بدأت أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية مساعي لتكريس الوضع الجديد، وأعلنت الأولى عن رغبتها في الإنضمام إلى رابطة الدول المستقلة فيما أبدت الثانية على ضرورة التحاقها بقوام روسيا الاتحادية، لتتراجع عن موقفها لاحقاً. وتزامن ذلك مع تواصل تعقيدات الأزمة في القوقاز وانعكاساتها الإقليمية، إذ أعلنت موسكو أن"كييف تتبنى سياسات غير ودية"تجاه روسيا، في تدخل مباشر سينعكس على الأزمة الأوكرانية الداخلية. وأعلن الرئيس الأبخازي سيرغي باغابش أن جمهوريته"لا تنوي محاربة أي جهة، وتسعى إلى إقامة دولة منزوعة السلاح". وزاد أن الأبخازيين"لن يتنازلوا عن شبر من أراضيهم"وسيواصلون العمل على تكريس الواقع الجديد بعد اعتراف موسكو باستقلال الجمهورية، وقال إن شعبه دفع ثمناً باهظاً للاستقلال مشيراً إلى أن"خسائر البلد في النزاع مع جورجيا خلال ال 15 سنة الأخيرة شكلت 4 آلاف قتيل، وهذا كارثة لدولة صغيرة". علماً أن تعداد سكان أبخازيا لا يزيد على 300 ألف نسمة. وقال باغابش أن جمهوريته تنوي الانضمام إلى رابطة الدول المستقلة، وتقديم طلب للانضمام إلى دولة الاتحاد الروسي البيلوروسي. وصرح رئيس اوسيتيا الجنوبية ادوارد كوكويتي ان الاقليم الانفصالي سينضم الى روسيا قبل ان يعود عن تصريحاته. وقال كوكويتي:"يبدو ان كلامي فهم بطريقة غير صحيحة. لا ننوي التخلي عن استقلالنا الذي حصلنا عليه لقاء تضحيات كبرى, واوسيتيا الجنوبية لا تنوي الانضمام الى روسيا الاتحادية". وكانت وكالتا أنباء انترفاكس وريا نوفوستي نقلتا في وقت سابق عن كوكويتي تصريحات مخالفة قال فيها"نعم, سنكون بالتاكيد جزءاً من روسيا ولا نعتزم انشاء اي اوسيتيا مستقلة لان التاريخ رسم الأمور على هذا النحو, اجدادنا قاموا بهذا الخيار". ونفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان تكون لدى اوسيتيا الجنوبية نية للانضمام الى الاتحاد الروسي. وأكد الوزير اثناء مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البولندي رادوسلاف سيكورسكي في وارسو: ان"اوسيتيا الجنوبية لا ترغب في الانضمام الى اي كان". وأضاف رداً على سؤال"لا ادري من اين جئتم بهذه المعلومات". وأكد وزير الخارجية الروسي معارضة موسكو نشر الدرع الصاروخية الأميركية في شرق أوروبا، قائلاً انها تهدد أمن بلاده. وقال:"لا يمكننا الا ان نرى المخاطر تتكشف نتيجة مجيء القوات الاستراتيجية الأميركية قرب حدودنا". في غضون ذلك، اعتبر خبراء روس أن قرار مجلس الشيوخ الأميركي أمس بالموافقة على إنشاء محطة رادار وإنذار مبكر جديدة ضمن عمليات توسيع الدرع الصاروخية الأميركية"تصعيداً خطراً ومواصلة لنهج عسكرة أوروبا وتوتير الوضع في القارة"، وقال مسؤول عسكري إن روسيا"كشفت جزءاً فقط من خططها للرد على نشر الدرع الصاروخية"في إشارة إلى التهديد بتوجيه الصواريخ الإستراتيجية الروسية نحو أهداف أوروبية. في موسكو، أعلن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ان بلاده ستركز جهودها على تحديث معداتها العسكرية بسبب الخطر الجورجي. وقال ميدفيديف خلال اجتماع في الكرملين:"علينا التركيز على مسألة تحديث المعدات العسكرية"، مضيفاً:"هذا القرار لا شك انه اتخذ تحت تأثير الأزمة في القوقاز وعدوان جورجيا ونزعتها العسكرية المتواصلة". على صعيد آخر، قال ميدفيديف لمناسبة الذكرى السنوية لاعتداءات 11 أيلول سبتمبر، انه يجدر بواشنطن"التعاون"مع روسيا في مكافحة الإرهاب بدل تطوير علاقات"مع