حذّر المصرف المركزي الأوروبي، في بيانٍ أصدره في فرانكفورت أمس، من أخطار التضخم المالي على استقرار الأسعار في منطقة اليورو، بعد نتائج النمو التي أظهرت انكماش الناتج المحلي في الربع الثاني من السنة الجارية، مشيراً إلى"محذور بقاء التضخم عالياً على المدى المنظور". وحذّر العمال وأرباب العمل"من إقرار زيادات عالية على الأجور في الخريف المقبل، لما يمكن أن يفتح الباب أمام موجةٍ جديدةٍ من ارتفاع الأسعار". وقال إنه يراقب لهذا السبب"بانتباه شديد"مفاوضات تجديد عقود العمل الجارية حالياً في دول منطقة اليورو. ولحظ المصرف أيضاً، أنه كان يتوقع إلى حد كبير، تراجع معدلاتِ النمو في الربع الثاني، بعد ارتفاعها إلى 0،7 في المئة في الربع الأول، واستدركَ أنه"على اقتناع بأن التطور الاقتصادي الداخلي لا يزال يرتكز على أسس صلبة على المدى المتوسط". وسجّل النمو في منطقة اليورو، الذي أعلن عنه أول من أمس، تراجعاً وسطياً بلغ 0،2 في المئة في الربع الثاني. وقال"المركزي الأوروبي"إن نتائج استطلاع أجراه أخيراً أظهر أن النمو سيتباطأ مقابل ارتفاع التضخم إلى 3،6 في المئة وسطياً هذه السنة وإلى 2،6 في المئة في 2009، علماً أنه يسمح ب 2 في المئة فقط. كما توقع نمواً وسطياً من 1،6 في المئة هذه السنة و 1،3 في المئة العام المقبل. ووصف خبراء ألمان تراجع النمو في ألمانيا في الربع الثاني من السنة إلى 0،5 في المئة مقارنةً بالربع الأول الذي سجل 1،3 في المئة، ب"المؤشر الواضح إلى إصابة الاقتصاد الألماني بانكماش"، إنما أقل من التراجع الذي توقعه خبراء ومعاهد بحوث ما بين واحد وپ1.6 في المئة. والتراجع هو الأول منذ أربع سنوات والأعلى بين دول منطقة اليورو. وعلى رغم ذلك اعتبر اقتصاديون أن الناتج المحلي الألماني سجل في النصف الأول من السنة، نمواً صافياً بلغ 1،2 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وهو الأعلى أيضاً في منطقة اليورو. من هنا ينطلق عدد غير قليل من معاهد البحوث ونقابات أرباب العمل من أن النمو السنوي سيتجاوز 2 في المئة، في وقت يتوقع خبراء استمرار تراجع النمو في النصف الثاني. أما الحكومة الألمانية فتمسكت بتوقعها 1،7 في المئة. وأعاد محللون تراجع النمو بهذا الحجم، إلى جمود الاستهلاك الداخلي الناتج من ارتفاع أسعار الحاجيات والسلع الغذائية وانخفاض الاستثمارات الداخلية بصورة عامة في البلاد في مقابل تحسن ميزان التجارة الخارجية بفضل تراجع الواردات الألمانية. وقال وزير الاقتصاد ميشائيل غلوز ل"الحياة"في رده على أسئلة صحافيين، إن حكومته"توقعت بدورها تراجع النمو في الربع الثاني بفعل الاضطرابات التي شهدتها أسواق المال الدولية وارتفاع سعر النفط، لكنها مقتنعة أيضاً بصلابة الاقتصاد الألماني وقدرته على مواجهة تأثيرات الأزمة المالية الدولية بفعل إصلاحات نفذتها في السنوات الماضية". ووصف الأمين العام لاتحاد الصناعة الألمانية فرنر شناباوف في اتصال أجرته"الحياة"معه، تراجع معدل النمو ب"جرس إنذار للسياسة الاقتصادية في البلاد"، داعياً إلى"وضع استراتيجية ثابتة لتعزيز قدرات النمو للاقتصاد الألماني بصورة مستدامة، حتى في فترات الرياح المعاكسة". وإذ أشار إلى"أن التعليم والبحوث والتطوير والبنية التحتية يجب أن تكون في محور استراتيجية النمو والتشغيل في البلاد"شدد على"ضرورة أن تحصِّل الدولة من الفئات المتوسطة العاملة، ضرائب أقل من أجل رفع صافي دخلها، لتشجيعها على المزيد من الاستهلاك". ونفى أن تكون ألمانيا بدأت مرحلة ركود اقتصادي مثل غيرها من الدول الأوروبية. ونفى رئيس"مجلس حكماء الاقتصاد"بيرت روروب المكلف من الحكومة الألمانية، نفياً قاطعاً التخوفات المتداولة حول بدء دخول ألمانيا مرحلة ركود اقتصادي، وأكّدَ أن النمو"مسلح بصورة جيدة لمواجهة الانكماش". الى ذلك، أكد المصرف المركزي الألماني في بيان أمس، أنه"يتوجب على الاقتصاد الألماني أن يتجاوز مرحلة الانكماش الراهنة"، وشدد في الوقت ذاته، على أن نتائج النصف الأول من السنة الجارية"لا تعطي أي مجال لأي توقعات تشاؤمية".