حضّ الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في تقريره التاسع حول تطبيق القرار الدولي 1701"الأطراف الإقليمية، لا سيما تلك التي تربطها علاقات ب"حزب الله"ومجموعات أخرى في لبنان، على الالتزام بحظر نقل الأسلحة في شكل تام"، منبهاً الى ان"أي خرق لهذا الحظر يشكل خرقاً لسيادة الدولة اللبنانية، ويهدد استقرار البلاد والمنطقة ككل". ولاحظ بان في تقريره الى مجلس الأمن"ارتفاع حدّة التوتر على طول الخطّ الأزرق بصورة ملحوظة نتيجةً للهجمات الصاروخية التي تزامنت مع الأعمال العدائية في قطاع غزّة"، وقال ان"هذه الهجمات ونيران الحماية انعكست سلباً على الترتيبات المتعلقة بالأمن والاتصال التي وُضعت بموجب القرار 1701، كما هدّدت اتفاق وقف الأعمال العدائية. وشكّلت هذه الفترة أخطر التحديات التي واجهتها الأطراف المعنية وقوات"يونيفيل"منذ اعتماد القرار 1701، وشهدت على اشتداد التوتر مباشرةً خلال جولة في المنطقة في شهر كانون الثاني يناير، شملت إسرائيل ولبنان وسورية. وفي الوقت نفسه، شعرت باطمئنان نتيجةً للتدابير التي اتّخذتها كلّ الأطراف المعنية لتفادي تصاعد العنف. وأعتقد أنّ الآليات المتعلقة بتطبيق القرار 1701 شكّلت وسيلة ردع فعالة ومنعت تصاعد وتيرة العنف في جنوبلبنان. غير أنّ عمليّة إطلاق الصواريخ في 21 شباط فبراير تمثّل حادثة مثيرة للقلق". واعتبر بان ان"إطلاق الصواريخ من جنوبلبنان باتجاه إسرائيل- وهو فعل استنكره استنكاراً تاما ً- شكل خرقاً خطيراً للقرار 1701، ونُفّذت هذه الأعمال العدائية من داخل المنطقة القائمة بين نهر الليطاني والخطّ الأزرق، وهي منطقة ينبغي أن تكون خالية من أي عناصر مسلحة وأصول وأسلحة غير مسموح بها، كما ينصّ عليه القرار 1701، وتعتبر الهجمات الصاروخية التي نُفّذت في 8 و14 كانون الثاني من مواقع قريبة لمناطق مأهولة، بما في ذلك مدرسة مأهولة بطلاب في تلك الفترة، ما عرّض المدنيين الأبرياء للخطر، مصدر قلق كبير. وتقع على عاتق السلطات اللبنانية المسؤولية الأساسية المتمثلة في ضمان عدم دخول أية عناصر مسلحة وأصول وأسلحة غير مسموح بها في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والخطّ الأزرق. وتدعم قوات"يونيفيل"الجيش اللبناني في هذا المسعى". الرد الاسرائيلي ممنوع ونبه التقرير الى ان"ردّ الجيش الإسرائيلي على النيران بإلقاء قذائف مدفعية على الأراضي اللبنانية في 8 و14 كانون الثاني، من دون تقديم أي إنذار مسبق، يشكل مصدر قلق كبير. فقد هدّد هذا القرار المدنيين الأبرياء، وقوات"يونيفيل"، وعناصر الجيش اللبناني الذين قاموا بدوريات مكثفة في المنطقة في تلك الفترة. وفي الحادث الذي وقع في 21 شباط فبراير، وفي حين أعلم الجيش الإسرائيلي قوات"يونيفيل"بنيّته الردّ على النيران، يمكن التذكير بأنه يتعيّن على إسرائيل، تماشياً مع اتفاق وقف الأعمال العدائية، إعلام قوات"يونيفيل"فوراً بأي حادث إطلاق نار عليها، والامتناع عن الردّ باستثناء الحالات التي تستوجب ذلك بوضوح كدفاع فوريّ عن النفس، والسماح بصورة أولية لقوات"يونيفيل"والجيش اللبناني بالتعاطي مع مثل هذه الهجمات". واكد التقرير ان"الجيش اللبناني يبقى الشريك الأساسي لقوات"يونيفيل"في تطبيق القرار 1701". وحضّ"الحكومة اللبنانية على التأكد من أن يضمن الجيش اللبناني تواجده في الجنوب، بأعداد تتناسب مع الواجبات المهمة التي عليه أن ينفّذها في المنطقة، تماشياً مع التزامات لبنان بموجب القرار 1701"، مع اقراره"بالزيادة السريعة في عديد الجيش اللبناني، بما في ذلك الوحدات المتخصصة، في الجنوب، خلال فترة ازدياد التوتر في منطقة عمليات"يونيفيل"، فضلاً عن الزيادة الملحوظة في عدد العمليات التي تمّت بالتعاون