انظمة فاسدة", في اشارة الى جورجيا. أما رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، فقال ان روسيا ليست لديها"طموحات امبريالية"ولا تريد"المساس بسيادة"جيرانها من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً, في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء الروسية. وقال بوتين خلال جلسة مناقشات نظمها الكرملين لنادي فالداي للدراسات في سوتشي جنوبروسيا:"ليس لدينا ولن يكون لدينا اي من الطموحات الامبريالية التي يحاولون اتهامنا بها". وأكد"ليس لدينا اي خلاف ايديولوجي ولا اي دافع لاثارة"حرب باردة". بل على العكس, لدينا مشكلات مشتركة كثيرة لا يمكن تسويتها بطريقة فاعلة الا بجهود مشتركة". على صعيد آخر، اعلن مستشار القائد الأعلى للقوات الجوية فلاديمير دريك ان القاذفتين الروسيتين اللتين وصلتا الاربعاء الى فنزويلا للقيام بطلعات تدريبية بحسب الرواية الرسمية"لا تحملان اسلحة نووية على متنيهما". في غضون ذلك، اتهمت روسيااوكرانيا باعتماد سياسة"غير ودية"حيالها في نزاعها مع جورجيا و"بتعقيد"تحرك الأسطول الروسي في البحر الاسود المتمركز في القرم. واعتبرت الخارجية الروسية في بيان أن موقف أوكرانيا تجلى بوضوح خلال"عدوان جورجيا على أوسيتيا الجنوبية"في إشارة إلى قرار أوكراني أثناء الحرب بالتضييق على حركة السفن الحربية الروسية في قاعدة سيفاستوبول على البحر الأسود. وأضافت الخارجية:"لم نسمع أي تعبير عن الأسف والمواساة في شأنپهلاك سكان تسخينفالي المدنيين وأفراد قوات حفظ السلام الروس. وإنما على العكس، حاول الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشينكو تحميل روسياپمسؤولية إراقة الدماء". وأشار إلىپ"أن كييف تلتزم الصمتپبصدد حقيقة تزويد الجيش الجورجي بأسلحة ثقيلة، لذلك فإن الجانب الأوكراني يتحمل قسطاً من المسؤولية عن الدماء التي هدرت". وذكر البيان الروسي، أن معاهدة التعاون والصداقة الموقعة بين روسياوأوكرانيا سيحل موعد تجديدها في الأول من الشهر المقبل من دون أن يتفق الطرفان. واعتبر أن"النهج الذي تسلكه كييفپلتسريع الانضمام إلى الأطلسي، يتعارض معپالمعاهدة الموقعة في العام 1997". ولفتت الخارجية الروسية إلىپما وصفته"انتهاك السلطات الأوكرانية حقوق سكان أوكرانيا الناطقين بالروسية". ومعلوم أن الأزمة الأوكرانية الآخذة في التصاعد بعدما انحازت رئيسة الوزراء يوليا تيموتشينكو إلى حليف موسكو فيكتور يانوكوفيتش ستدخل قريباً مرحلة الحسم، وفي حال لم تنجح تيموتشينكو في المحافظة على الحكومة الائتلافية التي تقودها ينتظر أن يفي يوتشينكو بتهديداته بحل البرلمان والدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة ما يعني زيادة سخونة الأوضاع في هذا البلد.پ مركل في برلين، أعلنت المستشارة أنغيلا مركل أمس، أن ألمانيا ستشارك بفعالية في إرسال مراقبين من الاتحاد الأوروبي إلى جورجيا مطلع الشهر المقبل، لمراقبة وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الروسية، وستؤمن ثلث العدد المحدد بمئتي مراقب. وقالت مركل"إن التفاوض سيستأنف مع موسكو لمعرفة إذا كان المراقبون الأوروبيون سيدخلون"اوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. وأكدت أن ألمانيا لن تتهرب من مسؤولياتها في منطقة النزاع، خصوصاً أن مهمة المراقبين مهمة غير عسكرية. لكنها لفتت إلى أن القرار يعود في الأخير إلى البرلمان الاتحادي الذي عليه التصويت على إرسال مراقبين ألمان.