باتت قضية الطاقة المحدّد الأول لاستراتيجيات الدول السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل أحد أهم مرتكزات السياسة الدولية ومحاورها، حيث إن بعضهم ذهب إلى وصف السياسة الدولية الحالية بأنها سياسة الطاقة. وأمام ارتفاع أسعار البترول المتواصلة، وارتفاع معدل التنمية في مصر الذي يتطلب زيادة في حجم استهلاك الطاقة بنسبة 10 في المئة سنوياً، لم يعد أمام مصر خيارات سوى الاتجاه نحو الطاقة النووية وهو ما بدأ بالفعل. لكن تبرز مشكلة ضخامة كلفة الطاقة النووية وعدم وجود وسائل ضمان بنسبة 100 في المئة للمحافظة على البيئة والتنمية المستدامة من مخاطرها. ما دفع وزارة الطاقة المصرية إلى البحث عن مصادر نظيفة ومتجددة للطاقة. ونجحت القاهرة في استضافة مركز التميز الإقليمي في مجال الطاقة المتجددة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي يهدف إلى تشجيع الاستثمارات في مجال تنمية الطاقات الجديدة ونشر استخدامها على نطاق أوسع. ودخلت مصر مجال الطاقة المتجددة، وبدأت في تحقيق أفضل استغلال لطاقة الرياح والطاقة المائية والشمسية التي تتمتع بها على مدار العام باستخدام أحدث الوسائل والأساليب التكنولوجية في العالم. ونفذت حتى الآن مشاريع لطاقة الرياح تنتج 145 ميغاوات. وتشارك الطاقات المتجددة حالياً بنحو 10,3 في المئة من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة. وتساهم المحطات المائية في مصر بإنتاج الطاقة، وبلغ إجمالي قدراتها حتى الآن 2745 ميغاوات. ويبلغ متوسط الطاقة المنتجة سنوياً من المحطات المائية 13 بليون كيلووات/ ساعة وتحقق وفراً في استهلاك الوقود يعادل نحو 3 ملايين طن بترول مكافئ سنوياً، وتحد من انبعاث حوالى 7,2 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون لتحافظ على البيئة. وقال وزير الكهرباء المصري الدكتور حسن يونس في حديث الى"الحياة":"إن من بين المشاريع التي اتفق على تمويلها، مشروع مراوح تعمل بطاقة الرياح في خليج الزيت بقدرة 200 ميغاوات، بالتعاون بين قطاع الكهرباء والطاقة والشركاء الأوروبيين في التنمية بقرض ميسر قدّّر ب2000 مليون جنيه مصري، بتمويل من"بنك التعمير الألماني"والمفوضية الأوروبية و"بنك الاستثمار الأوروبي". وأوضح أن القطاع قطع شوطاً ناجحاً في مجال الطاقات المتجددة، وأن من المقرر إضافة 7200 ميغاوات حتى ال2020. ولفت الى أن الأيام المقبلة ستشهد إنشاء أول محطة شمسية حرارية في منطقة الشرق الأوسط لتوليد الكهرباء بقدرة 140 ميغاوات، وبدء تجارب إنارة القرى النائية بنظام الخلايا الفوتوفلتية المعروفة عالمياً والتي تعد أفضل مصادر الطاقات المتجددة للاستخدام في المناطق المائية ذات الأحمال الصغيرة. ويعد هذا المشروع أحد 4 مشاريع على مستوى العالم. وأشار إلى نجاح قطاع الكهرباء في الحصول على منحة قدرت ب 50 مليون دولار من البنك الدولي للمشروع المذكور، وقرض ميسر من الحكومة اليابانية بنحو 200 مليون دولار. وقال وكيل وزارة الكهرباء والطاقة أكثم أبو العلا ان القطاع يدرس إنشاء أول قاعدة صناعية في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا لإنتاج معدّات توليد الطاقة من الرياح، وذكّر بالقرار الجمهوري الذي صدر اخيراً، بتخصيص 300 ألف فدان تقريباً من الأراضي المملوكة للدولة شرق النيل وغربه، من دون مقابل لإنشاء محطات لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح، لافتاً إلى سعي الدولة لتوفير الأراضى اللازمة لتنفيذ خطتها للوصول بنسبة مساهمة الطاقات المتجددة إلى 20 في المئة من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة عام 2020. وتحدث عن برامج وخطط الوزارة لاستغلال الطاقات النظيفة لتوليد الكهرباء للحفاظ على البيئة من التلوث وتوفير المنتجات البترولية للأغراض الاستهلاكية الأخرى والتصدير، وتوطين صناعة جديدة لمهمات ومعدّات هذه الطاقات توفر فرص عمل جديدة للشباب ويمكن تصديرها لتكون مصدراً للعملة الصعبة. وعن الطاقات المتجددة وتحسين كفاءتها في مصر، أكد رئيس هيئة الطاقة المتجددة المهندس صلاح عبدالرحمن في حديث الى"الحياة"، أن جملة الاستثمارات الجاري تنفيذها ل 2009 -2010 في الطاقات المتجددة بلغت نحو 900 مليون جنيه مصري.