دشّن الحزب الشيوعي السوداني، أمس، مرحلة جديدة من تاريخه وخرج إلى العلن منهياً أكثر من عشرين عاماً من العمل السري بعقد مؤتمره العام بعد أكثر من 40 عاماً منذ آخر مؤتمر له. ويتجه الحزب إلى إعادة انتخاب أمينه العام محمد ابراهيم نقد الذي يتزعم الحزب منذ 1972وعاش عقوداً في الخفاء. واحتشد مئات من رموز الحزب الشيوعي وناشطيه أمس في قاعة حكومية في الخرطوم في مؤتمر اعتُبر حدثاً مهماً في السودان. وحضر افتتاح المؤتمر مساعد الرئيس السوداني الدكتور نافع علي نافع وزعيم حزب الأمة الصادق المهدي ورئيس الحزب الاتحاد الديموقراطي محمد عثمان الميرغني وممثلو القوى السياسية الأخرى. وحسم نقد الجدل في شأن مطالب بتغيير اسم الحزب، مؤكداً أن غالبية أعضاء الحزب تتمسك باسمه. وطرح تحديات تواجهه في المرحلة المقبلة رأى انها تعترض نشاطه خصوصاً ما يتعلّق بالأسس الفكرية والنظرية، وأعلن تحمله المسؤولية عن تعطيل عقد مؤتمره العام لأكثر من أربعة عقود. وقال نقد إن بقاء السودان موحداً وتسوية أزمة دارفور من أبرز المشكلات التي تواجه القوى السياسية في البلاد، موضحاً أن الأزمة الاقتصادية العالمية أعادت إلى الأضواء مجدداً أهمية الاشتراكية، لكنه طالب بتجديدها حتى تكون مواكبة للعصر. ودعا نقد إلى استنباط تجارب جدية للإصلاح السياسي والاقتصادي، ودرس انهيار تجربة الاتحاد السوفياتي وتراجع السلطة الاشتراكية، مؤكداً أن الحزب الواحد لم يعد ممكناً كما كان في الدول الاشتراكية السابقة، لافتاً إلى انهم مع التعددية السياسية والديموقراطية والتداول السلمي للسلطة وإتاحة الحريات والتمسك بحقوق الإنسان. إلى ذلك، جدد حزب المؤتمر الوطني الحاكم تمسكه بترشيح الرئيس عمر البشير في الانتخابات الرئاسية المقررة العام الجاري، مهما كان قرار المحكمة الجنائية الدولية التي تدرس طلباً من مدعيها بتوقيفه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وابادة في دارفور. وأكد المؤتمر الوطني ثقته في اكتساح الانتخابات وفقاً لاحصاءات وقراءات الحزب للساحة السياسية. واستبعد مسؤول الشؤون السياسية في المؤتمر الوطني محمد مندور المهدي حدوث أي تأثير جراء عقوبات اقتصادية أو حظر طيران يمكن أن يُفرض على بلاده بسبب رفض حكومته التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، مؤكداً أن السودان أصبح مكتفياً من الغذاء والسلاح، فضلاً عن مجاورته تسع دول لا يمكن أن تقفل كلها حدودها مع البلاد. وقال:"الحصار المحتمل ربما يكون أشد وقعاً على أهل السودان، لكن خبرتنا وتجربتنا المتراكمة عشرين عاماً ستساعدنا وتمكننا من التعامل مع الوضع". وأكد أن حزبه سيكون"على قلب رجل واحد"حال صدور مذكرة بتوقيف البشير. وأضاف أن الهدف من محاولات توقيف البشير قطع الطريق أمام ترشيحه في الانتخابات المقبلة، وأكد ان الحزب الحاكم لم يتخذ حتى الآن قراراً في شأن التحالفات السياسية خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. ولم يستبعد خوض حزبه الانتخابات منفرداً. واعتبر مندور المهدي موقف زعيم المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي الذي نصح البشير بتسليم نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية طوعاً إذا صدر قرار بتوقيفه لتجنيب البلاد عقوبات دولية، مجرد رأي يُعبّر عن ضغينة ضد النظام الحاكم. وقال إن حزبه كلما وصل إلى رؤى في الحوار مع المؤتمر الشعبي، اصطدم ب"فيتو"من الترابي، معتبراً أن المؤتمر الشعبي منقسم والغالبية فيه غير متفقة مع رأي زعيم الحزب. وشدد أيضاً على وجود تيارات داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم حريصة على الحوار مع المؤتمر الشعبي"بل أن أشواق البعض تمتد الى توحيدهما". وعن موقف شركائهم في"الحركة الشعبية لتحرير السودان"بضرورة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، أكد المهدي انهم مطمئنون لموقف الحركة على رغم أن بعض"المتفلتين"من قياداتها يعبّرون عن آراء شخصية، مشيراً إلى أن المعبّر الحقيقي عن رأي الحركة هو زعيمها سلفاكير ميارديت. وزاد:"ونحن معنيون برأي سلفاكير". من جهة أخرى، نفت الحكومة السودانية أن تكون قواتها الأمنية ارتكبت"انتهاكات لحقوق الانسان"بفتح النار على نازحين في مخيم كلمة للنازحين في دارفور في آب اغسطس الماضي، ما أدى إلى مقتل 33 شخصاً. وكان تقرير للجنة تحقيق مشتركة لمفوضية الأممالمتحدة العليا لحقوق الانسان والقوة المشتركة للاتحاد الافريقي والأممالمتحدة في دارفور، قال إن لجنة التحقيق المشتركة توصلت إلى أن"قوات الأمن الحكومية ارتكبت انتهاكات لحقوق الانسان في حق سكان مدنيين في مخيم كلمة للنازحين". لكن الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية علي الصادق قال للصحافيين إن السلطات كانت لديها أدلة على أسلحة مخزّنة في مخيم كلمة، ولم تستخدم السلاح إلا للدفاع عن نفسها. ونقلت وكالة"رويترز"من الخرطوم عن قوات حفظ السلام والمتمردين في دارفور أن طائرات حكومية سودانية قصفت بلدة رئيسية في جنوب الإقليم أمس السبت بعد اسبوع من سيطرة متمردي"حركة العدل والمساواة"عليها. وقال مسؤول في الأممالمتحدة إن قنابل سقطت قرب قاعدة تديرها قوة حفظ السلام المشتركة التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي يوناميد في بلدة مهاجرية ودمرت منازل. ويمثّل الهجوم تصاعداً في الاشتباكات الأخيرة بين قوات الحكومة وقوات"حركة العدل والمساواة"في دارفور. نشر في العدد: 16732 ت.م: 25-01-2009 ص: 16 ط: الرياض