جوني ديب هو رمز الجيل الناضج من نجوم السينما الهوليوودية الحالية، فهو يثير إعجاب الجمهور النسائي ويتميز بحس فني فريد يسمح له بمواجهة أصعب الأدوار أمام الكاميرا ويدفع به إلى خوض تجارب جانبية، مثل الكتابة والإخراج. وحاز ديب جائزة"سيزار"الفرنسية التقديرية عن مجمل أعماله وشكر الجمهور الفرنسي بطريقة طريفة جداً وهي تسجيل كلماته فوق جهاز وبث الشريط في قاعة الاحتفال، نظراً الى عدم إجادته الفرنسية في ذلك الوقت، أي قبل عامين. وعلى العموم، فإن جوني ديب يعشق فرنسا جداً في هذه الأيام من خلال حبه لسواد عيني شريكة حياته وأم طفليه المغنية والممثلة فانيسا بارادي التي وقع في غرامها بعدما انفصل في ظروف صعبة عن نجمة عرض الأزياء التوب موديل البريطانية كيت موس التي حاولت الانتحار بعدما تناولت كمية من المسكنات مع جرعة كبيرة جداً من الكحول ثم أشعلت النار في فراشها في المصحة حيث كانت تعالج، لكن تم إنقاذها في اللحظة الأخيرة. لمع ديب منذ السبعينات في أفلام مختلفة، مثل"إدوارد والمقص الذهبي"وپ"إيد وود"وپ"حلم أريزونا"وپ"الخوف في لاس فيغاس"وپ"دوني براسكو"وپ"دون جوان دي ماركو"متنقلاً بين الفكاهة والدراما والمغامرات والعاطفة تاركاً العنان لقدراته التمثيلية تحت إدارة أشهر المخرجين مثل أمير كوستوريتسا وجيم جرموش وتيم بورتون وتيري غيليام وجون واترز، غير أنه وقف وراء الكاميرا وأدار أحد ألمع عمالقة السينما العالمية، مارلون براندو، في الفيلم الأول الذي أخرجه بنفسه تحت عنوان"الشجاع". ومن أفلام ديب المميزة، كممثل،"الباب التاسع"من إخراج السينمائي الكبير رومان بولانسكي، وهو عمل خيالي مثير مأخوذ عن رواية تدور أحداثها بين الماضي القديم جداً والمستقبل البعيد، ولاقى الفيلم رواجاً كبيراً عند نزوله إلى الصالات في العام 1999. ومن الواضح لمن يتابع مشوار ديب السينمائي، ان النجم الشاب لا يعمل إلا مع مخرجين عمالقة أو على الأقل من الذين هم على وشك اقتحام أبواب النجومية المطلقة على مستوى الإخراج العالمي. ويبرر ديب اختيار هؤلاء المخرجين له لبطولة أفلامهم بأن هناك جيلاً جديداً من السينمائيين يعبر عن حياة الشبان ومشكلاتهم من خلال الكاميرا، ومن الطبيعي أن يختار هؤلاء ممثلين يلائمون شخصيات السيناريوات من حيث العمر والشكل، فهذه هي الموجة الحالية التي تأثرت بموجة منتصف القرن العشرين التي لجأت في حينه إلى خدمات مارلون براندو مثلاً. وعن موضوع زواجه من النجمة الفرنسية فانيسا بارادي، يردد ديب باستمرار أنه أسعد رجل في الدنيا بصحبتها ولا يقدر على فراقها أبداً، والدليل على ذلك انه أهداها منزلاً فخماً في الجنوب الفرنسي كي يقضي فيه معها ومع طفليهما أوقات فراغه. وشارك ديب قبل خمس سنوات في فيلم"دون كيشوتي"مع زوجته بارادي وتحت إدارة المخرج تيري غيليام، إلا أن الممثل الفرنسي جان روشفور الذي تولى أداء الدور الأول فيه أصيب بوعكة صحية منعته من استكمال عمله، غير