تحولت بوصلة الانتخابات الرئاسية الأميركية غرباً في اتجاه مدينة دينفر في ولاية كولورادو، والتي ستشهد اليوم، انطلاقة المؤتمر الأضخم للحزب الديموقراطي منذ أربعة عقود، لتسمية باراك أوباما مرشحاً للحزب. ليصبح التحدي الأبرز أمام المرشح توحيد صفوف قيادات الحزب وجمع مناصريه ومناصري السناتور هيلاري تحت مظلة واحدة تفادياً لخسارة السباق الى البيت الأبيض للمرة الثالثة أمام الجمهوريين ومرشحهم جون ماكين في الانتخابات النهائية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وتسهيلاً لمهمة اوباما، رحبت كلينتون باختيار أوباما للسيناتور عن ولاية ديلاوير جوزيف بايدن مرشحاً لمنصب نائب الرئيس، وطلبت من أنصارها الاقتراع لهما. ووصفت كلينتون بايدن بأنه"ذو عزم وديناميكي"، وقالت إنه"سيساعد أوباما في حكم هذا البلد العظيم". وتستقبل مدينة دينفر 80 ألف ديموقراطي هذا الأسبوع بينهم اكثر من 4200 مندوب جاؤوا من انحاء الولاياتالمتحدة، في لحظة تاريخية لتتويج أوباما أول افريقي - أميركي مرشحاً للحزب. ويعد هذا التجمع الأكبر من نوعه منذ مؤتمر الحزب في لوس أنجليس العام 1961 وترشيح الرئيس الراحل جون كينيدي. وتعكس نسب المشاركة الحماسة التي يحظى بها الديموقراطيون في هذه الدورة الانتخابية، وفي ظل استياء غالبية الأميركيين من أداء الرئيس جورج بوش والسياسات الاقتصادية والحرب في العراق. وأحيت هذه المؤشرات آمال الديموقراطيين بتغيير المعادلة الانتخابية في بعض الولايات، بينها كولورادو معقل الجمهوريين تاريخياً، والتي تشهد منافسة ساخنة بين المرشحين اليوم على أصواتها ويتقدم فيها ماكين بنصف نقطة فقط. غير أن ترجمة الحماسة الشعبية التي يحظى الديموقراطيون، ستتطلب نجاح المؤتمر في اعادة لم شمل القيادات الديموقراطية، وتوحيد الصف بين مناصري أوباما من جهة ومناصري كلينتون المستائين من المجرى العام للسباق ومن عدم اختيارها نائباً للرئيس. وعكس استطلاع لصحيفة"وول ستريت جورنال"وشبكة"أن بي سي"التلفزيونية أن 20 في المئة من مؤيدي كلينتون سينشقون عن الولاء الحزبي ويصوتون لماكين بدل أوباما، وهي نسبة عالية بالمقاييس الانتخابية، خصوصاً أن الفارق بين المرشحين اليوم لا يتعدى اثنين في المئة. وستحظى هيلاري كما زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون بمكان مشرف في المؤتمر، يتضمن القاءهما خطابين في أوقات محورية يومي الثلثاء والأربعاء، كما سمحت لها اللجنة المنظمة باجراء تصويت في صفوف المندوبين الكبار داخل المؤتمر على ترشيحها، الأمر الذي يهدف الى تسجيل الطابع"التاريخي"لخطوتها. وتخوفت أوساط قريبة من حملة أوباما من هيمنة آل كلينتون على المؤتمر وحضور ضعيف للمرشح الرئاسي، خصوصاً في حال نجاح كلينتون في استقطاب عدد ملحوظ من المندوبين الكبار. لذا كثفت الحملة نشاطات أنصارها، بخطاب افتتاحي لعقيلة المرشح الديموقراطي ميشال أوباما اليوم، يعقبه خطاب لشقيقته مايا سوتيرو، ولنائبه بايدن وشخصيات ديموقراطية أخرى قريبة من المرشح. كما قررت الحملة نقل خطاب اوباما من قاعة"بيبسي"المستضيفة للمؤتمر الى ملعب"أنفيسكو فيلد"والذي يتسع ل75 ألف شخص. دينفر التي تسلق سكانها الجبال العام 1908 ترحيباً بزوارهم في أول مؤتمر حزبي ديموقراطي ينعقد فيها، تمثل منعطفاً مهماً للانتخابات اليوم، اذ أن انتهاء المؤتمر من دون توحيد صفوف الحزب يهدد، بحسب المراقبين، بتكرار سيناريو القرن الماضي حين خسر يومها مرشح الحزب ويليام جينينغز بريان أمام الجمهوري ويليام هوارد تافت.