شدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان على"وجوب الحفاظ على التجربة اللبنانية القائمة على التنوع والعيش المشترك بين الطوائف"، مكرراً الإشارة إلى أن"الدستور اللبناني هو الدستور الوحيد في العالم الذي يكرس هذه التجربة من خلال إعطائه الطوائف دوراً في الحياة السياسية، ما يجعل من لبنان ميزة فريدة يجب الحفاظ عليها". وكان سليمان عرض تطورات تشكيل الحكومة مع النائبين محمد رعد وحسين الموسوي حزب الله واطلع من وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل على المعلومات المتوافرة عن محطة الباروك. واكد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني حرصه على أن"تشكل الحكومة في أجواء سياسية مريحة بعيدة من التشنجات والطروحات غير الدستورية". ورأى أن"هناك محاولات من جانب البعض ترمي إلى المس باتفاق الطائف عبر التجاذبات السياسية للحد من صلاحيات رئيس الحكومة المكلف في تشكيل الحكومة سعد الحريري بالتعاون مع رئيس الجمهورية بحسب الدستور". وأشار إلى أن"تعديل النظام في لبنان اليوم غير وارد، وأي كلام عن هذا الأمر في الظروف الحالية يفضح المعرقلين الذين باتوا يفتشون عن أي طرح ولو من عالم الخيال ليعرقلوا به تشكيل الحكومة لأغراض باتت معروفة، ولا تخفى على عاقل". ووصف قباني"العرقلة التي تحيط بتشكيل الحكومة بأنها تأتي ضمن مسلسل شل الدولة ومؤسساتها الدستورية بأساليب متنوعة ومتعددة الأَوجه، على غرار ما شهده لبنان من وسائل التعطيل سابقاً". وانتقد بعض السياسيين الذين"يسعون لممارسة دور الأكثرية النيابية تحت عناوين التوافق والشراكة وصيغة العيش المشترك، وهم يخوضون حرباً ضروساً لتفكيك الأكثرية في إطار سياسة الضغوط والتعطيل وفي غياب الممارسة الديموقراطية الحقيقية". وإعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة أن"تأخير تشكيل الحكومة من طريق المطالب التعجيزية من شأنه تعطيل حكومة كل لبنان"، مشيراً إلى أنّ"لبنان والمنطقة يمران بمرحلة بالغة الأهمية والحساسية في آنٍ معاً، ما يتطلب تضافر الجهود لعدم السماح بالانزلاق مجدداً إلى أتون الأزمات والمواجهات الداخلية". ولفت السنيورة إلى أنّ"أمام اللبنانيين اليوم فرصة جديدة لتفعيل عمل المؤسسات ولاختبار قدراتهم على إدارة شأنهم العام من دون تدخلات معرقلة أو معطلة". وسأل الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي، الذي زار امس الحريري،"أصحاب الشروط والشروط المضادة ومن يطلقون الشعارات أين يمكن أن تصل اليه الحال في البلاد في ظل غياب حكومة قادرة تتحمل مسؤوليتها أمام النواب وتكون منبثقة عن الارادة الشعبية التي عبّر عنها اللبنانيون في الانتخابات النيابية الاخيرة؟ وهل فكر هؤلاء ماذا يعني تفريغ البلاد من سلطة متماسكة تستطيع مواجهة التحديات واتخاذ القرارات التي تؤشر اليها جملة معطيات اقليمية ودولية؟ وكيف سيستطيع لبنان بالتالي أن يكون على مستوى هذه الاحداث ليتفاعل معها كي لا تأتي المستجدات على حسابه؟". ورأى ميقاتي ان"في المواقف الايجابية التي صدرت الايام الماضية من قيادات في الاكثرية والمعارضة على حد سواء، باباً يمكن الولوج منه الى ابراز القواسم المشتركة بما يسهل على الرئيس المكلف عملية التأليف، خصوصاً اذا ما غلّبت هذه القيادات المصلحة الوطنية على ما عداها"، وقال:"إن الحديث عن أي تعديلات دستورية هو في غير مكانه لأنه يجب تطبيق اتفاق الطائف كاملاً ومن ثم البحث في ما يمكن إدخاله من تعديلات بعد توفير الأجواء الملائمة لذلك". واعتبر وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال