اختارت شركة "مختبرات سانوفي- أفنتس" أن تخوض في موضوع صعب، هو صيام مرضى السُكري، في اللقاء العلمي الذي نظّمته في فندق"رامادا"في بيروت أخيراً. تركّز اللقاء على التوصيات التي يجب أن يتبعها المرضى المُصابون بپ"السُكّري"الذين يرغبون في الصوم خلال شهر رمضان، مع التشديد أيضاً على معرفة الحالات التي يتوجّب على هؤلاء المرضى الامتناع فيها عن الصوم. والمعلوم أن النصيحتين، الدينية والعلمية، تُركّزان على خطورة صيام مرضى"السُكّري"وهو أمر يجدر تذكّره دوماً، خصوصاً عند نقاش السُبل التي قد تتيح لشرائح من هؤلاء أن يصوموا الشهر الفضيل. دراسة أولى إسلامية في سياق اللقاء، استند اختصاصيو"سانوفي- أفنتيس"إلى دراسة وبائية حديثة موسّعة تحمل اسم"ايبديار"EPIDIAR وهي الأولى من نوعها في العالم الإسلامي. وشملت أعمالها 12914 مُصاباً بال"السُكّري"بنوعيه الأكثر شيوعاً، ويُشار إليهما ب"الأول"و"الثاني". والمعلوم أن"السُكّري"من النوع الأول يظهر منذ الطفولة، ويتمثل في غياب قدرة غدّة البنكرياس على إفراز هرمون الانسولين الذي يلعب دوراً أساسياً في احتراق سكر الغلوكوز داخل الخلايا، ما يؤدي الى تراكم السكرّ في الدم، وعدم استفادة الخلايا منه. وفي النوع الثاني، ويُسمى أيضاً سُكري البالغين، يعمل البنكرياس بپ"تكاسل"فلا يعطي كمية كافية من الانسولين، أو أن الخلايا"تُقاوم"الأنسولين، ما يؤدي الى عدم دخوله إليها وتالياً عدم احتراق السكر. وبذا، يتراكم السكر تدريجاً في الدم. وبيّنت دراسة"ايبديار"أن نسبة عالية من مُصابي"السُكّري"يصومون رمضان، وأن هؤلاء يعرّضون حياتهم لأخطار كبيرة بسبب المضاعفات التي يتسبب بها الصيام. كما أشارت الدراسة إلى أن التغيير في نمط الحياة عند مُصابي"السُكّري"خلال الشهر المُبارك يسبب ضعفاً في النشاط الجسدي، وتغييراً في مدّة النوم، وتفاوتاً في تناول الطعام والسكر والسوائل مقارنة بالشهور الأخرى. وتتوافر تلك الدراسة على الموقع الإلكتروني للمجلّة الأميركية الطبية"ديابيتس كير"Diabetes Care، وشارك فيها 13 بلداّ هي: الجزائر وبنغلادش ومصر والهند وأندونيسيا والأردن ولبنان وماليزيا والمغرب وباكستان والسعودية وتونس وتركيا. وقد انتهى المؤتمر إلى إصدار توصيات لمرضى السُكّري من النوعين الأول والثاني، مبنيّة على تلك التي أوصت بها اللجنة الإستشارية لرمضان والسُكّري Diabetes and Ramadan Advisory Board في شركة"سانوفي-أفنتيس"وكذلك على توصيات نتائج دراسة"ايبديار". وأصدرت اللجنة لائحة بالحالات التي يمنع فيها مريض السكري من الصيام. عدم الصوم ضرورة شرحت التوصيات ذاتها تأثير الصيام في مُصابي السُكّري. فهناك احتمال هبوط السكر في حال الصيام بين 12 أو 14 ساعة يومياً. ولذا، يجب تثقيف المريض للتعرف على أعراض انخفاض السكر، مثل الدوخة والبرودة والقيء والارتجاف وغيرها. والاحتمال المعاكس أيضاً وارد، إذا لم يتناول مريض"السُكّري"أدويته في شكل منتظم. وقد يؤدي هذا الأمر في بعض الأحيان إلى تراكم"الحمض الكيتوني"، ويظهر في نَفَس المريض رائحة حريفة تُذكّر بمحلول