طوت إيران أمس صفحة من تاريخها السياسي الحديث برحيل رجلها القوي أكبر هاشمي رفسنجاني عن عمر ناهز 82 سنة بعد تعرضه لأزمة قلبية حادة ادخل اثرها مستشفي شهداء تجريش في ضاحية طهران الشمالية. واحتشد الآلاف من الإيرانيين امام المستشفي، في حين اضطرت السلطات الأمنية الى اطلاق النار في الهواء لإبعاد المواطنين عن مدخل المستشفي التي حضر اليها الرئيس حسن روحاني احد المقربين من رفسنجاني. وأعلنت الحكومة الإيرانية حداداً عاماً وعطلة رسمية لمدة ثلاثة ايام، وهي ظاهرة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الجمهورية الإسلامية الا عند رحيل الإمام الخميني. وكان رفسنجاني ثالث ثلاثة، الي جانب المرشد علي خامنئي ومحمد حسين بهشتي اول رئيس للجهاز القضائي الذي قتل في انفجار الحزب الجمهوري عام 1980، عملوا في ادارة مجلس قيادة الثورة ووقفوا الي جانب الخميني. ولعب رفسنجاني دوراً بارزاً خلال الحرب العراقية - الإيرانية (1980 - 1988) حيث كان مندوباً للخميني في القوات المسلحة، وأشرف علي ماعرف ب «ايران كونترا» عام 1988 عندما استقبل مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت مكفارلين في طهران، كما لعب دوراً مهماً في انتخاب المرشد الحالي علي خامنئي بعد رحيل الإمام الخميني عام 1988. وامتاز بعلاقات جيدة مع جميع القوي السياسية بسبب تمتعه بشخصية لم تشهد ايران مثلها، علي صعيد البراغماتية السياسية وسعيه إلى بناء العلاقات مع جميع الاتجاهات السياسية، الأمر الذي خشي منه الأصدقاء قبل الأعداء. ساهم في صوغ الدستور الإيراني قبل تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979 وفاز في اول انتخابات برلمانية أجريت في إيران حيث رأس اول برلمان ايراني بعد الثورة 1981 - 1990، ثم انتخب رئيساً للجمهورية لولايتين متتاليتين قبل ان يصبح رئيساً لمجلس مصلحة النظام حتى وفاته. وانتخب في مجلس خبراء القيادة الذي يأخذ علي عاتقه انتخاب المرشد الأعلي ورأس هذا المجلس ثلاث مرات قبل ان تتم ازاحته عن المنصب بسبب احداث الانتخابات الرئاسية التي وقعت عام 2009. ويعتبر الرئيس حسن روحاني المتضرر الأكبر من رحيل رفسنجاني الذي وقف الي جانب برامجه طوال السنوات الأربع الماضية بما في ذلك تأييده الاتفاق النووي مع الدول الغربية. وتقاطع رفسنجاني مع المرشد الإيراني الأعلي علي خامنئي لمرتين، الأولي عندما رأي خامنئي أنه يقف مع الرئيس محمود احمدي نجاد في برامجه وليس مع رفسنجاني عندما اختلف الرجلان في ادارة البلاد، والثانية عندما وقف الي جانب الإصلاحيين والمعتدلين في مقابل الأصوليين الذين اصطفوا الي جانب المرشد بعد احداث عام 2009. وطالب بإجراء مصالحة وطنية لإنهاء ملف احداث 2009 لكنه فشل في ذالك. واعتبر المتشددون في الوسط الإيراني ان رفسنجاني المنافس الوحيد للمرشد خامنئي، حيث لقي منهم الكثير من العداء والضغوط خصوصاًَ عندما رفض مجلس صيانة الدستور المصادقة علي ترشحه للانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2013. سعي إلي إقامة أفضل العلاقات مع الدول الغربية وعارض فكرة تصدير الثورة حيث رأي ان تصدير الثورة يجب ان يكون من خلال تصدير نموذج ايران قوية.