أن الظروف الجوية تدخلت وهدمت كل ديكور الفيلم المبني خصيصاً في إسبانيا قبل التصوير ما أدى إلى توقف العمل وعدم إتمام الشريط. لكن الشركة المنتجة ركّبت الأجزاء المصورة وأكملتها بتحقيق تسجيلي عن المخرج والممثلين والفيلم"الملعون"في شكل عام ووزعت الشريط الجديد في الصالات في 2005 تحت عنوان"ضياع في لا مانشا". وآخر أفلام ديب المعروضة حالياً في الصالات عنوانه"قراصنة جزر الكارايبي: سر الخزانة الملعونة"وهو فيلم مكمل لجزء أول نزل إلى الأسواق قبل عامين، ويمكن وصفه بعمل جميل خلاب ومثير يؤدي فيه ديب شخصية قرصان طيب القلب يكافح الأشرار من أجل التخلص من لعنة أصابته في الماضي. ولمناسبة الحفل الافتتاحي لهذا الشريط في سينما"مارينيان"الضخمة في جادة الشانزيلزيه الباريسية بحضور فانيسا بارادي، إلتقت"الحياة"جوني ديب في كواليس الصالة وحاورته. أنت دون جوان السينما الهوليوودية الحديثة، ولا شك في أن أفلامك تعتمد إلى حد كبير على وسامتك وجاذبيتك، غير موهبتك الفذة بطبيعة الحال التي تسمح لك بالتنويع في أدوارك، فما رأيك في موضوع قدرة مظهرك على جلب أجمل الأفلام إليك؟ - لم أقرر التمتع بمظهر وسيم، وهذا كلام منطقي سهل طبعاً، أما نجاحي في العمل السينمائي فيعود في رأيي إلى وقوعي في غرام مهنة التمثيل ورغبتي في ممارستها كوني تعلمتها طبقاً لأصولها مثل أي ممثل آخر، بصرف النظر عن قدرة ملامحي على فتح الأبواب أمامي. ولكن من ناحية ثانية فالجميع يعرف أن مهنة التمثيل مبنية أيضاً على الشكل الخارجي للفنان، إلا أن هذا الأخير من دون عنصر القدرة على الأداء لا يتمتع بأدنى قيمة، والدليل هو وجود عشرات بل مئات الممثلين والممثلات أو الذين يدّعون أنهم كذلك لمجرد أنهم من أرباب الملامح الجذابة، يسقطون في بحر النسيان بعد ظهورهم في فيلم واحد أو فيلمين على الأكثر أو يتجهون نحو لون المغامرات أو الإثارة الرخيصة حيث يعثرون على إمكانات للعمل إلى حد بلوغهم سن الثلاثين أو أقل من ذلك في بعض الحالات. إن جاذبية المظهر لا بد من أن ترافقها شخصية قوية وإلا باتت فارغة وسطحية ومع ذلك كله أعرف انني مدين لملامحي بأدواري، لكنني أيضاً مدين بها لطاقتي الفنية. أنت عينت مارلون براندو الرجل الأكثر وسامة والأكثر موهبة في هوليوود ليؤدي بطولة الفيلم الذي أخرجته بنفسك تحت عنوان"الشجاع"، فكيف نجحت في تحقيق ذلك؟ - طالما تمنيت الاستعانة بمارلون براندو كممثل في أول أفلامي كمخرج، ولكنني لم أجرؤ أبداً على توجيه عرض العمل عليه، إذ كنت أخاف غضبه واعتقاده انني أنوي استغلال صداقتنا التي نشأت في ظروف سينمائية سابقة والاستفادة منها على الصعيد المهني. كيف حدث اللقاء إذاً؟ - عملت كممثل إلى جوار براندو في فيلم"دون جوان دي ماركو"واكتشفت نقطة مشتركة بيني وبينه هي حبنا للهنود الحمر ودفاعنا، كل من جانبه في الماضي، عن قضية هؤلاء. وبالتالي نشأت بيننا صداقة فورية وقوية، وعندما سمع براندو عن مشروعي الخاص بكتابة سيناريو فيلم"الشجاع"حول مأساة الهنود الحمر وعلم بنيتي في إخراجه أيضاً، عرض علي خدماته من دون أن أطلب منه أي شيء، وأتركك تتخيل فرحتي في تلك اللحظة وكيف آمنت على الفور بأن الأحلام قادرة على التحول إلى واقع في حالات معينة، وأعترف بأنني مدين إلى حد كبير أيضاً للحظ في مشواري الفني وفي الحياة بصورة عامة. كيف نجحت في إدارة مارلون براندو أمام الكاميرا في أول فيلم أخرجته؟ - فكرت في طلب النصيحة منه بدلاً من إدارته حقيقة، فهو لم يكن في حاجة طبعاً إلى توجيه من أي نوع. ثم ترددت كثيراً ولم أخضع لرغبتي حتى لا أثير القيل والقال من جانب أفراد الفريق العامل في الفيلم الذين كانوا يعتبرونني رئيسهم ورئيس براندو، بما أن المخرج يرمز في السينما إلى قبطان السفينة. ورحت أشعر بأن براندو كان يراقب تصرفاتي عن بعد ثم حدث في أكثر من مرة ان همس في أذني نصيحة صغيرة في شأن موقف أو آخر. وأعترف الآن من دون أدنى خجل بأن مجرد وجود مارلون العملاق إلى جواري هو في حد ذاته شيء ساعدني في شكل لا شعوري على مواجهة الكثير من مشقات الإخراج. هل وقعت في غرام باريس بعد تعرفك إلى فانيسا بارادي؟ - نعم ولا، فأنا كنت أعرف باريسوفرنسا جيداً في الماضي وكنت أعشق القدوم إلى باريس وقضاء وقتي بين متاحفها ومطاعمها وساحاتها الفريدة من نوعها في العالم كله، ولكن هذا الحب"السياحي"يضحك شبه العادي تحول لهفة عقب تعرفي إلى فانيسا ومجاورتي لها وزواجنا. فقد أصبحت فرنساوباريس في شكل خاص، وطني مثل الولاياتالمتحدة تماماً وأنا أقضي كل وقتي هنا إلا عندما أضطر إلى السفر للعمل في فيلم ما. وهل تعشق فانيسا بارادي الولاياتالمتحدة؟ - اسألها بنفسك في ما بعد، فهي موجودة هنا، لكنني أعرف أنها تحب أميركا بالفعل ولكن ربما أقل مما أحب أنا فرنسا. هل أنت مولع بأدوار المغامرات مثل الدور الذي تؤديه في"قراصنة جزر الكاريبي"بجزءيه الأول والثاني؟ - نعم، فهذا اللون من الأفلام هو الذي علمني وغرس في نفسي حب السينما في طفولتي، حالي حال كل الصغار تقريباً. أليس كذلك؟ وأنا عندما أجد نفسي الآن أمام الكاميرا أؤدي شخصية قرصان أو مغامر أو شرير أو عميل سري شجاع أتذكر أيام الصبا وأعتبر نفسي في حلم أو على الأقل في حلم تحول إلى واقع مثل حكاية مارلون براندو بالتحديد. ومرة أخرى أقول ان الحظ حليفي في هذه الدنيا. هل يعني كلامك أنك تلعب أمام الكاميرا مثل الطفل الذي يلعب مع أصدقائه؟ - يضحك بصوت عال هذه هي الحال تماماً، إلا أنني أضع بعض الجدية والروح المهنية في الموضوع، ما لم أكن أفعله في صباي طبعاً. ماذا عن الأدوار الأخرى؟ - كل الأدوار تحتاج إلى لعب، لكن بعضها لا يمكن مقارنته بألعاب الصغار ما لا يمنعني من تقديرها، وأيضاً أكثر من ذلك فأنا أشترط التنويع المستمر في أفلامي وأفضل البقاء فترات طويلة بلا عمل، على الظهور في أدوار تشبه بعضها بعضاً وتمنح جمهوري الانطباع بأنه يراني في شخصيات تكرر نفسها.