ابراهيم شمس الدين أن"خصوصية الدروز لبنانيتهم"، معتبراً أن"سلوك بعض السياسيين الشيعة يستبطن الفيديرالية". وقال شمس الدين في حديث ل"وكالة الأنباء المركزية"أمس، إن"الحكومة ليست لجنة مندوبين والرئيس المكلف سعد الحريري يملك صلاحية التشكيل"، معلناً أنه لا يخاف من البطريرك الماروني نصر الله صفير على عروبته، ومؤكداً أن"السياسيين لم يبقوا مجداً للبنان ليتنازع عليه". والتقى الحريري النائب نقولا فتوش الذي نبه الى ان"كل انسان آخر غير الرئيس سليمان والرئيس المكلف الحريري يتحدث عن حقه في التدخل في امر تشكيل الحكومة يخالف الدستور"، وأشار الى ان بعض الوزراء في حكومة تصريف الاعمال"مع الاسف يمارسون سيلاً من الكلام يخرج عن نطاق تصريف الأعمال"، وقال ان"احداً لا يحق له أن يتمسك بأي وزارة. اما القول ان الوزارة حكر لطائفة او لفئة معينة من الناس، فهذا نوع من الخصخصة للحكومة وأمر لا يقره لا الدستور ولا القانون". ورد عضو"كتلة المستقبل"النيابية محمد المشنوق خلال تمثيله الحريري في حفل افطار على"الحملة الاعلامية السورية المتعلقة بلبنان"، قائلاً:"الكلام من نوع ان مشكلاتنا كبيرة واننا نحتاج الى دوحة -2 وطائف -2 او 3 يعني ان الذي لديه عادة لا يبطلها لأن الذي يريد التهديد عليه ان يتوقع منا ان نوقّع ونحن لن نوقّع، وقعّنا مرة لنحفظ السلم الاهلي ولن نوقّع الا على تنفيذ الطائف". وأكد النائب ميشال فرعون عضو الكتلة نفسها أن"ما نشهده اليوم على مسار تأليف الحكومة هو أخذ عملية التأليف رهينة". وقال:"على رغم السقف المتفق حوله، أي عدم زعزعة الاستقرار والبقاء على صيغة 15-10-5 ، لا أتوقع إمكان التأليف قبل التقرير الآتي من المحكمة الدولية، أي منتصف أيلول سبتمبر المقبل إلا إذا حصل خرق او تفاهم قبل هذا التاريخ"، آملاً"أن يتم تأليف الحكومة قبل سفر رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى نيويورك في 22 أيلول المقبل". الموسوي: لن نسمح بكسر عون وكان النائب الموسوي اعتبر ان"من يعيق تشكيل الحكومة أناس في الخارج، وأناس في الداخل مرتبطون بالخارج"، معتبراً"أن الأميركيين ليسوا مستعجلين على تشكيل الحكومة، لأن هناك ملفات كثيرة في المنطقة، لا يفصلون بينها، كالعراق وفلسطين وبما يتعلق بسورية وإيران، واحتمالات الحرب وغير ذلك، فالأميركيون يريدون أن يجدوا لكل هذه الملفات حلولاً متقاربة، أي سلة واحدة، والمطلوب من المرتبطين منهم في الداخل أن يلتزموا ويعقّدوا الأمور ويتهموا الآخرين بالعرقلة، فيكون المعيق العماد ميشال عون و"التيار الوطني الحر"وهذا غير صحيح". وقال:"لن نسمح بإضعاف العماد عون وكسره أبداً لأننا نعرف الهدف من ذلك، وبالتالي فإننا في"حزب الله"و"حركة أمل"و"التيار الوطني الحر"وكل المعارضة إما أن نكون معاً في الحكومة أو أن يشكلوها من دوننا، كما يتحدث البعض في لبنان عن حكم الأكثرية". وأعرب المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله عن خشيته من"المراوحة السياسية في لبنان حيث تتبادل الأطراف المعنية الاتهامات في مسألة تشكيل الحكومة لتمديد الوضع الحالي، وإضافة شيء من الاهتزاز في الساحة الداخلية لإيجاد نوع من الصلة بين الأوضاع الداخلية ومواعيد سياسية خارجية، بما يدفع المسألة نحو مزيد من التأزم والتعقيد". ودعا"المسؤولين إلى عدم وضع العصي في دواليب الحل لحسابات ذاتية أو حزبية أو خارجية، لأن الناس لا يمكن أن تصبر على آلامها المعيشية ومشاكلها الحياتية إلى ما لا نهاية". نشر في العدد: 16948 ت.م: 29-08-2009 ص: 18 ط: الرياض