يعتبر البريطاني جود لو رمزاً للجيل الناضج من نجوم السينما الأوروبية والهوليوودية، فهو يثير إعجاب الجمهور النسائي ويتميز بحس فني فريد يسمح له بمواجهة أصعب الأدوار أمام الكاميرا، وفي شكل يعطي الانطباع بأنه لا يبذل أي مجهود وهو يمثل، مع أن الواقع غير ذلك كلياً. حاز جود لو جائزة"سيزار"الفرنسية التقديرية عن مجمل أعماله وشكر الجمهور الفرنسي مستخدماً قدرات النجمة جولييت بينوش شريكته في الفيلم الحديث العهد"اقتحام ودخول"للسينمائي البريطاني الراحل حديثاً أنطوني مينغيلا اللغوية من أجل ترجمة كلماته، بسبب قلة إجادته الفرنسية. وبدت بينوش مضطربة جداً وهي تقف إلى جانب لو مثل أي متفرجة سينمائية معجبة بهذا الشاب الوسيم، على رغم كونها أدت في صحبته لقطات سينمائية حميمة في فيلم"اقتحام ودخول". وعلى العموم، فإن جود لو يعشق فرنسا بمناطقها الريفية وعاصمتها ومطاعمها الفاخرة ومتاحفها وشوارعها القديمة التي لا تشبه شوارع أي مدينة ثانية في العالم، بحسب قوله. لمع لو 36 سنة، في نهاية التسعينات في أفلام مختلفة مثل:"وجود"وپ"مستر ريبلي الموهوب"و"العدو على الأبواب"وپ"ذكاء اصطناعي"وپ"جبل بارد"وپ"أعشق هاكبيز"وپ"كابتن سكاي"وپ"الطيار"وپ"أقرب"وپ"عطلة"وپ"ليالي بلوبيري"وپ"اقتحام"، متنقلاً بين الفكاهة والدراما والمغامرات والعاطفة وتاركاً العنان لقدراته التمثيلية تحت إدارة أشهر المخرجين مثل دافيد كروننبرغ وستيفن سبيلبرغ ومايك نيكولز ومارتن سكورسيزي وجان جاك أنو. ومن الواضح لمتابع مسيرة لو السينمائية، إن النجم الوسيم لا يعمل إلا مع مخرجين من نوع العمالقة، أو على الأقل من هم على وشك اقتحام أبواب النجومية المطلقة. زار لو باريس للترويج للفيلم التسجيلي"السلام لمدة يوم واحد"من إخراج البريطاني جيريمي جيلي، والذي شاهده جمهور مهرجان"كان"الأخير، وهو يتناول فكرة تخصيص يوم في كل عام من أجل السلام، والتوقف فيه عن القتال في كل المناطق الخاضعة لظروف الحرب في العالم، على أن يكون هذا اليوم 21 أيلول سبتمبر. ولمناسبة حلول هذا اليوم الأحد المقبل، التقت"الحياة"جود لو وحاورته. ما هي تفاصيل تدخلك في هذا الفيلم؟ - أنا من أنصار السلام في العالم، ليس لمجرد الكلام ولكن بالفعل. وفور سماعي بحكاية تخصيص يوم في كل عام للسلام من طريق وقف القتال وإعلان هدنة مدتها 24 ساعة في كل الأماكن التي تعيش ظروف الحرب على مستوى العالم، انضممت الى الحركة وزرت في العام الماضي أفغانستان والتقيت قيادات من"طالبان"وتحدثت معهم في هذا الشأن. وكثيراً ما سئلت عما إذا كنت قد شعرت بالخوف قبل الإقدام على هذه الخطوة. في الحقيقة آمنت بأنني طالما أزور الأشخاص بهدف تقديم مشروع يدعو إلى السلام ولو ليوم واحد، من دون أن أتدخل إطلاقاً في الأمور التي يتقاتلون من أجلها، فليس عليّ أن أخاف، لأننا كلنا بشر في النهاية، حتى إذا حملنا السلاح في ظروف معينة. ويوم 21 أيلول سيحل قريباً جداً، وأترقبه بلهفة لأعرف ما إذا كانت الفكرة قد بدأت تشق طريقها أم لا. لقد طبقت في العام 2007 ولكن ليس بطريقة كلية مثلما أملنا. هل تشعر بهذا أنك تفعل شيئاً إيجابياً من خلال نجوميتك؟ - طبعاً، وأنا أؤمن بأن على الفنان المشهور أن يدافع عن القضايا التي تمس الفقر والمصائب والحروب والأطفال اليتامى، وأقصد المجالات التي يتسنى للشهرة أن تجلب فيها فائدة ما، ولو صغيرة، بفضل شعبية صاحبها. ومن ناحية ثانية، لا أرى ضرورة في قيام بعض النجوم بالتصريح الرسمي عن آرائهم السياسية ولا في دعوتهم لانتخاب فلان بدلاً من غيره، وأرى في هذه الخطوة نوعاً من التعدي على الحرية العامة. أنت تظهر في فيلم"السلام لمدة يوم واحد"؟ - نعم، وإلا ما الفائدة من وراء تشجيعي الفكرة التي يتناولها الفيلم. لننتقل إلى موضوع آخر، فأنت"دون جوان"السينما الحديثة وأفلامك تعتمد إلى حد كبير على وسامتك وجاذبيتك، غير موهبتك الفذة بطبيعة الحال والتي تسمح لك بالتنويع في أدوارك، فما رأيك بموضوع قدرة مظهرك على جلب أفضل الأفلام إليك؟ - لم أقرر التمتع بمظهر وسيم، وهذا كلام منطقي وسهل طبعاً، وكوني نجحت في العمل السينمائي فهذا يعود إلى وقوعي في غرام مهنة التمثيل ورغبتي في ممارستها وكوني تعلمتها طبقاً لأصولها مثل أي ممثل آخر، بصرف النظر عن قدرة ملامحي على فتح الأبواب أمامي. ولكن من ناحية ثانية يعرف الجميع أن مهنة التمثيل مبنية أيضاً على الشكل الخارجي للفنان، إلا أن هذا الأخير إذا فقد عنصر القدرة على الأداء، لا يتمتع بأدنى قيمة والدليل وجود عشرات بل مئات الممثلين والممثلات أو الذين يدّعون أنهم كذلك لمجرد أنهم من أصحاب الملامح الجذابة، يسقطون في بحر النسيان بعد ظهورهم في فيلم واحد أو فيلمين على الأكثر أو يتجهون الى لون المغامرات أو الإثارة الرخيصة حيث يعثرون على إمكانات للعمل إلى حين بلوغهم سن الثلاثين أو أقل من ذلك في بعض الحالات. ان جاذبية المظهر لا بد من أن ترافقها شخصية قوية، وإلا باتت فارغة وسطحية، ومع ذلك أعرف أنني مدين لملامحي بأدواري ولكنني أيضاً مدين بها لطاقتي الفنية. مشاكل من أي نوع هل وقعت في غرام باريس بعد تعرفك إلى جولييت بينوش وعملك معها في السينما؟ - نعم ولا، فأنا كنت أعرف فرنسا جيداً في الماضي وكنت أعشق القدوم إلى باريس وقضاء وقتي بين متاحفها ومطاعمها وساحاتها الفريدة من نوعها في العالم بحسب اعتقادي الشخصي، ولكن هذا الحب"السياحي"شبه العادي تحول لهفة عقب تعرفي إلى جولييت ومجاورتي لها ونشوء صداقة قوية بيننا، وأرجوك ألاّ تحوّر في كلامي أو تظن أن بيني وبين جولييت بينوش أدنى شيء غير الصداقة البحتة، إذ إن كلاً منا له حياته الشخصية ولا يرغب في مشاكل من أي نوع. وقد أصبحت فرنسا، وباريس في شكل خاص، وطني مثل إنكلترا تماماً، وأنا أقضي الكثير من وقتي في فرنسا في الحقيقة، لكنني ما زلت عاجزاً عن تكلم اللغة الفرنسية بطلاقة، على الأقل أمام حشد من الناس. لقد بدت جولييت بينوش متوترة وكأنها من المعجبات بك، وهي تترجم كلامك إلى الفرنسية أثناء تسلمك جائزة"سيزار"في باريس، فهل تعرف السبب في ذلك؟ - أعتقد بأن سبب اضطرابها كونها اضطرت إلى تمثيل دور المرأة التي لا تعرفني جيداً وتعاملني مثل شخص غريب، بينما نعتاد أنا وهي الضحك معاً وتبادل الآراء والتصرف مثل أي صديق وصديقة في العالم، ولا علاقة للأمر بالإعجاب أبداً، صدقني. أتذكر أيام الصبا هل أنت مولع بأدوار المغامرات مثل ذلك الذي تؤديه في"اقتحام"أو في"الطيار"؟ - نعم، فهذا اللون من الأفلام هو الذي غرس في نفسي حب السينما أثناء طفولتي حالي حال كل الصغار تقريباً. وأنا عندما أجد نفسي الآن أمام الكاميرا أؤدي شخصية مغامر أو شرير أو عميل سري شجاع أتذكر أيام الصبا وأعتبر نفسي في حلم أو على الأقل في حلم تحول إلى واقع وأقول ان الحظ حليفي في هذه الدنيا. هل يعني كلامك أنك تلعب أمام الكاميرا مثل الطفل الذي يلعب مع أصدقائه؟ - هذه هي الحال تماماً، إلا أنني أضع بعض الجدية والروح المهنية في الموضوع، ما لم أكن أفعله في صباي طبعاً. ماذا عن الأدوار الأخرى؟ - كل الأدوار تحتاج إلى لعب لكن بعضها لا تمكن مقارنته بألعاب الصغار، ما لا يمنعني من تقديرها، بل أكثر من ذلك أشترط التنويع المستمر في أفلامي وأفضّل البقاء فترات طويلة بلا عمل على الظهور في أدوار تشبه بعضها بعضاً وتمنح جمهوري الانطباع بأنه يراني في شخصيات تكرر ذاتها. تمثل في فيلم"كابتن سكاي"شخصية عميل سري، فهل تحلم بأن تمثل دور جيمس بوند في يوم ما؟ - تعرف أن دانيال كريغ تولى أخيراً خلافة بيرس بروزنان في أفلام بوند، فالوقت غير مناسب في رأيي كي أفكر في مثل هذا الأمر. وعلى العموم، إذا وافقت على تقمص شخصية بوند، لن أفعل إلا في فيلم واحد فقط، خوفاً من أن يصيبني الملل بسبب التكرار، وهذا شيء فلن يرضي الشركة المنتجة بطبيعة الحال، لأنها تشترط أن يوقّع الممثل على عقد لثلاثة أفلام على الأقل. بلا عمل وكيف تتصرف حتى تتفادى موضوع التخصص الذي غالباً ما يتعرض له كل ممثل في يوم ما؟ - أرفض السيناريوات التي أتسلمها والتي تشبه في مضمونها أي فيلم آخر شاركت فيه من قبل. وأستطيع فعل ذلك لأنني أكسب ما يسمح لي بالبقاء فترات طويلة بلا عمل، وأيضاً لأنني لا أخاف أن ينساني جمهوري إذا احتجبت عن الشاشة لمدة سنتين متتاليتين مثلاً. مثلتَ مع أجمل نساء هوليوود وأوروبا مثل نيكول كيدمان ورينيه زيلويغر وغوينيث بالترو وريتشل وايز وجنيفر جيزون لي وجولييت بينوش طبعاً، فهل وقعت في غرام إحداهن؟ - هذا سؤال شخصي جداً، لكنني سأرد عليه قائلاً إنني أقع في غرام كل ممثلة أشاركها بطولة أحد أفلامي، وذلك في مصلحة العمل طبعاً، وفي شكل أفلاطوني بحت، علماً أن هذا الحب ينتهي في اليوم نفسه لانتهاء تصوير الفيلم. أما علاقاتي الشخصية فلا أمزجها بعملي اطلاقاً، لا في الصداقة ولا في الحب، خصوصاً في الحب، وهذا درس تعلمته على حساب راحتي وسلامتي العقلية في المرحلة الأولى من حياتي المهنية. لكن من هي الممثلة التي تركت بصمات أو ذكريات حلوة في مسيرتك السينمائية؟ - نيكول كيدمان التي شاركتني بطولة فيلم"جبل بارد"، فهي نجمة عالمية مرموقة وفي الوقت نفسه امرأة متواضعة وقنوعة ولطيفة. لقد حاولت العثور على عيب واحد فيها ولم أنجح، وكل هذا غير جمالها الفذ بطبيعة الحال.