تشير البيانات الاقتصادية والمؤشرات الإحصائية الصادرة أخيراً، إلى ازدياد الانكماش الاقتصادي في ألمانيا، على رغم الإشارات الإيجابية التي تظهر بين حين وآخر. وإذا لم يكن يوجد خلاف حول تشخيص جدّية الحال المالية والاقتصادية التي أصابت اقتصاد البلاد، وهي الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية على حد تقدير كثر، إلا أن آراء خبراء وباحثين ورجال أعمال تتباين بشدة حول الفترة الزمنية التي يستغرقها الانكماش الاقتصادي، ومعدل النمو السلبي في الناتج القومي نهاية هذه السنة. وفيما يتحدث البعض عن انفراج الأزمة بدءاً من الصيف المقبل لتزول نهاية 2010 ، يرى آخرون أن الوضع سيستغرق هذه المرة أربعاً أو خمس سنوات، قياساً إلى الأزمات الاقتصادية السابقة، ليستعيد الاقتصاد الألماني عافيته مجدداً. ولاحظت النشرة الاقتصادية الشهرية لغرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية، الهبوط المستمر في مؤشرات النمو المختلفة في البلاد، ف"تراجع"مؤشر داركس"في بورصة فرانكفورت المالية في الأسبوع الأخير من شباط فبراير الماضي للمرة الأولى خلال الأزمة التي بدأت صيف 2007 إلى ما تحت الحاجز النفسي المتمثل ب 4000 نقطة". ولفتت إلى أنه"خسر أكثر من نصف قيمته مطلع صيف 2007 ، حين استعاد القمة التي كان بلغها عام 2002، أي 8156 نقطة، قبل أن تضرب البلاد، في ذلك الحين، أزمة اقتصادية فرضت على المؤشر التراجع إلى 2300 نقطة". وأوضحت أن خبراء ماليين، رأوا في التراجع الجديد للمؤشر"دليلاً آخر على حدة أزمة المال العالمية التي لم تكشف بعد عن كل الشحنات التفجيرية داخلها". ولمكافحة آثار الركود، واصل المصرف المركزي الأوروبي خفض الفائدة على اليورو، إذ أعلن رئيسه جان كلود تريشيه تراجعها من 2 إلى 1,5 في المئة، من دون أن يستبعد خفضاً آخر قريباً، رجّحه المحللون الشهر المقبل. لكن تريشيه نفى أن يكون الهدف الوصول إلى صفر في المئة، كما فعلت المصارف المركزية في الولاياتالمتحدة واليابان وبريطانيا، لأن"لا منفعة من ذلك". وقال:"سيكون على المصرف الأوروبي اتخاذ قرارات غير عادية لاحقاً لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الدولية الحالية". ولم تتوصل معاهد البحوث الخمسة الأكبر في ألمانيا إلى استنتاجات مشتركة ومتقاربة حول قدرة اقتصاد البلاد على مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الدولية، وحجم التأثير الإيجابي المنتظر من خطط الدعم الحكومية، التي لن تظهر مفاعيلها قبل مرور ستة أشهر بحسب الخبرة والتجربة. وفيما رجّح معهد الاقتصاد العالمي في كيل"إي إف في"ومعهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ"إيفو"، استمرار الركود الاقتصادي إلى ما بعد 2010 ، لم يستبعد معهدا البحوث في برلين"دي إي في"و"إي في ها"في هالِّه، أن"يستعيد الوضع الاقتصادي تحسنه بدءاً من منتصف السنة الحالية". وبين التشاؤم والتفاؤل السائدين، توقع خبراء اقتصاد أن تراوح نسبة انكماش الاقتصاد الألماني هذه السنة بين 4 و 5 في المئة، علماً أن الحكومة لا تزال تعتقد أن معدل النمو السلبي سيبلغ 2,3 في المئة". وصحّح خبراء مصرف"دويتشه بنك"توقعاتهم في هذا المجال، لتتراجع"من 2,6 إلى 2,9 في المئة سالبة". لكنهم تفاءلوا لعام 2010 ، إذ يترقبون نمواً فعلياً للاقتصاد يبلغ 0,9 في المئة". أما رئيس مجلس حكماء الاقتصاد بيرت روروب، الذي يقدم المشورة إلى الحكومة الألمانية، فرأى أن ألمانيا"قادرة"على مواجهة الأزمة، مشيراً إلى أن"وضع الشركات جيد وتملك لوحة واسعة من المنتجات، وهي قادرة على التطوير والبيع حتى بأسعار تنافسية جيدة". ولم يبدِ"قلقاً"من المستقبل على المديين المتوسط والطويل. نشر في العدد: 16788 ت.م: 22-03-2009 ص: 24 ط: الرياض