استفاق الأميركيون أمس على واقع انتخابي جديد تحددت خطوطه العريضة، مع فوز السناتور الديموقراطي باراك أوباما بلقب الحزب الديموقراطي، ليصبح أول افريقي - أميركي في تاريخ البلاد يصل لهذا المنصب، مطلقاً حملته على مسارين، الأول الهجوم على الجمهوريين ومرشحهم جون ماكين، والثاني توحيد الصف الديموقراطي واسترضاء حملة ومناصري السناتور هيلاري كلينتون التي تطمح لمنصب نائب رئيس. وبعد سباق ماراتوني قطع 54 معركة، آخرها في ساوث داكوتا، حيث فازت كلينتون، ومونتانا التي صوتت لأوباما، تخطى المرشح الأسمر الرقم الذهبي للحزب 2118، وجمع أمس 2157 مندوباً مقابل 1926 لكلينتون، وكسب بذلك لقب الديموقراطيين، مطلقاً حملته الوطنية. وطغت الخطابات السياسية على ليل الثلثاء، أولها لماكين من مدينة نيوأورلينز التي دمرها الإعصار كاترينا، في ظل تلكؤ ادارة جورج بوش في التعامل مع تبعات الكارثة، وحيث أعلن المرشح الجمهوري بدء الحملة العامة بينه وبين أوباما، مهاجماً رصيد السناتور الديموقراطي في السياستين الخارجية والداخلية، وخصوصاً استعداده للاجتماع بقيادات ايران وسورية من دون شروط مسبقة. كما حاول ماكين النأي بنفسه عن بوش، الذي فقد شعبيته في أوساط الأميركيين، بتأكيده أنه من الخطأ"المقارنة بينهما"، مذكراً بسجله الطويل في موقع الوسط، وعمله الاشتراعي مع الحزبين لأكثر من عقدين في الكونغرس. الا أن خطاب ماكين لم يشهد الحماسة ذاتها التي رافقت المرشحين الديموقراطيين، لا سيما أوباما، في ولاية مينيسوتا، ومن المركز الذي سيستضيف المؤتمر الجمهوري في أيلول سبتمبر. وأمام 17 ألف شخص احتشدوا في المجمع الرياضي، و15 ألف خارجه، أعلن أوباما فوزه بلقب الحزب، وانطلاق المعركة"التاريخية"باتجاه البيت الأبيض، في ظل حماسة لم تشهدها الانتخابات الأميركية منذ 1968 عند ترشيح بوب كينيدي. والتزم أوباما بخطابه الجامع، ولم يشر الى انتمائه العرقي، بل ركز على أجندته الانتخابية بتحسين الواقع الاقتصادي، وانهاء الحرب في العراق، وتصحيح صورة أميركا في العالم، وتعزيز الأمن القومي. وتضمن الخطاب مقاطع عاطفية عن جدته وسيرته الشخصية. ونوه المرشح برصيد كلينتون وزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، مؤكداً العمل على توحيد صفوف الحزب الديموقراطي بعد المعركة الطويلة بينهما. وشبه المسؤول السابق في ادارات ديموقراطية ديفيد غيرغن خطاب أوباما، بخطابات لابراهام لينكولن والمناضل الحقوقي مارتن لوثر كينغ. وفي خطاب ألقته من نيويورك، رفضت كلينتون التسليم بفوز أوباما، وأكدت أنها"لم تتخذ أي قرار بهذا الشأن بعد"، وأن الأيام المقبلة ستشهد اجتماعات لها مع متبرعين للحملة ومندوبين كبار وستتخذ على أساسها أي قرار بالانسحاب أو البقاء حتى المؤتمر الحزبي نهاية الصيف. ورجح مستشار كلينتون، جيمس كارفيل، قراراً حاسماً للمرشحة خلال الأيام المقبلة، بعد انتهاء مفاوضاتها المباشرة والغير مباشرة مع حملة أوباما. وتسرب أخيراً نبأ استعداد كلينتون للقبول بمنصب نائب رئيس الى جانب أوباما، في اتصالات هاتفية مع شخصيات داعمة لها في نيويورك. ويتوقع أن يعقد أوباما وكلينتون اجتماعاً في الأسابيع المقبلة للبحث بالخيارات المحتملة. وتتحدث أوساط داخل حملته عن تحفظات على اختيار كلينتون نائبة للرئيس، بسبب التاريخ الطويل لآل كلينتون والذي شابته فضائح سياسية، اضافة الى شخصية المرشحة التي قد تهيمن على السباق. ويمكن بضغوط قد تمارسها قيادات في الحزب أن تسهل قبول أوباما. ويحتاج السناتور عن إيلينويز الى كلينتون، أو شخصية مماثلة لاستقطاب أصوات النساء، والقاعدة الريفية التي لم تبد استعداداً خلال الانتخابات التمهيدية للتصويت لمرشح افريقي - أميركي بعد. ومن الأسماء الأخرى المطروحة، حاكمة ولاية كنساس كاثلين سيبليوس، وحاكم ولاية فيرجينيا تيم كاين. أما عن الجانب الجمهوري، فيتصدر أسماء المرشحين لمنصب نائب الرئيس حاكم لويزيانا الهندي الأصل بوب جيندال، والمرشح السابق ميت رومني، وحاكم فلوريدا تشارلي كريست. ويستفيد ماكين من قوته في صفوف المستقلين، أو حتى بعض الديموقراطيين من مناصري كلينتون، الذين حاول استمالتهم أمس، فيما تبرز قوة أوباما في استقطابه أعداداً هائلة من الناخبين والتبرعات. إيران تترقب تغييراً في غضون ذلك، قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في مقابلة نشرتها صحيفة"لا ريبوبليكا"الايطالية، انه"واثق"من ان الولاياتالمتحدة ستغير سياستها"اياً كان الفائز في الانتخابات الرئاسية". وقال احمدي نجاد الذي يزور روما للمشاركة في قمة منظمة الاممالمتحدة للاغذية والزراعة فاو:"اياً كان الفائز في هذه الانتخابات انني واثق من ان الولاياتالمتحدة ستغير موقفها وستعتمد مقاربة مختلفة". وأضاف ان"دائرة نفوذ أميركا في العالم ستتقلص. وسيضطر الرئيس الجديد الى تلبية الحاجات الحقيقية للشعب الأميركي، لان الضمان الاجتماعي لا يغطي 40 مليون اميركي ولا يزال ضحايا اعصار نيواورلينز من دون مأوى. الجميع يعلم ان الرئيس المقبل سيضطر الى سحب الجنود من العراق لان الشعب الأميركي لن يسمح بإنفاق بلايين الدولارات على التسلح". وأكد الرئيس الإيراني ايضاً انه"مستعد للحوار مع الجميع باستثناء النظام الصهيوني، في إطار معادلة تقوم على الاحترام المتبادل والعدالة". وأضاف:"العام الماضي قدمت لبوش اقتراحاً لنلتقي في الاممالمتحدة امام الصحافيين ولنتحاور. وعرضت الاقتراح نفسه على المرشحين للانتخابات الرئاسية".