الرميان: «الاستثمارات العامة» يستهدف ضخ 50 مليار دولار في مشاريع جديدة    المنتخب السعودي تحت 20 سنة يتأهل لكأس العالم للشباب 2025    «الأحمر» ينسف نجومية دوران    الدرعية .. مهد الدولة السعودية وانطلاقة أمجادها    سفير البحرين ل«عكاظ»: الدولة السعودية أسست لوحدة جمعت كل أبناء الجزيرة العربية    فريق الوعي الصحي التابع لجمعية واعي يحتفي بيوم التاسيس في الراشد مول    التشكيل المتوقع لكلاسيكو الاتحاد والهلال    نائب رئيس مجلس الشورى يوم التأسيس: تاريخٌ خالد ومستقبلٌ واعد    واكاثون لولو الثاني يحتفل بيوم تأسيس المملكة العربية السعودية ويعزز رسالة الأستدامة    مدير عام مكتب التربية العربي : الاحتفاء بيوم التأسيس اعتزاز بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة    إسرائيل تفرج عن المئات.. «أقدم» أسير فلسطيني و«مهندس القسام»    قُتِل بغارة شمال سورية.. واشنطن تكشف هوية قيادي «القاعدة»    احتفال سفير الاتحاد الأوروبي بيوم التأسيس، تعزيزاً للعلاقات الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    عقد ورشة عمل "الممارسات الكشفية للفتيات في الجامعات"    «الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الأمين العام لمجلس التعاون: يوم التأسيس شاهد على الإنجازات التي عانقت سماء الطموح    فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بعسير يكمل استعداداته في يوم التأسيس    انهيار مبنى إثر حريق ضخم في الأرجنتين        أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    القيادة الإماراتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الأمين العام لمجلس التعاون يهنئ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    "السعودية في العصر الرقمي: من جذور التأسيس إلى ريادة المستقبل"    رباعي هجوم الاتحاد .. الأقوى    وزارة الداخلية تحصل على جائزة المنتدى السعودي للإعلام (2025) في مسار الأنشطة الاتصالية الإعلامية عن حملة "لا حج بلا تصريح"    العز والعزوة.. فخر وانتماء    اكتشاف النفط.. قصة إرادة التنمية السعودية    إخماد حريق للغابات بمقاطعة "جانجوون" في كوريا الجنوبية    كأس السعودية للخيل| "سكوتلاند يارد" يتألق بلقب كأس طويق    الملاكمون يواجهون الميزان في الرياض قبل ليلة الحسم لنزال "The Last Crescendo" اليوم السبت    القيادة الكويتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    السعودية.. أعظم وحدة في العصر الحديث    الدرعية.. ابتدينا واعتلينا    «الأسواق الناشئة».. السعودية تعالج تحديات اقتصاد العالم    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    «أنوار المباني» شاهد عيان على التنمية المستدامة    الدبلوماسية السعودية.. إطفاء الحرائق وتعزيز الشراكات    يوم التأسيس.. جذور التاريخ ورؤية المستقبل    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    وزير الاتصالات يجتمع بقادة كبرى الشركات العالمية    من التأسيس إلى تنمية الإنسان.. جذورٌ راسخةٌ وقيمٌ شامخة    رئيس فلسطين يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    يوم بدينا    الماضي ومسؤولية المستقبل    من الدرعية إلى الأفق.. يوم التأسيس ورحلة المجد السعودي    ضبط شخصين في الرياض لترويجهما مواد مخدرة    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا أفق لغزة إلا بإعادة الاعتبار الى ... أبو مازن وسلطته
نشر في الحياة يوم 11 - 01 - 2009

يجمع محللون إسرائيليون على أن العائق الفعلي الأول الذي يحول دون الدخول الى غزة يتمثل في السؤال الآتي: وماذا بعد ذلك؟ فالبقاء في القطاع أمر غير وارد على الإطلاق، وتسليم السلطة الفلسطينية زمام إدارة غزة لا يبدو ممكناً في ظل رفض هذه السلطة وفي ظل تصدعها أيضاً. كما أن استدراج مصر أو أي جهة غير فلسطينية الى القطاع يبدو خياراً غير واقعي! إذاً، ما العمل؟ الجواب الإسرائيلي حتى الآن الإبقاء على"حماس"ضعيفة ومنهكة وعلى مجتمع غزاوي يكابد مرارات جديدة تضاف الى مراراته قبل الغزو. وهذا الجواب يستبطن بدوره ميلاً الى انتحار بطيء بالنسبة الى إسرائيل.
