دخل الصراع بين روسيا والغرب مرحلة جديدة من التصعيد أمس، بعد تهديد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، بفرض عقوبات على موسكو، اذ رد عليه نظيره الروسي سيرغي لافروف بعنف فوصفه بصاحب"مخيلة مريضة". فيما نجحت روسيا في تأسيس نواة تحالف ضد الغرب، بعد كسبها دعماً صينياً وإقليمياً لموقفها في القوقاز، عبرت عنه قمة دول منظمة"شنغهاي"التي تضمن بيانها الختامي أمس، إشارة ذات مغزى الى"التهديد الجماعي الذي يشكله عدم الاستقرار في أفغانستان". واستغل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد القمة لشن هجوم على واشنطن وحلف شمال الأطلسي، وتحميلهما مسؤولية تدهور الوضع في أفغانستان. راجع ص 7 وبدت واشنطن مترددة في تأييد فرض عقوبات على روسيا، معتبرة أن الحديث عن هذا الامر سابق لأوانه، رغم اعلان البيت الابيض انه يفكر في إلغاء اتفاق مع روسيا حول التعاون النووي في المجال المدني، رداً على الأعمال العسكرية الروسية في جورجيا. كما رفض البيت الابيض الاتهام"غير المنطقي"الذي ساقه رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الى الإدارة الأميركية بالتدخل في النزاع في جورجيا ل"دوافع سياسية داخلية"لمصلحة مرشح للانتخابات الرئاسية الاميركية. ونفى وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند وجود"مؤامرة غربية لتطويق روسيا"، معتبراً أن غزوها جورجيا وضع نهاية للهدوء النسبي في أوروبا منذ تفكك الاتحاد السوفياتي. ورأى ان على الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف تفادي"حرب باردة جديدة"في القارة. وبدأ الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي يواجه ضغوطاً داخلية، إذ نددت المعارضة ب"النزق العسكري"لديه. وقالت ايكا بيسيليا القيادية في حزب"من أجل جورجيا موحدة"المعارض، ان"الروس ليسوا وحدهم مسؤولين عما جرى"من مواجهات حول أوسيتيا الجنوبية، متهمة ساكاشفيلي بأنه"فشل في تجنب الحرب المدمرة". وأضافت:"ندرس خيارات، خصوصاً ضرورة تنظيم انتخابات مبكرة لأننا لا نتخيل أن ساكاشفيلي سيتمكن من الاستمرار في الحكم بعدما اغرق البلاد في أزمة عميقة جداً". ودخلت بيلاروسيا على خط الأزمة، فرأى رئيسها الكسندر لوكاتشينكو ان روسيا لم يكن لديها"خيار آخر"سوى الاعتراف باستقلال جمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الانفصاليتين في جورجيا. وأكد أن بيلاروسيا هي"الحليف الأمتن"لروسيا، واقترح"إعداد موقف قوي"من الصراع، أثناء اجتماع لدول معاهدة الأمن الجماعي تضم أرمينياوبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان واوزبكستان وروسيا وطاجيكستان في الخامس من أيلول سبتمبر المقبل. تزامن ذلك مع كسب روسيا دعم حلفائها في منظمة"شنغهاي"، في صراع القوقاز، وظهرت خلال قمة"شنغهاي"التي عُقدت في دوشانبه بمشاركة الصين وإيران ودول آسيا الوسطى، دعوات الى تعزيز التعاون في إطار المنظمة الآسيوية، وإنشاء نظام موحد لمراقبة الحدود. كما برر الرئيسان الأوزبكي إسلام كريموف والطاجيكي نور سلطان نزاربايف، التحرك الروسي في جورجيا باعتباره كان ضرورياً، وشددا على"الشراكة الاستراتيجية"مع موسكو. وأعرب الرئيس الروسي عن أمله بأن يشكل"الموقف الموحد"النابع من القمة،"رسالة جدية للذين يحاولون تحويل الأسود الى ابيض"، في إشارة الى العواصم الغربية. وأثار وزير الخارجية الفرنسي رد فعل عنيفاً لدى موسكو، بإشارته الى أن قادة الاتحاد الأوروبي يبحثون فرض عقوبات على روسيا خلال القمة التي يعقدونها الاثنين المقبل، لمناقشة الوضع في جورجيا. وقلل لافروف من أهمية فرض عقوبات أوروبية على بلاده، معتبراً ان الاتحاد الأوروبي"غاضب فحسب"من الفشل الذي منيت به جورجيا"دمية"الغرب. ورأى لافروف أن الاتهامات التي ساقها نظيره الفرنسي الى موسكو تنم عن"مخيلة مريضة"، بعدما تحدث كوشنير عن"أهداف أخرى"لروسيا بعد أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، مثل"القرم وأوكرانيا ومولدافيا". وعلى رغم اللغة التي استخدمها لافروف، فإنه دعا"الزملاء في الغرب"إلى الشروع في حوار هادئ للتوصل إلى تسوية الوضع في القوقاز. وأكد أن روسيا"لا تنوي إبقاء قوة حفظ السلام الروسية في جورجيا إلى الأبد". على صعيد آخر، أجرت روسيا تجربة على صاروخ"توبول"القادر على اختراق نظام دفاعي مضاد للصواريخ، كما أعلنت قيادة القوات الاستراتيجية النووية، في إشارة الى الدرع الصاروخية التي تعتزم أميركا نشرها في شرق أوروبا. كما أفادت تقارير في روسيا بأنها أجرت تجربة ناجحة لأول قنبلة صنعت بالاعتماد على تقنيات النانو، وتراوح وزن هذه القنبلة بين 500 كيلوغرام و8000 كيلوغرام، في حين تعادل قوتها التدميرية قوة قنبلة ذرية تكتيكية.