رسم قبول السناتور باراك أوباما ترشيحه من الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية منعطفاً مهماً في تاريخ الولاياتالمتحدة والجدل العرقي في البلاد، وكأول أفريقي - أميركي يرشح لهذا المنصب. وعكست تحضيرات الحملة لخطاب أوباما من ملعب"انفسكو فيلد"في دنفر، الحماسة الشعبية التي ترافق ترشيحه، والتي غابت عن المشهد السياسي الأميركي منذ عهد رونالد ريغان وجون كينيدي، وحاول المرشح الجمهوري جون ماكين الرد عليها بالاستعداد لإعلانه خيار نائب الرئيس اليوم. واختتم الحزب الديموقراطي مؤتمره في دنفر بمحطة استثنائية أمس، مع قبول أوباما لقب الترشح للرئاسة أمام حشد من نحو 75 ألف شخص. وعمدت الحملة الى نقل المؤتمر من قاعة"بيبسي سنتر"التي تتسع لثلاثين ألف شخص الى ملعب"انفسكو سنتر"عند مدخل المدينة، لاستيعاب الحضور الذي جاء معظمه من ولايات الغرب الأميركي وكولورادو، حيث يخوض أوباما معركة ساخنة مع ماكين. وتقاطع خطاب المرشح الديموقراطي مع الذكرى ال45 لمسيرة المناضل الحقوقي مارتن لوثر كينغ الى واشنطن العام 1963 لإنهاء التمييز العنصري، وقبل اغتياله في 1968. ووصفت الصحافة الأميركية ترشيح باراك أوباما بأنه"انقلاب"في السياسة الأميركية والحزب الديموقراطي الذي رفض في أول مؤتمر له في دنفر العام 1908 إدانة الإعدام العشوائي بلا قرار قضائي للأفارقة - الأميركيين، كما رفض زمن العبودية. لكن خطاب أوباما لقي ردود فعل متباينة في الوسط السياسي، واعتبر الجمهوريون أن حملته تقتصر على"النجومية"و"أنه غير جاهز للقيادة". كما استغرب مراقبون الاطار الهندسي للخطاب، وبناء مجسم على شكل معبد روماني خلف المنبر، ورأوا في ذلك"مبالغة غير ضرورية"في تصوير المرشح. راجع ص 7 وتتخوف قيادات ديموقراطية من توظيف حملة ماكين الخطاب وانتقاد عنصر النجومية لدى أوباما، كما انتقدت خطابه في برلين الشهر الماضي، وشبّهته بنجمتي هوليوود، باريس هيلتون وبريتني سبيرز. وكان متوقعاً أن يستعيد أوباما في خطابه الذي القاه في ساعة متقدمة ليل امس، لقطات من رؤساء أميركيين سابقين، مثل جون كينيدي ورونالد ريغان وبيل كلينتون، كأمثلة لتوضيح رؤيته السياسية التي ستأخذ من كينيدي جرأته، ومن ريغان شعبيته، ومن كلينتون انجازاته في مجالي الاقتصاد والسياسة الخارجية. وسيحاول السناتور عن ولاية ايلينويز الذي التقاه الأميركيون خطيباً بليغاً العام 2004 ونجح في الفوز بالانتخابات التمهيدية بعد معركة مضنية أمام هيلاري كلينتون، التعريف عن نفسه في شكل أفضل، وطرح أجندته الانتخابية، وتوضيح نقاط الخلاف مع ماكين. وسيربط بين المرشح الجمهوري والرئيس جورج بوش، في مسائل الحرب في العراق والورقة الاقتصادية المحورية في هذه الانتخابات. وعكست استطلاعات الرأي احتدام المنافسة بين المرشحَين، وتعادلاً في الأرقام، وبنسبة 47 في المئة استطلاع رسموسن أمس. لكن استطلاعات جديدة في ولايات حاسمة نشرت نتائجها أمس شبكة"سي. إن. إن"، أعطت أوباما الصدارة في ولايات نيو مكسيكو وأوهايو وبنسلفانيا، التي خسر المرشح الديموقراطي جون كيري اثنين في انتخابات العام 2004. وينتظر الجمهوريون بشغف، إعلان ماكين اليوم خياره لمنصب نائب الرئيس، ليساعده في ولايات محورية على الخريطة الانتخابية. وأكدت حملة ماكين، أن المرشح اتخذ قراره وأبلغ الشخص المعني نائب الرئيس أمس، وسيستعدان لجولة انتخابية معاً في عطلة نهاية الاسبوع. ومن أبرز الأسماء المرشحة، حاكم ماساشوستيس السابق ميت رومني الذي سيساعد ماكين مادياً وفي الولايات الغربية، والسناتور الديموقراطي سابقاً والمستقل حالياً جوزيف ليبرمان، القريب من ماكين والذي سيعطيه زخماً في أوساط المستقلين واليهود، وحاكم مينيسوتا تيم بولنتي، القريب من القاعدة الانجيلية، الى جانب وزير الأمن الداخلي السابق توم ريدج، القوي في المناظرات وفي ولايتي بنسلفانيا وأوهايو. ويأتي قرار ماكين قبل أيام من افتتاح مؤتمر الحزب الجمهوري في مينيسوتا الاثنين المقبل، وهو سيستمر حتى نهاية الأسبوع المقبل.