تابوت يتوسط المكان وزوجة تصرخ مفجوعة بموت زوجها، ثم تأتي لقطة خاطفة ل "زعيم الحارة" وهو يتوعد بالانتقام لدم المغدور. ينتقل جهاز التحكم الذي يحمله سامي إلى قناة أخرى، تستوقفه فيها سيوف تلمع فوق الجبل. معا رك وجيوش تلتحم، وفصل جديد من حروب طاحنة جرت في تاريخ العرب، تنقلها إليه مسلسلات شهر رمضان التي بدأ الترويج لها منذ بداية شهر آب أغسطس، في وقفات إعلانية تزدحم بها الفضائيات العربية. يُعرّف سامي عن نفسه، بأنه مولع بمتابعة الدراما السورية، ولا يتابع غيرها أبداً. والشاب طالب في الثانوية العامة، يتشاجر مع اخوته للتفرد بجهاز التحكم بالشاشة الصغيرة، من أجل معرفة التوقيت الذي ستبث به محطات التلفزة مسلسلاته المفضلة. يعتبر سامي أن الدراما السورية تحتوي على مشاهد عنف، لكنها لا تزيد عما يراه في الواقع، بخلاف ما يراه بعض النقاد والكتاب، الذين تعالت أصواتهم في السنوات الأخيرة للمطالبة بالتخفيف من جرعات العنف التي تعرضها الدراما السورية، وتأتي على هيئة مشاهد عنف جسدي كالضرب والقتل أو عنف لفظي كالشتائم والسباب. ويدافع أصحاب الرأي المنادي بالتخفيف من هذه المشاهد بأنه مبالغ فيها، وأنها تستخدم للإثارة أكثر من خدمة مضمون الفكرة. ويرد أهل المهنة بأن الدراما وعلى الأخص الاجتماعية منها تحاول الاقتراب من واقع يجدونه أكثر عنفاً مما تعرضه المسلسلات. ويقول المخرج السوري محمد شيخ نجيب:"العنف مطلوب في الدراما، عندما يخدم الحالة التي تقدمها، ويحاول العمل هنا أن يقدم عبرة للمشاهد، أما العنف المفتعل فغير محبّذ به لأنه يشوه العمل الفني. وعندما يستخدم العنف من أجل شد الناس فقط يفقد العمل صدقيته". ويرى نجيب أن العنف اللفظي كالشتائم والسباب، حين تقدمه بعض المسلسلات التي تحاول رسم صورة للبيئة الدمشقية الشعبية،"تسيء إلى هذه البيئة وتعطي فكرة خاطئة عنها". بدوره ينفي كاتب المسلسلات السوري، هاني السعدي نظرية أن العنف بات يشكل ظاهرة في الدراما السورية. ويعتقد أن الأمر"ارتبط بمشاهدة فواصل إعلانية وإشارات لبعض المسلسلات التي حرص مخرجوها على إشباعها بمشاهد عنيفة لجذب المشاهدين، بينما قد لا يكون العمل كذلك". ويوضح السعدي:"ينتقي المخرجون من المسلسل كل ما هو عنيف ويقدمونه للترويج للمسلسل، فيأخذ الجمهور فكرة عن العمل بأنه حافل بالعنف". ويضيف:"علينا ألا ننسى أن العنف موجود في حياتنا وفي المجتمعات، أي أنه موجود أساساً في عين المشاهد". ويرى السعدي أن"العنف مطلوب عندما يكون ضمن الحد المعقول الذي يخدم الحالة الدرامية، أما أن يبالغ به فهذا أمر قد يدفع المشاهد إلى التقزز والعزوف عن متابعة العمل". وبينما يؤكد مخرجو المسلسلات أن العنف مطلوب في الدراما"فقط عندما يكون مبرراً"، تأتي المفارقة من وجهة نظر علم النفس بأن سلوك المُشاهد يتأثر بالعنف المبرر درامياً وليس المفتعل، بحسب ما يؤكد عبدالرحمن العيسوي، في كتابه عن الصحة النفسية. ويذكر المؤلف أن أبحاثاً استطاعت تحديد بعض العوامل المسؤولة عن السلوك العنيف وطرق اكتساب هذا السلوك، ومن ذلك أن السلوك العنيف يتبع المشاهد العنيفة فقط إذا كان للعنف ما يبرره في الفيلم، بمعنى إذا اقتنع المشاهد وفقاً لدرجة تقمصه أو توحده أو اندماجه مع الفيلم أو مع النموذج العنيف في الفيلم. وبين فخ التعميم وحرفية الحالات الفردية، يرفض القائمون على الدراما السورية أن يُحكم عليها من خلال عمل واحد بخاصة في ما يتعلق بمسألة العنف وكميّته في المسلسلات السورية التي تعتبر"مقبولة"إذا قورنت ببعض الانتاجات العالمية ك"رامبو".