لمع الممثل البريطاني كلايف أوين 43 سنة قبل خمس سنوات في الفيلم التاريخي الأسطوري "الملك أرثر" واستمر بعد هذا العمل في تسلق سلم النجومية بفضل مظهره الخشن والوسيم في آن، وموهبته الفذة التي تسمح له بممارسة كل الألوان الفنية في أدواره السينمائية، من الفكاهة إلى الدراما المأسوية مروراً بالمغامرات العنيفة حيث يؤدي دور البطل أو الشرير من دون تمييز، بما أن ملامحه تتأقلم مع كل منهما بمرونة فائقة. وبين الأفلام التي ساهمت في شهرة أوين"بينك بانثر"الفكاهي مع جان رينو، و"قريب جداً"العاطفي الذي تقاسم بطولته مع كل من جوليا روبرتس وناتالي بورتمان، ثم"خارج المجرى"مع جنيفر أنسيتون، وپ"الرجل الداخلي"مع جودي فوستر، وپ"مدينة الخطيئة"مع جسيكا ألبا، وپ"أطفال الرجال"مع جوليان مور. أما فيلمه الجديد الذي عرض قبل فترة قصيرة في مهرجان السينما الأميركية في مدينة دوفيل الفرنسية، فهو"أقتلهم"للمخرج مايكل ديفيس شاركه بطولة مونيكا بيللوتشي وبول جياماتي. والفيلم من النوع البوليسي العنيف المبني على السخرية والأحداث الخيالية المثيرة للضحك والكاتمة للأنفاس في آن، وتبدو فيه بيللوتشي في قمة جاذبيتها بينما لا يكف أوين عن القفز في الهواء حاله حال جاكي شان أو غيره من نجوم أفلام الرياضات الأسيوية منذ أن مهد بروس لي الطريق أمام هذا اللون من المغامرات غير الواقعية. في باريس التقت"الحياة"كلايف أوين وحاورته. جاءتك السينما وأنت لا تزال شاباً متخرجاً من معهد الدراما في لندن، وعرفت كيف تستغل الفرصة وتبني لنفسك شهرة عريضة بواسطة هوليوود، فكيف تعيش شهرتك الآن؟ - إنني مسرور وفي الوقت نفسه لا أصدق ما يحدث لي لأنني لم أتخيل لحظة واحدة إنني سأصل إلى مرحلة النجومية العريضة، واكتفيت بالحلم بها وبتقبل الفرص المتاحة أمامي، ثم تدربت بعض الشيء لأحسن مستوى أدائي وأيضاً تقنية الكاميرا المختلفة كلياً عن المسرح، إلى جانب حفاظي على عملي في المسرح البريطاني، واللندني بصورة خاصة. لكنني حتى اليوم وعلى رغم نجاحي، لا أعتبر نفسي صاحب موهبة فذة بل ممثل غريزي أعتمد على حاستي السادسة وأجيد التصرف في الوقت المناسب. فلست من النوع الذي يتقمص الدور ليلاً ونهاراً على مدى الأسابيع التي يستغرقها التصوير. هل تختار أدوارك في شكل عفوي أيضاً أم بدافع أخر؟ - أنا أقع في غرام السيناريو أولاً ولا يهمني دوري بالتحديد، فأنا أديت المغامرات والفكاهة والشر والرومانسية من دون تمييز أو أفضلية، وأنا الآن في حال من الفرح الكبير لنجاح"أقتلهم"فور ظهوره في الأسواق الأميركية. هل صحيح أنك تنوي اقتحام ميدان السياسة في بريطانيا وأنك منحاز إلى حزب العمال؟ - إنني أشارك بطريقة غير رسمية في حل بعض الأزمات الخاصة بالشباب وتمويل مراكز التدريب والعلاج والمكتبات وكل ما يساهم في تطوير حياة المراهقين الذين يعانون وضعاً عائلياً أو مادياً صعباً. ولا يعني ذلك إنني أنوي الدخول إلى الحقل السياسي بطريقة فعلية أو أنني سأحترف السياسة في يوم ما. لكنني فعلاً من أشد المدافعين عن حزب العمال وأحاول تقديم المساعدة لهم كيفما استطعت مستخدماً شهرتي. أديتَ في الفترة الأخيرة الكثير من الأدوار المبنية على اللقطات العنيفة وعلى الحركة وفيلمك الجديد"أقتلهم"أفضل نموذج لذلك، فهل تعشق هذا اللون السينمائي في شكل خاص؟ - فعلاً أحب أفلام المغامرات حتى وأن كانت تعتمد في أحد جوانبها على التقنيات الحديثة والمستقبلية مثلما هي الحال في"أقتلهم"، لأنني أنظر إلى السينما بعين الطفل الكامن في داخلي وأريد أن أحلم وأن أثير مخيلة المتفرج، فلا يهمني الدور العادي الذي يصور حياة الناس اليومية في البيت أو المكتب أو الطريق العام. أنا أريد الدخول إلى الأستوديو في وسط ديكورات خلابة مبنية خصوصاً من أجل الفيلم وتنقلني بسرعة إلى عالم أخر، وقد يكون الفيلم من النوع الرومانسي أو الفكاهي، مثل"بينك بانثر"فليس من الضروري أن ينتمي من دون قيد أو شرط إلى نوع الحركة والعنف. وأود توضيح نقطة أساسية في ما يخص العنف، فأنا ضد مبدأ المشاهد التي تعتمد العنف الرخيص في السينما، والعنف إذا وجد فلا بد من أن يصور الجانب الشرس من البشرية الذي يفترض على كل واحد منا قتله في نفسه أولاً ثم من حوله في ما بعد. ما رد فعلك تجاه ترشيحك لجائزة الأوسكار عن دورك في فيلم"قريب جداً"، وإن لم تفز بها؟ - قيل الكثير عن هذه المسألة فما الذي أستطيع أن أضيفه، غير أنني فعلاً لا أبالي بالجوائز وأفتخر بشيء واحد هو وجودي في الساحة السينمائية في شكل يقدره الجمهور على المستوى العالمي، فهو أكبر جائزة بالنسبة إلي. أما الأوسكار فإذا أتى فأهلاً وسهلاً به، وإن لم يأت فلن أموت أو تتغير حياتي بسببه. مساوئ النجومية ما مساوئ النجومية في رأيك وبحسب تجربتك؟ - فقدان الحرية الشخصية والعائلية إلى حد ما، فأنا أصبحت محاصراً ومراقباً من كل ناحية ومضطراً الى لاحتياط المستمر من وسائل الإعلام وأهل الصحافة. لكنني أعتقد بأنني قادر على مواجهة مثل هذه الصعوبات وتخطيها في شكل سريع وفعال، وغير هذا لا أرى مساوئ للشهرة . ما هي مشاريعك الآنية؟ - أستعد لبدء العمل في فيلم"مدينة الخطيئة الرقم 2"وأتمنى أن يكون في المستوى نفسه للجزء الأول بفعالية الإخراج إقبال الجمهور الواسع عليه. ما رأيك في وسائل الإعلام التي تعزو نجاحك الى وسامتك؟ - أؤكد لك إن الوسامة في حد ذاتها لا تسهل علي الموضوع، لأنها من أخطر مطبات مهنة السينما. أنا لم أقرر التمتع بمظهر وسيم أو غير وسيم، وكونني نجحت في العمل السينمائي أو حتى المسرحي من قبله، يعود في رأيي إلى وقوعي في غرام مهنة التمثيل ورغبتي في ممارستها ثم تعلمها في مدرسة للدراما كأي ممثل آخر بصرف النظر عن قدرة ملامحي على فتح الأبواب أمامي. مثلت مع أجمل نساء هوليوود وأوروبا مثل جوليان مور وناتالي بورتمان وجوليا روبرتس ومونيكا بيللوتشي وكيرا نايتلي وجنيفر أنيستون، فهل وقعت في غرام إحداهن؟ - هذا سؤال شخصي جداً، لكنني سأجيب عليه بقولي إنني أقع في غرام كل ممثلة أشاركها بطولة أحد أفلامي، وذلك لمصلحة العمل طبعاً، وفي شكل أفلاطوني بحت، علماً أن هذا الحب ينتهي في اليوم نفسه لانتهاء تصوير الفيلم. أما علاقاتي الشخصية فلا أمزجها بعملي إطلاقاً، لا في الصداقة ولا في الحب، خصوصاً في الحب، وهذا درس تعلمته على حساب راحتي وسلامتي العقلية في المرحلة الأولى من حياتي المهنية. لكن من هي الممثلة التي تركت بصمات أو ذكريات حلوة في خطاك السينمائية؟ - كيت بلانشيت التي شاركتني بطولة فيلم"إليزابيث الأولى"حديثاً، وهو لم ينزل إلى صالات السينما بعد، إنها نجمة عالمية مرموقة وفي الوقت نفسه امرأة متواضعة وقنوعة ولطيفة، إضافة الى جمالها الفذ بطبيعة الحال. يقال أنك كنت على وشك أن تصبح جيمس بوند الجديد لولا قيام دانيال كريغ بخطف الدور منك في اللحظة الأخيرة؟ - هذا صحيح لكنني لم أقل بعد كلمتي الأخيرة في هذا الشأن، فأنا مثل السياسي الذي يترشح لانتخابات الرئاسة، أنوي التقدم مرة ثانية لدور جيمس بوند وأنوي الفوز به لأنني أتميز، بحسب رأيي، بكل الصفات التي يحتاج إليها الممثل الذي يؤدي دور بوند، وأقصد مزيجاً من الخير والشر والمظهر الحسن والصوت الخشن ومرونة الحركة الجسدية. صدقني إذا قلت لك أنني جيمس بوند المقبل. هل تؤدي المواقف الخطرة بنفسك في أفلامك، لا سيما في فيلمك الجديد"أقتلهم"، أم تلجأ إلى بديل؟ - إنني كممثل قادم من دنيا المسرح التي لا تعرف المواقف الخطرة، أعتبر بعض هذه المواقف نوعاً من التحدي الإضافي بالنسبة الى فأصمم على التدرب عليها بنفسي أمام الكاميرا، لكن شركات التأمين المسؤولة عن الممثلين ترفض قيامي بتمثيل كل اللقطات الخطرة وتصر على اللجوء إلى بديل يفعل الكثير من الأشياء بدلاً مني. تعرفت إلى زوجتك الممثلة سارا جين فينتون أثناء تمثيلكما مسرحية"روميو وجولييت"فهل هذا صحيح؟ - نعم وكلياً، فهذه الحكاية من طرائف حياتي الفنية والشخصية إذ أنني تعرفت إلى سارا قبل 13 سنة أثناء قيامي بأداء شخصية روميو في مسرحية"روميو وجولييت"فوق أحد مسارح لندن، وقعنا في غرام بعضنا البعض، وأقصد أنني وقعت في غرامها بطريقة شبه جنونية خلال العروض وبذلت قصارى جهدي حتى ألفت نظرها وأجذبها إلي، لأنها لم تهتم بي إطلاقاً بادئ الأمر وأن كانت تردد لي كلمات حب وغرام ملتهب في كل ليلة فوق الخشبة، إلا أن الحكاية لم تكن أكثر من تمثيل بتمثيل طبعاً، لكنني نجحت بعد ثلاثة شهور، وأشكر السماء على أن المسرحية نجحت ودام عرضها فترة طويلة وإلا لما تزوجت من سارا ولما عشت السعادة العاطفية نفسها التي أعرفها الآن. نجحت إذاً في إقناعها برؤيتي خارج إطار عملنا المشترك، وانتهى الأمر بالزواج، وأنا الآن أب لطفلين بديعين هما مصدر بهجة بالنسبة إلي في كل صباح.