تحفظت الخرطوم عن اقتراحات طرحها مستشار الرئيس الفرنسي للشؤون الافريقية بروتو دوبير لتسريع تسوية أزمة دارفور والتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية التي تدرس طلباً من المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو بتوقيف الرئيس عمر البشير بعدما اتهمه بارتكاب جرائم حرب وابادة في دارفور. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة"إن دوبير عرض على كبار المسؤولين في الخرطوم التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وفرض اقامة جبرية على وزير الدولة للشؤون الإنسانية أحمد هارون واجراء تحقيق معه في شأن جرائم وقعت في دارفور، ومحاكمة القيادي في قوات الدفاع الشعبي علي كوشيب، وابتعاث فريق دولي للاطلاع على النظام القانوني والعدلي في السودان، وتسريع حل أزمة دارفور وازالة العراقيل التي تعطّل نشر القوة الأممية - الأفريقية في دارفور"يوناميد". وعلم أن باريس وعدت بتعطيل تحرك المحكمة الجنائية عبر مجلس الأمن إذا وافقت الخرطوم على اقتراحاتها. وأقر مسؤول المنظمات في حزب المؤتمر الوطني رئيس المخابرات السابق الدكتور قطبي المهدي بطرح فرنسا اقتراحات على حكومته رفض الافصاح عن تفاصيلها، موضحاً أنهم رفضوا بعضها وقبلوا بعضها. وأضاف المهدي:"تريد فرنسا أن نعترف بالمحكمة الجنائية ولكننا رفضنا الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية والتعامل معها وتسليم هارون وكوشيب"، لافتاً إلى أن هناك قضايا أخرى تتصل بحل أزمة دارفور وفرض الأمن في الإقليم. ورأى أن فرنسا بدت غير حريصة على قضية دارفور. إلى ذلك، طرح اساتذة جامعة الخرطوم مبادرة لمعالجة أزمة دارفور وتداعيات طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية توقيف الرئيس البشير. وسلّم الاساتذة زعماء القوى السياسية مبادرتهم، لكن الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي انتقد تعدد المبادرات من دون تفعيلها. وقال الترابي إن حزبه سيرد على مبادرة جامعة الخرطوم، لكنه أعاب تعدد المبادرات المطروحة لحل أزمة دارفور، منتقداً الحكومة لأنها تملك المال وتقاتل. وقال إن غالبية المبادرات المطروحة لا اختلافات كبيرة فيها، نافياً في شدة علمه بمبادرة"أهل السودان"التي أطلقها البشير أخيراً، قائلاً إنه اطلع عليها من خلال الصحف. وفي لاهاي أ ف ب، رأى وزير الخارجية السوداني دينق الور الخميس أن الحكومة السودانية تشهد"أزمة"بسبب خلافات حول التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. وقال الوزير السوداني في مؤتمر صحافي اثر محادثات مع نظيره الهولندي مكسيم فيرهاغن:"هناك أزمة في صلب الحكومة السودانية". وأضاف:"نأمل في التوصل إلى توافق قبل أن تتخذ المحكمة الجنائية الدولية مبادرات أخرى"، موضحاً أن حزب المؤتمر الوطني برئاسة البشير"يرفض كل تعاون"مع المحكمة، في حين ان حزبه،"الحركة الشعبية لتحرير السودان"،"يؤيد هذا التعاون". ويسيطر المؤتمر الوطني على 52 في المئة من مقاعد البرلمان السوداني ال450 فيما تسيطر الحركة الشعبية على 28 في المئة من هذه المقاعد. وتابع الوزير أن"النقاشات مستمرة وليس امامنا الكثير من الوقت"لأن قضاة المحكمة الجنائية الدولية سيقررون بحلول منتصف تشرين الأول اكتوبر ما اذا كانوا سيصدرون مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني أو لا. وكان مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو طلب في تموز يوليو من قضاة المحكمة اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب ابادة وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور غرب. وهذه المحكمة التي كلفها مجلس الأمن في آذار مارس 2005 التحقيق في موضوع دارفور، كانت اصدرت مذكرتي توقيف بحق المسؤولين السودانيين احمد هارون وعلي كوشيب. غير أن البشير اعلن باستمرار رفضه تسليمهما للمحكمة. في غضون ذلك، أفادت وكالة"فرانس برس"أن سكان مخيم"كلمة"للنازحين في دارفور قالوا أمس الخميس إنهم يخشون هجوماً جديداً على مخيمهم من القوات الحكومية التي سبق أن هاجمته في 25 اب أغسطس الماضي ما ادى الى سقوط 36 قتيلا.