أثار استبدال نظام أل.أم.دي الجديد ليسانس، ماستر، دكتوراه، بنظام التدريس الكلاسيكي في الجامعة الجزائرية حفيظة عدد كبير من الأساتذة والطلبة الذين خرجوا إثر الإعلان عن تطبيقه عام 2004 في مسيرات داخل الجامعات للمطالبة بالتراجع عنه معتبرين أنه تهديد لبقايا التكوين الجامعي. وذهب آخرون إلى اعتبار الجامعة ضحية السياسة والاقتصاد اللذين فرضتهما الليبرالية والاتفاقات مع الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، في حين دافعت الحكومة عن إصلاحاتها وثبتت النظام الجديد الذي قال عنه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أمام الأسرة التربوية الشهر الجاري إنه"يرمي إلى تقوية المهمة الثقافية للجامعة بترقية القيم العالمية كالتسامح وإحترام الغير ونبذ التطرف والعنف وإشاعة روح الحوار والانفتاح على الآخر"، وبأنه ضروري لإعادة الصدقية للشهادات الوطنية على الصعيدين الإقليمي والدولي. ووصف الرئيس الجزائري نظام ال.م.دي الجديد بأنه"تكوين يتم تصميمه من قبل الأسرة العلمية لجعل هيكلية التعليم العالي متناسقة مع نظيراتها في العالم". في المقابل اعتبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي رشيد حراوبية أن هذا النظام"اعتمد في الجزائر لمسايرة التطور الدولي بإعطاء الطالب الجامعي كل الإمكانات التكنولوجية الحديثة لتكوينه أحسن تكوين على عكس النظام القديم، الذي كان فيه الطالب يتخرج بشهادة وكان يحتاج إلى فترة تكوينية ميدانية لتأهيله وإدماجه في المسيرة التنموية". دخل هذا النظام حيز التنفيذ في 2004 وهو مستورد من البلدان الأنكلوساكسونية، وأحد مبادئه الأساسية تمكين رب العمل من المقارنة بسهولة بين الشهادات للتوظيف، وقد قلص أل.أم.دي مرحلة الليسانس من أربع إلى ثلاث سنوات إضافة إلى الدراسة لمدة سنتين من أجل الماستر ثم ثلاث سنوات أخرى من الدراسة على الأقل للحصول على الدكتوراه. ويعتبر المدافعون عن هذا النظام أن الجزائر اليوم تتمتع بتحسن في وضعها الأمني وبالاستقرار السياسي إلى جانب الوتيرة التنموية الإيجابية ما يجعل منها بيئة مناسبة لازدهار الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يتوقع أن يتضاعف مستقبلا، وعليه فمن الضروري أن يتحول دور الجامعة من إنتاج العقول فقط إلى إعدادها للتماشي مع ما تتطلبه السوق المحلية و العالمية. أما المعارضون فيقولون ان الأل.أم.دي جاء في عز الأزمة التي ضربت الجامعة، حيث تراجع مستوى التكوين بسبب قلة التأطير الذي عقدته الهجرة الجماعية للأساتذة إلى الخارج منذ التسعينات،و ضعف المستوى الاجتماعي لمن بقي منهم إضافة إلى اكتظاظ الطلبة داخل المدرجات والإقامات، وقلة الإمكانات، وغياب رؤية حكومية واضحة لمستقبل الجامعة، والبيروقراطية على مستوى الإدارات. وبحسب هؤلاء فإن الإصلاحات ضرورية لكنها يجب أن تتجه نحو جامعة رسمية ناجعة تأخذ بعين الاعتبار دمقرطة المعرفة وتساوي الحظوظ بين الطلبة. كما يعيب بعض الأساتذة على النظام المذكور غموضه وتعقيد الجانب التربوي بسبب كثافة البرامج، معتبرين ان هذا النظام يشجع الكم على حساب النوعية نظراً الى قلة المؤطرين مقارنة بعدد الطلبة بخاصة في أقسام ما بعد التدرج. وفي السياق ذاته طالب منسق المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي"الكناس"من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تنصيب لجان خاصة لتقويم نتائج نظام أل. أم. دي، مشيراً إلى وجود تباين في البرامج على المستوى الوطني معلناً للإعلام المحلي أن 80 في المئة من المشاكل سببها الفراغات القانونية. أما الطلبة فقد تباينت آراؤهم، فقال منير الطالب في كلية اللغة والأدب الإنكليزي ان الأل.أم.دي، بدأ يعطي ثماره وأن الطلبة أصبحوا مرتاحين بعد مباشرتهم الدراسة في الماستر الذي كان حلم الكثير منهم. بينما اعتبرت سلاف وهي طالبة في كلية الإقتصاد أن الضجة التي أثارها الأساتذة سببها تخوفهم من المنافسة فهم يرون أن عددا مهما من الطلبة يتجاوز المائة سنوياً في طريقهم للحصول على الدكتوراه بعد العدد القليل جداً الذي كان يتمكن من ذلك في النظام القديم. أما عبدالله الذي يدرس في الكلية نفسها فيرى أن خطورة هذا النظام تكمن في تحويل الدكتوراه من شهادة بحث وعلم إلى شهادة للحصول على عمل. نشر في العدد: 16775 ت.م: 09-03-2009 ص: 24 ط: الرياض