تطبيق الإصلاحات، مشكلة الاكتظاظ، التأطير البيداغوجي، هي العناوين الرئيسة للدخول الجامعي في الجزائر لهذه السنة والسنوات التي سبقتها، والوصول إلى حل لهذه المشاكل التي تواجه الطلاب في الجامعات الجزائرية يعد التحدي الأكبر للقائمين على القطاع، وحتى التنظيمات الطالبية التي تحمل هم حل مشاكل الطالب. وإذا كان الدخول الجامعي هذه السنة يواجه الكثير من التحديات، حيث ستزدحم الجامعة الجزائرية ب140 ألف طالب جديد ينضمون إلى ما يزيد على مليون و200 ألف طالب قديم، فإن تطبيق الإصلاحات، ودخول قرارات الرجل الأول في قطاع التعليم العالي الوزير رشيد حروابية الذي قطع وعوداً بتطبيق كل الطلبات التي رفعها الطلاب السنة الماضية والتي كانت وراء تعطيل الدراسة الجامعية حوالى ستة أشهر كادت تؤدي إلى سنة بيضاء. وترى الإعلامية الجزائرية المتابعة شؤونَ الجامعة خيرة لعروسي في تصريح إلى «الحياة» أن نجاح الدخول الجامعي لهذه السنة مرهون بمدى تطبيق الوعود التي قطعها وزير التعليم العالي والبحث العلمي نهاية العام الماضي خلال الندوة الوطنية لمديري المؤسسات الجامعية التي شاركت فيها الوزارة إضافة إلى مديري الجامعات ونقابات الأساتذة والتنظيمات الطالبية، والتي رمى من ورائها القائمون على القطاع إلى وضع حد للاضطرابات الشاملة التي شهدتها الجامعة. لكن لعروسي تعتقد أن أسباب الاحتجاجات التي عاشتها الجامعة الجزائرية السنة الماضية لا تزال قائمة، ولم تصدر أية قوانين أو مراسيم تطبيقية لتنفيذ الإصلاحات التي طالب بها الطلاب لغاية الآن فيما الدخول الجامعي الرسمي على بعد أسبوعين فقط. وشهدت الجامعة الجزائرية السنة الماضية إضرابات طويلة بسبب الإصلاحات المطبقة من خلال الانتقال من النظام الكلاسيكي إلى نظام «ليسانس ماستر دكتوراه» المعروف بنظام «أل أم دي» وهو نظام يتيح للطالب التخرج بشهادة دكتوراه في مدة 8 سنوات، الأمر الذي خلق صعوبات بالنسبة إلى الطلاب في النظامين خصوصاً بالنسبة الى المعنيين بالانتقال من النظام القديم إلى النظام الجديد، ودخول طلاب النظام القديم إلى الماستر، إضافة إلى حذف شهادة دولة من شهادة المهندسين والمهندسين المعماريين. وأصدر الوزير خلال الندوة مجموعة من التدابير لحل هذه الإشكالات المطروحة، غير أنه وعلى رغم أن بداية الموسم الجامعي أصبحت على الأبواب إلا أنه لم تصدر أية قوانين أو مراسيم تطبيقية الأمر الذي يشغل بال الطلاب والمنظمات الطالبية، هذا التأخر حذرت منه حتى نقابة الأساتذة التي قالت إنه سيؤثر سلباً في حسن سير المؤسسات الجامعية. ويرى الأمين العام للاتحاد الطالبي أحد أكبر التنظيمات الطالبية انتشاراً في الجزائر الحرب مصطفى نواسة في تصريح إلى «الحياة» أن التحدي الأكبر هو كيفية اجتياز دخول جامعي عادي، بالنظر إلى السنة الجامعية الماضية التي توقفت فيها الدراسة لمدة طويلة، والتي تأثرت بعوامل داخلية وحتى إقليمية ودولية، في إشارة إلى ثورات الربيع العربي، لكن هذا الدخول سيكون مغايراً، كما يقول. وكثيراً ما تحولت مسيرات الطلاب في الشوارع واحتجاجاتهم أمام المؤسسات الجامعية، من مسيرات واحتجاجات مطلبية لتنفيذ الإصلاحات، إلى مطالب سياسية رددوا فيها شعارات مساندة للثورات التي كانت تشهدها دول عربية كتونس وسورية وليبيا. ويعترف نواسة بوجود بعض المشاكل والنقائص التي طبعت النظام البيداغوجي الجديد لكنه قال: «نظام أل أم دي يشق طريقه وهناك دفعات أولى تسجل في الدكتوراه ويلزم ذلك وقت لتقويم فاعلية هذا النظام والحديث عن فشله هو سابق لأوانه». وعلى عكس الآراء التي ترى أن الدخول سيكون صعباً، يرى نواسة أن المؤشرات الأولية للدخول الجامعي تدعو إلى الارتياح بخاصة من الجانب البيداغوجي، ويوضح أنه كان هناك استقبال وتوجيه جيدان للطلاب الجدد خلال عمليات التسجيلات الجامعية، مشدداً على أن الإضراب لا يخدم مصلحة الجامعة ولا الوصاية. لكن الصحافي زبير فاضل وهو متابع شؤون الجامعة، يرى أن الدخول الجامعي الجديد لن يكون مختلفاً عن سابقه. وتنبأ بمعاودة لجوء الطلاب إلى الحركات الاحتجاجية، فإضافة إلى حديثه عن الإشكاليات التي يطرحها النظام البيداغوجي الجديد، تطرق أيضاً إلى مشكلة الاكتظاظ التي ستكون كبيرة هذه السنة، فقد «وصلت نسبة النجاح في شهادة البكالوريا إلى 62 في المئة، أي حوالى 140 ألف طالب جديد، ما سيطرح مشكلة في عدد المقاعد البيداغوجية وفي إسكان الطلاب على مستوى الإقامات الجامعية، يضاف إلى ذلك أن نسبة الرسوب السنة الماضية بلغت 40 في المئة». هذه الأرقام،وفق فاضل، ستؤدي إلى وجود عجز كبير، مشيراً إلى مطالب النقابات برفع عدد الأساتذة لضمان تأطير كافٍ لهذه «الجيوش» من الطلاب.