يتقلب قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر هذه الأيام على صفيح الاحتجاجات الساخن، اذ يعتصم طلبة الهندسة منذ ثلاثة أسابيع أمام مقر وزارة التعليم العالي، فيما اعلن طلبة خمس جامعات عن ميلاد ما سمّوه «التنسيقية الوطنية لطلبة الكليات والمدارس»، وقد خضعت الحكومة لأحد أهم مطالب طلبة الهندسة الاسبوع الماضي اذ ألغى مجلس الوزراء المنعقد الثلثاء مرسوماً رئاسياً يعيد العمل «بشهادة دولة» التي كان الرئيس الجزائري ألغاها قبل شهرين. وتبدو الاحتجاجات الطالبية في تصاعد بعدما أعلن طلبة خمس جامعات هي جامعة باب الزوار، بومرداس، البليدة، وهران والشلف تشكيل تنسيقية وطنية من أجل تقوية الصف في انتظار انضمام طلبة الجامعات الجزائرية الأخرى إليهم. وجعل أصحاب هذه المبادرة من يوم السبت آخر موعد للإنخراط كي يتم البدء في مناقشة المطالب والإتفاق عليها. وتبتعد هذه المبادرة عن أي لون سياسي أو نقابي حتى الآن إذ أن ما يحركها هو الوضع الصعب الذي تعيشه الجامعات الجزائرية والتي تحتاج إلى تدخل ملح من وزير التعليم العالي والبحث العلمي رشيد حراوبية باعتباره المسؤول الأول عن القطاع، اذ قال الطلبة انهم لن يتوقفوا عن الإعتصام حتى يقابلوا الوزير وتتحقق جميع مطالبهم والمتعلقة أساساً بتحسين ظروف التعليم العالي تربوياً ومادياً. وكان مجلس الوزراء الذي انعقد الثلثاء الماضي، أقر بعودة العمل «بشهادة دولة» بالنسبة للمهندسين مستجيباً بذلك للإحتجاجات الضخمة التي قام بها طلبة هذا التخصص على مرسوم رئاسي سابق صدر في كانون الاول (ديسمبر) الماضي يلغي العمل بتلك الشهادة، فلم يبرحوا مبنى الوزارة الذي اعتصموا أمامه لما يقارب ثلاثة أسابيع. وتضمن قرار مجلس الوزراء الإبقاء على نظام الماجستير بالنسبة لطلبة النظام الكلاسيكي في الجزائر (ويقصد به الحصول على شهادة دولة بعد خمس سنوات من الدراسة في الجامعة) إلى جانب الإستمرار بالعمل بنظام ال «أل أم دي» (ليسانس، ماستير، دكتوراه) الجديد الذي اتجه بمسار الدراسة الجامعية إلى صوغ نصوص تحكم المعادلة بين النظامين. وأشار القرار إلى تبني توصيات الندوة الوطنية لرؤساء المؤسسات الجامعية التي أقرتها بصفتها سلطة تربوية جامعية. واستحسن الطلبة المحتجون قرار مجلس الوزراء، لكن بعضهم قال ان مطالب الطلبة عموماً تتعلق بتحسين ظروف الدراسة والإقامة والنقل وغيرها من المشاكل التي يرفعونها كل سنة من دون أن يغير ذلك شيئاً من معاناتهم، اذ دعوا بقية زملائهم في الجامعات الأخرى إلى الانضمام اليهم السبت من أجل البدء في وضع قاعدة المطالب المشتركة، علماً أن قطاع التعليم العالي يعرف هذا العام احتجاجات عدة واضطرابات ما تسبب في تذبذب الدراسة بعدد من الكليات. وكانت أخبار تم تداولها عن تعرض طلبة محتجين للضرب من طرف عناصر الشرطة جعلت المدير العام للأمن الوطني عبدالغني الهامل يفتح تحقيقاً للتأكد من صحتها، ويتوعد عناصر الشرطة «المعتدين» بالملاحقة القضائية وحتى الحبس على اعتبار أن أوامره بعدم التعرض للطلبة كانت صارمة. وللعلم فقد أعطت الحكومة الجزائرية عدداً من الإمتيازات للأسرة الجامعية من بينها رفع رواتب الأساتذة من أجل «إعادة الإعتبار لهم وللباحثين وإعطائهم المكانة الإجتماعية المرموقة التي يستحقونها» بحسب تصريح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة غداة افتتاح السنة الجامعية في تشرين الاول (أكتوبر) الماضي من ولاية ورقلة الجنوبية. وكان الرئيس ذكر بأن الجزائر تعمل على إنشاء 600 ألف مقعد دراسي و400 ألف سرير جديد خلال السنوات الخمس المقبلة، في وقت بلغ عدد المؤسسات الجامعية في الجزائر ثمانين، وموازنة قطاع البحث 20 بليون دينار أي ما يعدل 200 مليون يورو.