غريب أمر إسرائيل فعلاً، فهذه الدولة التي يستبطن أداؤها في علاقاتها مع مجتمعها ومع عالم ما بعد الشرق الأوسط جغرافياً قدراً من الواقعية والتفهم، لم تتمكن من سحبه على تفكيرها في مستقبلها في منطقة معقدة مثل الشرق الأوسط. فما يجري في غزة اليوم، أو قل المأزق الإسرائيلي في غزة اليوم، يعيدنا الى سؤال أول يدور على أسباب عرقلة إسرائيل خيار وجود سلطة فلسطينية فعلية يستعاض فيها عن المأزق في القطاع والمآزق الأخرى في المنطقة كلها.
نعم، الدور الإسرائيلي في إضعاف السلطة الفلسطينية حاسم من دون شك، وهو وإن لم يكن وحيداً لكنه يتقدم الأسباب الأخرى، وپ"حماس"كانت بديلاً من هذه السلطة المنهكة والمتصدعة، والأمر واضح الى حد يمكن معه الإنصات الى الأصوات الفتحاوية التي تقول ان حركة"حماس"هي البديل الذي أنتجه التعنت الإسرائيلي حيال المطالب الفلسطينية الواقعية.
معادلة غزة تطرح هذا السؤال بقوة. فالقول إن إسرائيل لا تستطيع البقاء في غزة إذا احتلتها، يعني ان منطق احتلال الأرض سقط من معادلة العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. والتعاطي بواقعية مع هذا الاستنتاج يعني أن قيام دولة فلسطينية متماسكة اصبح مصلحة إسرائيلية، وإلا فالخيار البديل هو تحويل المناطق الفلسطينية الى بؤر حياة تمسك بزمامها جماعات من الصعب العيش بجوارها، وكذلك من الصعب محاربتها، ناهيك عن لا أخلاقية استهدافها، إذ ان ذلك يعني عدم وجود ضوابط تفصل بين"المستهدف فعلاً والمستهدف اضطراراً"، وهو حرفياً ما يجري في غزة اليوم. فالمسؤولية الإسرائيلية عن سقوط المدنيين في غزة هذه الأيام لا تتمثل فقط في سقوط الأطفال قتلى غارات وقصف ورصاص، إنما أيضاً في المساهمة الإسرائيلية الجلية في إنشاء"الغيتو"الغزاوي، وفي تسليم نحو مليون ونصف مليون من الفلسطينيين الى"حماس". وليس هذا الادعاء جزءاً من الشعور الفتحاوي بتواطؤ إسرائيلي أفضى الى إمساك"حماس"بغزة، إنما هو جزء من تتبع واقعي للحركة الإسرائيلية في علاقتها بمشروع السلطة الفلسطينية منذ أوسلو الى اليوم، طبعاً مع تفاوت كبير في المسؤولية تبعاً لطبيعة الحكومات المتعاقبة في الدولة العبرية.