الدهان أو سائل إزالة طلاء الأظافر. وإذا اجتمع ارتفاع السكر مع تراكم الحمض الكيتوني، يدخل المريض في غيبوبة تؤذي دماغه وقد تودي به الى الجلطة الدماغية والشلّل والموت. وإضافة الى ذلك، هناك المشاكل الناتجة من نقص المياه والأملاح، بخاصة إذا كان المناخ حاراً، من دون أن ننسى الخطر المحدق بمريض السكري المعرّض اصلاً للجلطة القلبية ولمُضاعفات"السُكّري"على الأوعية الدموية. هذه الأمور كلها تدل على ضرورة تثقيف مرضى السكري الذين يرغبون في الصوم. كما يجدر التنبيه الى أن مرض السكري هو من أكثر الأمراض انتشاراً، لذلك يجب البحث عن خيارات مناسبة لإعطاء أفضل النصائح للمرضى. فيمنع الصيام، كما أوصت"لجنة رمضان والسُكّري"على المُصابين بالنوع الأول الذين يُضطرون لتناول بين 3 و 4 جرعات من هرمون الأنسولين في اليوم. وينطبق الأمر ذاته على من يعانون"السُكّري"من النوع غير المستقر"بريتل دايابيتس"Brittle Diabetes، أو المرضى الذين يعتمدون مضخة الأنسولين Insulin Pump. كما نصحت اللجنة بضرورة تناول الطعام فوراً عند الإحساس بأعراض هبوط مستوى السكر في الدم. إلى ذلك أوصت الدراسة باستحسان عدم صيام مرضى السكري من النوع الثاني الذين يعانون قصوراً كلوياً ومشاكل في شبكية العين وإصابة خلايا الجهاز العصبي، إذ أنهم قد يصلون الى حال هبوط السكر في الدم من دون أن يشعروا بأعراضه. وينطبق الأمر أيضاً على المُصابين بجلطة في القلب أو جلطة دماغية ومن عانى منذ فترة قريبة من ارتفاع كبير في معدل السكر في الدم. لذا يلعب الطبيب دوراً مهمّا في إرشاد المريض ونصحه في حال أصّر على الصيام. كما عليه أن يعلّمه كيفيّة توزيع الوجبات، وأن ينصحه بتخفيف الحركة البدنية خلال النهار وزيادتها ليلاً. ومن النصائح المهمة أيضاً ضرورة الامتناع عن تناول المأكولات المحظّر تناولها أصلاً بالنسبة الى مرضى"السُكّري"خارج الصيام كالحلويات. ووزعت اللجنة مجموعة من النصائح والتوصيات حول الأدوية والعلاجات وكيفية تناولها في فترة الصيام. فإذا كان العلاج يرتكز على حبة دواء في اليوم، فيمكن تناولها عند الإفطار. أما إذا كان العلاج يرتكز على أكثر من حبة يومياً، فيجب أخذ الكمية الأكبر قبل الإفطار والأصغر عند السحور. توصيات 1- تنبيهات لتجنّب الهبوط في الدم: تناول السحور في وقت قريب من الإمساك. تغيير في جدول وكمية وتركيبة الأكل للتكيّف مع الأدوية التي يتناولها المريض. خفض النشاطات البدنية خلال النهار إلا أنّها ضرورية بعد تناول الإفطار، وتشجيع ممارسة الرياضة الخفيفة. الحفاظ على نوعية الأكل المُخصّص للمريض. 2- توعية مرضى السكري وعائلاتهم: الحالات التي يمنع فيها الصوم. علاج السكري ومتغيراته. أهمية أدوات المراقبة الطبية الذاتية من خلال قياس معدل السكري بعد السحور وبعد الإفطار بساعة. 3- الإصرار على التوعية في شأن: خطر المُضاعفات الحادة وطرق تفاديها. أهمية تعميم المعلومات حول مرض"السُكّري"خلال رمضان ودور الممرضات في هذا المجال. أهمية دور الإعلام ورجال الدين في توعية المرضى بالتعاون مع الجهات الطبّية.