مع"يونيفيل"وبقيت مستمرة منذ ذلك الحين"، مشدداً على"ان دعم المجتمع الدولي للجيش اللبناني ضروريّ، ليتحوّل هذا الأخير إلى قوّة مجهّزة جيّداً وقادرة على تولي المسؤوليات الأمنية بفعالية ضمن إطار منطقة العمليات الحالية لقوّات"يونيفيل". واذ نوّه بان في التقرير ب"جميع الدول التي أرسلت قواتها ليبقى التزام"يونيفيل"مستمراً وليتسنى تطبيق القرار 1701"، ابدى"قلقاً في شأن سلامة فريق عمل الأممالمتحدة وأمنه"، وحض"الأطراف كل على الالتزام بواجباتها لضمان سلامة أفراده وأمنهم". وإذ لفت بان الى ان"اليونيفيل""وفّرت رادعاً قوياً لاستئناف أعمال العنف، وأرست ركائز يمكن ويجب أن يستند إليها التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم"، شدد على"أن لا يمكن الإبقاء على هذا الوضع إلى ما لا نهاية، ويجب استغلال فرصة الانتشار التي توفرها قوات"يونيفيل". والآن، بات من واجب الأطراف المعنية استغلال هذه الفرصة للمضي قدماً باتجاه حلّ طويل المدى، وفقاً لما نصّ عليه القرار 1701، ولتحقيق هذه الغاية، أدعو الأطراف لتسليط الضوء على المسائل العالقة". على اسرائيل انهاء الانسحاب وطالب إسرائيل ب"إنهاء انسحابها من جنوبلبنان، وللتمكن من تحقيق ذلك، لا بدّ من إنهاء احتلال الجزء الشمالي من قرية الغجر والمنطقة المحاذية الواقعة شمال الخط الأزرق". ولفت الى"أن حدثت تطوّرات مشجّعة خلال الاجتماع الأخير الذي عقد بين المنسق الخاص لشؤون لبنان وقائد قوة الأممالمتحدة الموقتة في لبنان"يونيفيل"والمسؤولين الإسرائيليين في 8 شباط لمناقشة تنفيذ اقتراح"يونيفيل"في شأن قرية الغجر. وأجدّد بهذا الصدد دعوتي الأطراف لاستكمال هذا التوجه استناداً إلى اقتراح"يونيفيل". وتحدث التقرير عن تقدم"حققه الأطراف بالتعاون مع"يونيفيل"، لتحديد الخطّ الأزرق في شكلٍ مرئي". وقال:"أشجّع لبنان وإسرائيل على المحافظة على التزامهما البنّاء والاستفادة انطلاقاً من هذا الزخم الحالي وتسريع عملية تحديد الخط الأزرق في شكلٍ مرئي بهدف الحدّ من أعمال العنف الطائشة وتعزيز الثقة". وكرّر دعوته"إسرائيل الى وقفٍ فوريٍّ لجميع عمليات تحليق الطيران الإسرائيلي فوق الأراضي اللّبنانية بما أنها تعتبر انتهاكاً للسيادة اللّبنانية وللقرار 1701 وتقوّض صدقية"يونيفيل"والجيش اللّبناني". وابدى قلقه حيال"فشل الحكومة الإسرائيلية حتى تاريخه في توفير بيانات تقنية دقيقة في شأن نوع الذخائر الصغيرة التي أطلقت خلال حرب 2006 وكميتها والإحداثيات الدقيقة لمكان وجودها"، مشدّداً على"أهمية هذه المعلومات في تسريع عمليات نزع الألغام والحدّ من عدد الإصابات بين المدنيين وخبراء نزع الألغام". وتوقف التقرير عند"وجود مجموعات مسلحة خارج سلطة الدولة ما يشكل تهديداً مستمراً لسيادة لبنان واستقراره كما يعرقل التطبيق الكامل للقرار 1701"، واذ ابدى سروره لانطلاق الحوار الوطني الذي يركز على أسس العلاقة بين الدولة والمجموعات المسلحة"، دعا"القادة اللبنانيين الى أن يكونوا على مستوى التوقعات التي من أجلها أنشئ الحوار الوطني وإلى معالجة هذه المسائل الأساسية التي تواجها البلاد". تفكيك قواعد فلسطينية وابدى بان قلقه"المستمر من وجود القواعد العسكرية ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة"و"فتح الانتفاضة"في لبنان والتهديد الذي تشكله على استقرار لبنان". ودعا"الحكومة اللبنانية إلى تفكيك هذه القواعد العسكرية كما هو متفق عليه في الحوار الوطني والحكومة السورية التي لها تأثيرها على هذه المجموعات، إلى دعم الجهود المبذولة في هذا الخصوص"، مبدياً اسفه ل"عدم إبداء سورية رغبةً في التعاطي في هذه المسألة كما أبلغ كبار المسؤولين في دمشق منسقي الخاص في 11 شباط". ورأى