فأداء هذه الحكومات باستثناء حكومة رابين ربما لم يؤشر الى قناعة إسرائيلية فعلية ومتبلورة بأن قيام دولة فلسطينية يشكل مصلحة إسرائيلية، ولم تختبر أي من الحكومات مساراً يفضي الى ذلك. صحيح ان الوضع الفلسطيني كان رديئاً على طول هذه الفترة الزمنية، والوضع العربي لم يكن مساعداً، والأزمات التي حفت بحقبة محاولات الولادة لم تكن نموذجية، لا بل كانت تشكل عائقاً بدءاً من حرب الخليج الأولى ومروراً ب11 أيلول سبتمبر وصولاً الى أزمة الملف النووي الإيراني. لكن الصحيح أيضاً هو أن القناعة الإسرائيلية في قيام دولة فلسطينية لم تكن في أحسن أحوالها متبلورة، وفي أسوأها كانت منعدمة. وفي حين يطلق معلقون إسرائيليون العنان لقناعاتهم بأن استحالة قيام هذه الدولة سبب رئيس لتناسل الحروب والأزمات، يغفلون الدور الرئيس لحكوماتهم في إعاقة قيام هذه الدولة.
الإسرائيليون وبعد اكثر من أسبوعين على اجتياحهم غزة بدأوا التفكير بپ"ما بعد غزة"! المشكلة الرئيسة التي تعترضهم تتمثل في عدم وجود بدائل عن"حماس"، وهو تماماً ما يعيدنا الى نقطة البداية. مَنْ الذي أضعف أبو مازن؟ ومَنْ الذي صدّع سلطته على نحو جعل من الحرب أفق العلاقة الوحيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟ ليست إسرائيل وحدها بطبيعة الحال، لكن الأخيرة تقف على رأس اللائحة.
ربما دفعنا هذا السياق من الوقائع الى التفكير بالأزمات التي تحاصر إسرائيل والمترافقة مع حربها على غزة، والتي ربما فسرت عقم سياساتها في ما يتعلق بمستقبل علاقاتها بجيرانها. فإسرائيليون كثيرون يقرون بأن الحروب لا يمكن أن تشكل مستقبل بلد مهما بلغت قوته. ألا يملي ذلك بداية طريق الى أفق آخر؟ أولا يعني ذلك أن الطريق الى الدولة الفلسطينية يشكل جواباً وحيداً لهذه القناعة؟ فالقول إن ليس في إمكان إسرائيل أن تحتل غزة وأن تبقى فيها، يعني تماماً أن غزة يجب أن تكون جزءاً من دولة أخرى غير إسرائيل، وهذه الدولة هي الدولة الفلسطينية بطبيعة الحال، والمعنى البدهي لهذه المعادلة هو الشروع سريعاً بمفاوضات إقامة هذه الدولة.
إسرائيل ما زالت على ما يبدو بعيدة جداً من هذه القناعة. انه مأزقها قبل أن يكون مأزق الفلسطينيين سواء في الضفة أو في القطاع. والغريب أن النخب في إسرائيل، وكذلك الأحزاب والبرلمان، ليسوا جميعاً في أجواء نقاش من هذا النوع مع دولتهم وحكوماتهم، إذ يبدو أن أزمات"جوهرية"اكثر ما زالت تحاصر وعيهم. فمستقبل الدولة وتضخم الأقلية العربية فيها، وعدم استقرار القناعة بوجودها، وملفات ابعد من مثل القنبلة النووية الإيرانية وپ"حزب الله"، تتقدم كلها على هم إنتاج الدولة الفلسطينية العتيدة.
لكن ثمة جواب آخر عن سؤال عدم التمكن من البقاء في غزة غير جواب الدولة الفلسطينية، وهو جواب بدأ يقلق على نحو جدي عدداً من الدول العربية المحاذية لإسرائيل: ماذا لو كانت النية استدراج مصر الى غزة، وبالتالي الأردن الى الضفة؟ لطالما راودت الإسرائيليين فكرة من هذا النوع. مقاومة هذه النيات لن تكون بالطبع عبر فتح معبر رفح ليتدفق الفلسطينيون عبره الى مصر، ولن تكون عبر تقارب بين الأردن وپ"حماس"، إذ ان الأخيرة مستعدة للتوطن في دولة مجاورة بانتظار"المعركة الكبرى". الوسيلة الوحيدة لإعاقة مشروع من هذا النوع تتمثل في إعادة الاعتبار لسلطة أبو مازن.
نشر في العدد: 16718 ت.م: 2009-01-11 ص: ط: 24 الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.