الرئيسان الإيرانيان السابقان علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، أمناء عامون سابقون في الأممالمتحدة، وزراء خارجية سابقون... هذه الشخصيات وغيرها الكثير، تشارك في البرنامج الوثائقي"إيران والغرب"الذي يختتم عروضه اليوم على شاشة"بي بي سي"الثانية. يأتي هذا العمل لمناسبة مرور ثلاثين عاماً على الثورة الإيرانية، ويسلط الضوء في أجزائه الثلاثة "الرجل الذي غيّر العالم"، و"الدولة المنبوذة"، و"النزاع النووي" على الأحداث الكبيرة في تاريخ الثورة وتاريخ أبرز شخصياتها. يعود الى زمن ما قبل بدايات الثورة، تحديداً الى رحلة الإمام الخميني من العراق الى الكويتوباريس، وعودته الى طهران ليقود أكبر ثورة دينية في التاريخ الحديث لمنطقة الشرق الأوسط. في ذلك الجزء من البرنامج، عرضت مشاهد نادرة للخميني قبل مغادرته العراق، في مدينة النجف، وهو يسير مع رفاق له، قبل ان يستقل سيارة، متوجهاً الى الكويت، كما يعلّق البرنامج، بعد طرده من العراق، من غير أن يتم التأكيد أن مشهد السيارة ذاك، هو آخر ظهور للخميني في العراق. ومع المشاهد النادرة، يكشف الوثائقي عن اقتراح قدمه النظام العراقي عام 1978 الى الحكومة الأميركية، يقضي بقتل الخميني، وهو الأمر الذي رفضته الحكومة الأميركية، بسبب خوفها مما يمكن أن ينتج منه من اضطرابات واسعة في إيران، وربما المنطقة كلها. ومن حياة الخميني في باريس، يقدم البرنامج، لقاءات ومشاهد نادرة جديدة، للذين كانوا يحيطون به، من مساعدين وصحافيين فرنسيين، وصفوا حياته المتقشفة في القرية التي كان يعيش فيها خارج باريس، ورفضه الشديد لزيارة باريسالمدينة، لأسباب بقيت مجهولة. وبالتزامن مع مشاهد حياة الخميني في فرنسا واستعداداته للعودة الى إيران، عرضت مشاهد ولقاءات عن شاه إيران، والرفض الشعبي الذي كان يواجهه، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي وقتها، وإصراره على تحويل إيران الى دولة غربية، على رغم الطابع المحافظ لعدد من المدن الإيرانية والريف الإيراني الشاسع. وتطرق البرنامج الى بدايات الصراع بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو الاسم الجديد لإيران بعد الثورة الإسلامية، والولايات المتحدة. هذا الصراع الذي بدأ فعلياً مع أزمة رهائن السفارة الأميركية في طهران، الذين احتجزتهم قوات من الحرس الثوري الإيراني سنوات، فتحولوا الى رمز من رموز الثورة الإسلامية، وعدائها للسياسات الأميركية. كذلك عرض البرنامج بدايات توتر العلاقة بين العراقوإيران الذي انفجر بعدها في عام 1980 وأدى الى حرب طويلة، استمرت حتى عام 1988، وذهب ضحيتها نحو مليون قتيل من الطرفين. ومن القضايا التي تعرض لها البرنامج الوثائقي في حلقته الماضية، علاقة"حزب الله"اللبناني مع إيران، إذ أطل مسؤول سابق عن الحرس الثوري الإيراني ليقول بصراحة ان الحزب أبصر النور بمساعدة إيرانية خالصة، بعدما رفض الخميني ان تتدخل إيران عسكرياً في بيروت بعد احتلالها من الجيش الإسرائيلي عام 1982، فكانت فكرة إقامة حزب محلي لبناني، تلقى منتسبوه تدريباً عسكرياً في إيران. وعن قبول إيران قرار الأممالمتحدة بوقف الحرب العراقية - الإيرانية، يتحدث الرئيس الإيراني السابق رفسنجاني عن دوره الكبير لإقناع الخميني بوقف الحرب، خصوصاً مع رفض الأخير لذلك، وحتى يتم إسقاط نظام صدام حسين. ولكن نقص الأموال الإيرانية، واستحالة شراء السلاح بسبب الحظر الغربي، ومساعدة الدول الغربية للنظام العراقي في حربه، دفعت الخميني الى الموافقة، ما جعله يصف مشاعره وقتها، بأنه كمن يتجرع السم! ولعل ما وفّق به البرنامج، هو استعادة أهم اللقاءات الإيرانية الغربية، ثم التعليق عليها من المشاركين آنذاك أنفسهم، والحديث عن ظروف تلك الأيام، ولماذا اتجهت بعض اللقاءات الى وجهات عنيفة، فيما اثمر بعضها تحسناً طفيفاً بين إيران والدول الغربية. كما قدمت الحلقة الأولى من البرنامج لقطات أرشيفية لرؤساء أميركيين سابقين، وهم يتوعدون الحكومات الإيرانية، بسبب دعمها لما يصفوه بالإرهاب، أو رغبتها في تطوير برنامج نووي. والبرنامج النووي بالذات هو موضوع حلقة اليوم من هذه الثلاثية التي لا تكتفي باستعادة تاريخ منتهٍ، بل تتوقف عند محطات صراع لا تزال مستمرة، وتهيمن على حاضر المنطقة ومستقبلها. *"بي بي سي2"، 21 بتوقيت غرينتش. نشر في العدد: 16759 ت.م: 21-02-2009 ص: 34 ط: الرياض