التقرير وجوب"عدم تأجيل الجهود الآيلة إلى تحديد الحدود المشتركة بين لبنان وسورية وترسيمها، والتي تبدأ بتفعيل دور لجنة تقويم الحدود بين لبنان وسورية". وشدد على ان مسألة ترسيم الحدود"أساسية من أجل إقامة علاقة إيجابية بين البلدين. وحضّ"حكومة سورية على التعاون مع حكومة لبنان في اتخاذها خطوات ملموسة وعملية من دون تأخير ترمي إلى تحقيق هذا الهدف وفقاً للقرارين 1701 و1680. كما أن الأممالمتحدة على استعداد لتوفير المساعدة إلى الفريقين إذا دعت الحاجة". واكد بان انه سيستمر"في بذل الجهود الديبلوماسية الهادفة إلى حلّ مسألة مزارع شبعا بموجب الفقرة 10 من القرار 1701 على رغم غياب أي رغبة من الطرفين السوري والإسرائيلي لحلّ هذه المسألة في الوقت الحالي". مراقبة حظر السلاح من"دون استثناء" ولفت الى ان"مراقبة الحدود بين لبنان وسورية، والاحترام الفوري وغير المشروط لحظر نقل الأسلحة المفروض على لبنان تشكل مظاهر أساسية من القرار 1701، ولا بد من مراقبة هذه المظاهر بشكل تام ومن دون أي استثناء، إذ تكتسي هذه العناصر أهمية حاسمة من أجل ضمان وقف تدفق الأسلحة باتجاه الجماعات التي تقع خارج نطاق سيطرة الدولة. ويتعين على الأطراف الإقليمية، لا سيما تلك التي تربطها علاقات مع حزب الله ومجموعات أخرى في لبنان، الالتزام بحظر نقل الأسلحة في شكل تام. إن أي خرق لهذا الحظر يشكل خرقاً لسيادة الدولة اللبنانية، ويهدد استقرار البلاد والمنطقة ككل". وتوقف بان في التقرير عند"وجوب تنفيذ المزيد من الخطوات لتحسين إدارة الحدود في لبنان"، واثنى على الحكومة اللبنانية"التي قامت بالخطوات الأولية لتصميم استراتيجية الحدود الشاملة، بحسب التوصيات التي وردت في تقرير الفريق المستقل الثاني لتقويم الحدود اللبنانية"، وحضّها"على المثابرة في بذل الجهود المماثلة"، شاكراً الدول المانحة"التي استمرت في تأمين العون وهو أكثر ما يحتاجه لبنان في هذا المجال". ودعا بان الى"تحسين الظروف التي يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان"، مثنياً"على الخطوات التي قامت بها الحكومة اللبنانية في هذا الإطار". واذ اعتبر ان"الأشهر المقبلة ستحمل تحديات جديدة، وفرصاً جديدة أيضاً، في لبنان واسرائيل"، دعا الجانبين الى"انتهاز الفرصة المتاحة أمامهما من اجل تجديد الجهود في إطار تطبيق القرار 1701 على أكمل وجه، بهدف الانتقال من وضع وقف الأعمال العدائية الراهن إلى الوقف الدائم لإطلاق النار وإيجاد حل بعيد الأمد للمشكلة الإسرائيلية اللبنانية". ضبط النفس ونبّه بان الى ان"الحملات التي تسبق الانتخابات النيابية التي يترقبها لبنان في 7 حزيران يونيو ستضاعف التحديات التي قد تكون اختباراً للاستقرار الداخلي الهش في البلاد". وقال:"انطلاقاً من مناخ الهدوء النسبي المشجع الذي ينعم به لبنان حالياً، أدعو كل القادة اللبنانيين إلى ممارسة سياسة ضبط النفس، ولا سيما في إطار الحملات الانتخابية، وضمان إجراء الانتخابات بحرية وعدالة في بيئة تخلو من أعمال العنف والترهيب والتحريض". ورأى"أنّ التطور الحاصل على مستوى العلاقات الثنائية بين لبنان وسورية يشكل موضع تشجيعٍ بالنسبة لي، وخاصةً في ما يتعلق بإرساء علاقات ديبلوماسية بين البلديْن"، وقال انه يتطلع"لوضع اللمسات الأخيرة في هذا الخصوص، بموجب قرارات مجلس الأمن". واعرب بان عن قناعة"تامة بأنّ من واجبنا بذل كل الجهود الممكنة من أجل تحقيق سلامٍ عادل ودائم وشامل في منطقة الشرق الأوسط، يقوم على تطبيق القراريْن 242 1967 و338 1973، ما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسلامة الأراضي اللبنانية وسيادتها واستقلالها السياسي". نشر في العدد: 16770 ت.م: 04-03-2009 ص: 14 ط: الرياض