أرادت القمة التي عقدت في موسكو بين الرئيسين التركي، عبدالله غل، والروسي، ديمتري ميدفيديف، توطيد علاقات الصداقة والشراكة بين البلدين. ويدور الحوار على مسائل مهمة، على غرار الوضع في القوقاز، ومسألة الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية دولتين مستقلتين، ومصير إقليم ناغورني كاراباخ الأرمني الواقع تحت السلطة الأذرية، ومشكلات الغاز. فتركيا تسعى في أن تكون مركزاً لالتقاء خطوط أنابيب الغاز القادمة من روسيا وخط"نابوكو". وهذا الخط أوله في باكو، عاصمة أذربيجان، ويمر بتبليسي وينتهي في ميناء جيحان التركي، ومنه الى أوروبا، وينجز في 2013 . ويمول الاتحاد الأوروبي الخط هذا، وتدعم الولاياتالمتحدة مده لتتخفف أوروبا من التبعية لروسيا في مجال استيراد الغاز. وتركيا هي شريك اقتصادي بارز. وبلغ حجم التبادل التجاري بين روسياوتركيا، في 2004 نحو 11 بليون دولار. وارتفع في 2008 الى 33.8 بليون دولار. وتستورد تركيا ثلثي كميات الغاز وثلث كمية النفط التي تحتاج اليها من روسيا. وأبدت تركيا استعدادها لإضعاف تبعية روسيا لأوكرانيا في مجال نقل الغاز من طريق مد الأنابيب في أراضيها إلى أوروبا. وتبلغ قيمة الاستثمارات التركية في روسيا نحو 7 بليون دولار، بينما تبلغ قيمة الاستثمارات الروسية في تركيا 4 بلايين دولار. ودور السياح الروس بارز في الاقتصاد التركي، وبلغ عددهم في العام الماضي، 2.8 مليوني سائح. ولا يعود خط أنابيب الغاز الجنوبي وهو يربط روسيا بجنوب أوروبا ويمر في عمق البحر الأسود، على تركيا بالنفع. وهي تريد من روسيا مد خط أنابيب آخر يخص تركيا وحدها، وقد تستفيد منه إسرائيل. ولكن موسكو تلوم أنقرة على اشتراكها في خط"نابوكو"، وهو يقوض دور الخط الجنوبي، وقد يبدأ عمله في 2013. ولا يسع أنقرة التراجع عن موقفها. فهي لا تستسيغ إثارة حفيظة أوروبا، أو اضعاف فرص انضمامها الى الاتحاد الأوروبي. وتعود اجازة مرور هذا الخط في اراضيها على تركيا بعوائد لا تستخف بها أنقرة. ويبعث تقارب تركياوروسيا وتعاونهما في المجال العسكري ? التقني القلق في الغرب. فتركيا شريك راجح في حلف ال"ناتو". الباعث على تقرب تركيا السياسي من روسيا هو رفض الاتحاد الأوروبي عضويتها فيه، واندثار التهديد السوفياتي على حدودها الشمالية وتهديدات حلف وارسو. وهما حملا تركيا على الانضمام الى حلف الأطلسي. وباعث تركيا، اليوم، على القلق هو الاكراد وكردستان العراق. فإثر احتلال الأميركيين العراق، ضعفت رقابة السلطة المركزية العراقية على المناطق الكردية. وتخشى تركيا أن تعزز السياسة الأميركية النزعة الانفصالية في اوساط أكراد تركيا. وتوترت الصلات بين واشنطنوأنقرة، وبرزت الخلافات بينهما. ففي حرب أوسيتيا الجنوبية بين روسيا وجورجيا في آب أغسطس 2008، لم تسمح تركيا للسفن الحربية الأميركية بعبور مياهها الاقليمية نحو المرافئ الجورجية. وقد يسهم التقارب بين تركياوروسيا في حل مشكلة إقليم ناغورني - كاراباخ. ويرى الرئيس التركي، عبدالله غل، أن دور روسيا راجح في حل النزاع المزمن على هذا الإقليم بين أذربيجان وأرمينيا. وأنقرة هي حليف باكو الصدوق. وتخشى القيادة التركية أن ينزلق النزاع على الإقليم الى نزاع على الطريقة اليوغوسلافية. ولا تخفي أنقرة ميلها الى ترك دعم باكو في هذه المسألة، إذا ساعدتها موسكو على توطيد علاقتها بيريفان، العاصمة الارمنية. وعلى رغم ادراك القيادة التركية أن دور روسيا راجح في المنطقة، تسعى أنقرة في تعزيز نفوذها في القوقاز. ولا ينظر الروس بعين الرضا الى هذه المساعي، والى تمويل بعض رجال الاعمال الاتراك؟ المقاتلين الشيشان. وتحاول موسكو اقناع انقرة بالاعتراف باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. ولن تنجح قمة موسكو في بلوغ الاهداف المرجوة والمطروحة على بساط البحث. عن سيرغي بالماسوف، "برافدا رو" الروسية، 13 /2/ 2009 نشر في العدد: 16756 ت.م: 18-02-2009 ص: 24 ط: الرياض