انطلقت في عمان أمس أعمال المؤتمر الإقليمي لمكافحة الفساد في المنطقة العربية بمشاركة 17 دولة عربية، ويتوقع أن يطلق اليوم المبادرة الإقليمية الجديدة للنزاهة ولمكافحة الفساد التي سينفذها البرنامج خلال السنوات الثلاث المقبلة بالتعاون مع عدد من الشركاء الإقليميين والدوليين. وفي كلمة افتتح بها المؤتمر، نيابة عن رئيس الوزراء سمير الرفاعي، قال نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية نايف القاضي إن الأردن أولى اهتماماً كبيراً لتوطيد الأسس التشريعية والمؤسسية لمكافحة الفساد وترسيخ قيم النزاهة والشفافية والحاكمية الرشيدة في القطاعين العام والخاص. وأكد القاضي إن محاربة الفساد مسؤولية مشتركة بين المؤسسات العامة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، لترسيخ قيم النزاهة وتفعيل الثقافة المجتمعية الرافضة للفساد، مضيفاً أن تفاعل الأردن الإيجابي مع الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الفساد يأتي إيماناً منه بأن الوقاية المبكرة من الفساد يجنب اقتصاده ومجتمعه النتائج المدمرة لهذه الظاهرة الخطيرة. وأعرب عن اعتقاده بأن المؤتمر سيعزز علاقات الترابط بين الأجهزة العربية المعنية بمكافحة الفساد وتفعيل آليات النزاهة في القطاعين العام والخاص والاطلاع على الممارسات الجيدة لتستفيد منها الأجهزة المعنية. وقال رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو إن المنطقة العربية بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مزيد من التعاون على المستويين الإقليمي والدولي لتعزيز قيم النزاهة والشفافية والحاكمية لمنع الفساد والوقاية منه. واعتبر بينو أن سياسات تحرير الاقتصاد العالمي من القيود، وضعف أسس الحكم الرشيد والحاكمية المؤسسية في القطاعين العام والخاص وغياب قيم النزاهة، كان لها الدور الكبير في إتاحة الفرصة لممارسات الجشع والفساد والسعي للثراء السريع كي تصبح من بين أهم الأسباب التي أدت إلى الأزمة المالية العالمية في 2009، التي ما زال الاقتصاد العالمي يعاني من تداعياتها وتدفع الشعوب ثمناً باهظاً لها. وأضاف أن الهدف من هذا المؤتمر هو تشجيع حوار تشاركي رفيع المستوى من أجل المساهمة في توجيه الحوار الإقليمي الخاص بموضوع مكافحة الفساد نحو استكشاف الحلول التي تستند إلى المعايير الإقليمية والدولية والممارسات الجيدة التي تأخذ في الاعتبار خصوصيات الظروف المحلية لبلدان المنطقة، والاطلاع على الجهود المبذولة من قبل الدول العربية في مجال مكافحة الفساد. أما الوزير المفوض في إدارة الشؤون القانونية في جامعة الدول العربية عبد الله حامد الكيلاني فقال إن التوقيع على مشروع الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد سيتم خلال اجتماع مشترك لوزراء العدل والداخلية العرب يعقد في النصف الأول من كانون الأول ديسمبر المقبل. ووصف الاتفاقية بأنها تشكل"إطاراً قانونياً إقليمياً يكمل ويعزز تطبيق اتفاقية الأممالمتحدة على الصعيد العربي، وتنبثق منها آليات إقليمية ينظمها مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد". ونوه الكيلاني بمساهمة الجامعة العربية في صياغة مشروع قانون عربي استرشادي لمكافحة الفساد، مضيفاً أن الدول العربية حققت خطوات مهمة في مجال سن وتطوير التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد ووضع وتعزيز آليات الوقاية والمكافحة، وتطوير الاستراتيجيات الوطنية في هذا الشأن. وحض رئيس مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد النائب العام في قطر الدكتور علي المري الدول التي لم تصبح بعد طرفاً في الاتفاقية على الانضمام إليها قريباً لأنها الآلية العالمية الوحيدة التي تتعامل مع مختلف جوانب الفساد بما في ذلك الجوانب المتصلة باسترداد الموجودات والإرهاب والوقاية من الفساد وتوفير أسس لتعزيز التعاون الدولي لتشجيع المساعدة القضائية المتبادلة وتسليم المجرمين لتقديمهم إلى العدالة وتنظيم بناء القدرات والمساعدة التقنية للدول الأطراف. أما رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اليمن ورئيس الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد أحمد الأنسي فقال إن هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى بناء أسس أكثر استدامة للعمل على تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد مما يحتاج إلى التزام طويل الأمد وجهد كبير. وحض الأنسي الأجهزة والمؤسسات والهيئات الحكومية والقضائية المعنية بمكافحة الفساد على الانضمام إلى الشبكة العربية، داعياً كل أعضاء الشبكة إلى تشجيع الجهات الوطنية الأخرى في دولهم التي لم تنضم إلى الشبكة بعد على الانضمام إليها. اما المنسق المقيم للأمم المتحدة في عمان والممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة الانمائي لوك ستيفنز فوصف الفساد بأنه يضر بالتنمية البشرية لأنه يحول الموارد العامة لمكاسب خاصة ويخفض الخدمات العامة المقدمة للناس ويهدد الديموقراطية. ونسب الى بعض الدراسات قولها إن كلفة الفساد تتجاوز كلفة أية جريمة أخرى، قائلاً إن احصاءات معهد أبحاث البنك الدولي تشير الى أن أكثر من ألف بليون دولار تدفع سنوياً كرشاوى في العالم كله، وأن دراسات البنك الآسيوي للتنمية تظهر أن الفساد يكلف بعض الدول 17 في المئة من ناتجها القومي الإجمالي. وأوضح ستيفنز أن 16 دولة عربية انضمت الى اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد متوقعاً أن توفر المصادقة على آلية مراجعة تنفيذ الاتفاقية فرصاً إضافية لتعميق التعاون خصوصاً بين دول الجنوب في هذا المجال. ويبحث المؤتمر على مدار يومين في تعزيز الحكم الرشيد في البلدان العربية وتمكين المشاركين من تحديد توصيات قابلة للتنفيذ تسهم في تعزيز النزاهة في القطاعين العام والخاص، إضافة إلى إتاحة المجال أمام المشاركين لمعرفة آخر الخطوات والتدابير والإنجازات التي قامت بها بلدانهم في مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، بما في ذلك جهود تنفيذ اتفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد. ويشارك في المؤتمر، الذي ينظمه المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأممالمتحدة الإنمائي وهيئة مكافحة الفساد في الأردن، ممثلون عن هيئات مكافحة الفساد في الجزائر والعراق ومصر والبحرين وجيبوتي والسعودية والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وسلطنة عمانوقطر وفلسطين والسودان وتونس والإمارات واليمن ومؤسسات مجتمع مدني مختصة بموضوع مكافحة الفساد، إضافة الى ممثلين عن جهات حكومية أجنبية ومنظمات غير حكومية أجنبية. ويتوقع أن يطلق المؤتمر اليوم المبادرة الإقليمية الجديدة للنزاهة ولمكافحة الفساد التي سينفذها البرنامج خلال أعوام 2010-2013، بالتعاون مع عدد من الشركاء الإقليميين والدوليين.