبارات سياسية لا تنطلق من رؤية وطنية سليمة حول كيفية إدارة هذه الثروة التي اصبحت نقمة على الشعب العراقي بدلا من أن تكون نعمة له. المبدأ الدستوري موجود وهو يفي باحتياجات السياسة النفطية للإقليم وللعراق ككل وأعتقد أن هذا الموضوع سيكون ملفاً مستعجلاً على طاولة الحكومة المقبلة. العراق بحاجة الى تبني سياسة نفطية هدفها تعظيم وارداته وتسخيرها لإعمار البلد والسياسة الحالية فشلت في زيادة الإنتاج والتصدير ولم تلبي متطلبات الإعمار والتنمية. كنا قد تقدمنا قبل أشهر بمقترح مفصل الى رئيس الوزراء نوري المالكي واستحصال موافقة مجلس الوزراء الاتحادي كمدخل لحل مشكلة العقود النفطية. لكن مع الأسف لم يتم تفعيل هذه المقترحات بسبب اشتراطات وإجراءات حالت دون تنفيذ الاتفاق بمعاودة تصدير النفط وبذلك خسرت وتخسر الخزينة العراقية ملايين الدولارات من واردات النفط يومياً. في ما يتعلق بتهريب النفط، أؤكد أن قرارنا هو منع أي تهريب للنفط الخام وقمنا أيضاً بتنفيذ إجراءات لتنظيم تجارة المشتقات النفطية والتي يأتي قسم منها من المصافي في بيجي والدورة وبموافقات رسمية من وزارة النفط العراقية. نلتزم بالقانون والدستور ولكن منع التهريب يتطلب سياسة عراقية شاملة على طول الحدود وليس فقط في إقليم كردستان. أكدنا ونؤكد استعدادنا للتعاون العملي مع الحكومة الاتحادية في هذا المجال بعيداً من السجالات الإعلامية. كيف ترى واقع الاتحاد الوطني الكردستاني بعد عام على الانتخابات؟ - مؤتمر الحزب الثالث كانت فرصة مهمة للنهوض بالاتحاد واطلاق مشروع الإصلاح السياسي وتجديده كمدخل لجهود إنهاء الأزمة التي ألمت بالحزب جراء الانشقاق وحالة الترهل وتراكم المشاكل. كانت هناك مراجعة نقدية صريحة لواقع الحزب ومشاكله وتم تبني قرارات مهمة وطموحة. العبرة في التطبيق والإقدام العملي على هذه الإصلاحات ولا مناص من البدء بعملية الإصلاح السياسي من دون تردد لإنهاء ممانعات مراكز القوى والتجاذبات الشخصية. اعتقد أن حزباً بهذا التاريخ الطويل والدور التاريخي الذي لعبه زعيمه جلال طالباني على مستوى كردستان والعراق ككل وعلى المستوى الدولي لا يمكن أن يترك للأقدار والتصارع الحزبي والذي بات يشكل خطراً على مستقبله. الاتحاد حزب أمجاد ومآثر نضالية وتاريخية كبيرة لنا أن نعتز بها. لكن لا يمكن الاعتماد على هذه الأمجاد وحدها بل إن الواجب هو الإقدام على الإصلاحات السياسية والتنظيمية وأن نتجاوب مع استحقاق التجديد لكي نكون حزب المستقبل أيضاً. يقال إن برهم صالح نقل حركة الإعمار من اربيل الى السليمانية هل هذا صحيح؟ - واجبي يقتضي أن أخدم البلد ككل وكرئيس حكومة الإقليم علي الإيفاء بتعهداتي وتعهدات القائمة الكردستانية أمام الناخبين في كل إقليم كردستان. لا إعمار للسليمانية على حساب اربيل وبالعكس، ولكن لكوني ابن السليمانية أعرف أنها كانت في الأعوام السابقة ضحية لتجاذبات حزبية وسياسية أثرت على حركة الإعمار فيها، واقتضى أن نقوم برعاية خاصة ولكن ليس على حساب اربيل والمدن الأخرى التي أخذت وتأخذ طريقها في الإعمار. ماذا أنجزتم في مجال جذب الاستثمارات الخارجية خلال عام من عمر الحكومة؟ - هدفنا منذ اليوم الأول للعمل الحكومي كان تكريس إقليم كردستان كنقطة جذب استثماري للعراق. حضرنا مؤتمراً في الإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن، ونظمنا مؤتمراً في إقليم كردستان لجذب الاستثمارات العربية والخليجية ونظمنا مؤتمراً آخر في لندن لجذب الاستثمارات الدولية. الاستثمارات الخليجية لها حصة كبيرة في العمل داخل الإقليم ونأمل أن ترتفع في شكل متواصل. فالأوساط الاستثمارية الإقليمية والدولية أشادت بقانون الاستثمار في الإقليم باعتباره عامل جذب وهناك استقرار أمني يساعد على الاستثمار مدعم بالعلاقات السياسية الوطيدة مع دول العالم. بحسب تقديرات هيئة الاستثمار في كردستان أن حجم الاستثمارات الخاصة تجاوز 13 بليون دولار. وعدتم قبل عام بانفتاح سياسي لإقليم كردستان في مقارباته مع الحكومة المركزية في بغداد... ماذا تحقق في هذا الجانب؟ وما هي الخطوات المتعثرة؟ - الدستور كان وما زال نقطة انطلاقنا في التعاطي مع المشكلات القائمة مع بغداد، وهي مشكلات تتعلق في جوهرها بالأطر التي يجب تبنيها عراقياً لتنظيم العلاقة بين بغداد والإقليم، ولا تنطلق من خلافات"عربية ? كردية". ورؤيتنا أن الحكومة الاتحادية هي حكومة للعراق كله وحكومة الإقليم هي جزء من تشكيلات الدولة الاتحادية تأسست وفق الاستحقاق الدستوري. لا يمكن أن يكون إقليم كردستان منطلقاً للانعزال القومي ورهاب الماضي مع بغداد، ولا يمكن أن يكون تعاطي الحكومة المركزية من منطلق إرث الماضي المركزي الديكتاتوري طالما أن الخيار الذي اجتمعنا عليه كلنا هو المشروع الوطني الديموقراطي الاتحادي. لا شك عندي في أن تطور كردستان واستقراره وازدهاره مرهون الى حد كبير بنهوض واستقرار العراق الديموقراطي الاتحادي واستطيع القول إن نجاح كردستان رافد أساسي لنجاح العراق فمصالحنا مترابطة ومتلازمة سياسياً وأمنياً واقتصادياً، على هذا الأساس تعاطينا مع القضايا المعلقة مع بغداد وبدأنا بحل قضية المستحقات المالية للإقليم، وكان هناك تعزيز للتعاون بين الأجهزة الأمنية والعسكرية وشهد التعاون بين الوزارات المختلفة تطوراً جيداً. لكن استحقاق الانتخابات النيابية وتداعيات أزمة تشكيل الحكومة دفع الى تأجيل البت النهائي في عدد من القضايا الأخرى. نحن بانتظار أن ينجلي الموقف عن الحكومة الجديدة حتى نبدأ بحل ما تبقى من القضايا العالقة التي نصنف بعضها على انه"دستوري"يتعلق بالاختلاف حول تفسير الدستور، والآخر على انه"إجرائي"يتعلق بالشؤون الإدارية اليومية. لكن هناك قضايا مثل مشكلة كركوك تدخل في نطاق ورقة العمل التي قدمها ائتلاف الكتل الكردستانية حول تشكيل الحكومة؟ - الحل في قضية كركوك والمناطق المتنازع عليها ضمن المادة 140 يكون بالضرورة عراقياً ودستورياً، النظام السابق تعمد دق إسفين في العلاقات بين المكونات العراقية. الحكومة العراقية مطالبة بوضع مقاربات وطنية تجاه ملف كركوك والمناطق المتنازع عليها عبر خريطة طريق وضعها الدستور العراقي في المادة 140 عبر إزالة آثار سياسيات التطهير العرقي. هذا استحقاق دستوري ويجب حله بإحقاق الحق وإزالة المظالم التي وقعت بحق أهالي كركوك وما من شأنه تعزيز الألفة بين العراقيين وتجاوز آلام الماضي. "ائتلاف الكتل الكردستانية"هي الجهة المخولة من القيادة الكردستانية للتفاوض مع الكتل البرلمانية الأخرى على ورقة المطالب الكردستانية وما يتفق عليه سيبقى في النتيجة على صعيد وضع برامج التنفيذ خصوصاً في الجانب الإداري شأن حكومي بين حكومة الإقليم وحكومة بغداد المقبلة. إقليمياً يبرز الدور التركي بوضوح ما هو مستوى العلاقات مع تركيا اليوم بعد مرحلة تأزم سابقة؟ - تركيا بلد مهم مرشح أن يلعب دوراً كبيراً في الشرق الأوسط ويجب أن تكون لنا مع تركيا والدول العربية وكذلك مع إيران علاقات بناءه في كل المجالات. تجمع العراقبتركيا اليوم علاقات متميزة. تم عقد اتفاقات استراتيجية بين البلدين والجانب الأهم من الاستثمارات التركية يقع في إقليم كردستان. لا أعتقد أن الإشكالات الأمنية والسياسية هي المنفذ الوحيد للتعاطي التركي معنا. فالعلاقات المتميزة يمكن أن تشكل مجالاً رحباً للاستثمار البناء بين الطرفين. في لقاءاتي مع القادة الأتراك لمست رغبة تركية في تأسيس علاقات متميزة في إقليم كردستان والعراق من شأنها أن تفتح أبواباً مهمة للتكامل السياسي والاقتصادي للمنطقة برمتها. العراق بما فيه إقليم كردستان عانى من نتائج الانعزال الإقليمي والدولي كنتيجة لسياسات النظام السابق الذي كان عامل توتر في المنطقة. نريد اليوم أن تتحول المنطقة الى بقعة ناعمة بالأمن والاستقرار والازدهار ونريد أن نكون جزءاً من منظومة إقليمية فاعلة لدعم الاستقرار والأمن والتعاون الاقتصادي. ما هو أصل تحذير حكومتكم من محاولات ضرب أمن الإقليم على يد منظمات إرهابية كأنصار الإسلام؟ - على رغم الإنجازات في المجال الأمني وما تحقق من ازدهار واستقرار في الإقليم يبقى احتمال تعرض الإقليم الى الأذى من قبل إرهابيين واقعاً لأن الإرهاب موجود وإن كان يلفظ أنفاسه الأخيرة. كان لأنصار الإسلام وكتائب كردستان في تنظيم القاعدة محاولات لاستهداف أمن الإقليم. إعلاننا السابق عن تهديدات إرهابية للإقليم جاء على خلفية الحيطة والحذر وكمعالجة استباقية وجزء من حالة استنفار أمني ارتأيناه لمواجهة ما رصدناه من محاولات إرهابية. ما هي آخر المقاربات الكردية في ملف تشكيل الحكومة. هل أنتم أقرب الى تجمع علاوي - الحكيم أم المالكي - الصدر؟ - الورقة الكردستانية التي قدمت الى المفاوضات تركز في جوهرها على تأسيس حكومة شراكة وطنية مستندة الى الدستور. ومداولات الوفد الكردستاني مع التحالف الوطني كانت مهمة ومثمرة من حيث الوصول الي تفاهم و تقارب كبير في الرؤى وكنا قد شخصنا سابقاً أن ترشيح الآخ المالكي من قبل التحالف الوطني دافع لحلحلة الأوضاع والانتهاء من هذه الأزمة والإتيان بحكومة شراكة حقيقية ممثلة للمكونات الأساسية. مداولاتنا مع الإخوان في المجلس الأعلى إيجابية ومتواصلة ولدينا تفاهمات مبنية على تاريخنا المشترك في النضال ضد الاستبداد. والمداولات مع الإخوة في"العراقية"مستمرة ونحرص على مشاركتهم في التشكيلة المقبلة ولكن نحن بحاجة الى توضيح المواقف حيال الاستحقاقات السياسية والدستورية وحسمها قريباً. ونؤكد أنه لا يمكن الاستمرار في هذه الدوامة. فالوضع بات حرجاً للبلد ومخجلاً للنخبة السياسية وغير قابل للتبرير. هل أنت مستعد لممارسة أدوار سياسية في بغداد أم تفضل البقاء في منصبك الحالي؟ - بالنسبة لي فان الموقع في بغداد أو اربيل يشكل خدمة للمشروع الوطني الديموقراطي عندما كنت في بغداد خدمت الخيار في تكامل كردستان مع عراق ديموقراطي اتحادي وأنا في اريبل الآن يبدو المشروع الوطني العراقي الذي يشكل كردستان نافذة عافية فيه وإن شاء الله أبقى برسم خدمة شعبي في أي مكان أو موقع. ماذا عن الموقف من رئاسة الجمهورية... هل انتم متمسكون بهذا المنصب لجلال طالباني؟ - الأطراف الكردستانية متمسكة بترشيح طالباني لرئاسة جمهورية العراق وهناك إجماع كردستاني حول هذا الموضوع وكما أن أطراف سياسية واسعة في العراق أبدت تأييدها لترشيح مام جلال، ليس فقط لكونه مرشحاً من إقليم كردستان ولكن أيضاً لكونه رمزاً وطنياً عراقياً، وما يتوسم فيه من دور حيوي لتوحيد الصف الوطني العراقي وأن يكون راعيا لكل الفرقاء العراقيين ونحن في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلد. كيف تقيم أداء رئيس الإقليم مسعود بارزاني هل واجهت اعتراضات منه على بعض الإجراءات الحكومية؟ - الرئيس بارزاني أول رئيس منتخب شعبياً في إقليم كردستان، وإضافة الى صلاحياته القانونية فهو يمثل رمزاً شاخصاً للتاريخ والنضال الكردي وأنا في تواصل دائم معه حول الأوضاع والمستجدات. للتاريخ أقول إن الرئيس بارزاني كان داعماً لحكومة الإقليم وعزز كرئيس للإقليم من قدرات الحكومة في مواجهة المشاكل سواء ما تعلق بمعالجة مخلفات الإدارتين المنفصلتين للإقليم أو التداخل الحزبي والحكومي. بارزاني يؤكد علينا دوماً على ضرورة التزام كلمتنا أمام الناس وأنا أقدر دعمه ومساندته تقديراً كبيراً وله مني ومن زملائي في مجلس الوزراء كل الامتنان والتقدير.