يرى بعض اللبنانيين أن الحوار، الدائر الآن حول وثيقة التفاهم التي وقعها سلفيون مع"حزب الله"، يتجنب الخوض في بعض الأسباب التي أدت إلى إعلان هذه الخطوة، مكتفيا بدور"حزب الله"الذي يسعى إلى خلق تحالفات مع جمعيات وتجمعات سنية لتغيير الخريطة الانتخابية في طرابلس للتأثير على مكانة الغالبية في الانتخابات المقبلة. وكان من المفترض ان يصبح توقيع هذه الوثيقة مناسبة لمراجعة دور تيار"المستقبل"، وعلاقاته بالمحيط السني، والجمعيات الإسلامية المحسوبة على السنة، فضلاً عن ان بعض نواب"المستقبل"كان على علم بالوثيقة، وربما باركها، ثم رفضها وأنكر أي علاقة بها، ما يعني أن توقيع هذه الوثيقة إحدى نتائج الوضع المسكوت عنه داخل تيار"المستقبل". استند تيار"المستقبل"منذ تأسيسه الى موقف السنة في التعامل مع المسألة الطائفية، لكن الوسائل التي استخدمها لتحقيق هذا الهدف أضعفت سنة لبنان، ولم تفعل شيئا لإضعاف الحس الطائفي في الساحة السياسية. وبين عشية وضحاها جرى اختصار تمثيل السنة في"المستقبل"، وعلى نحو ما تم تغييب السنة كقوة، باستثناء عائلة الحريري، فجرى تزيين هذا التهميش للزعامات السنية بشعار"المستقبل ليس تيارا حزبيا مغلقا بل هو حركة شعبية تشمل أنشطتها المناطق اللبنانية كافة"، لكن المفارقة أن الحزب غير الطائفي أصبح منبرا لكل زعماء الطوائف الأخرى ما عدا السنة. الأمر لم يقف عند هذا الحد، فإذا كان الراحل رفيق الحريري غيب طائفة بكاملها، واستغل قوتها الاقتصادية واختصرها بشخصه، واستخدمها للمحافظة على كرسي الوزارة ومصالحه، فإن سعد الحريري جعل من تيار"المستقبل"مسرحاً لمناكفات الآخرين على حساب السنة، والنزوع الى تضخيم مسألة علمانية التيار، وبناء تحالفات ستفضي الى نكوص في تعاطي السنة مع المسألة الطائفية، ناهيك عن ان"المستقبل"الجديد تخلى عن نهجه السابق في تقديم المساعدات وتنمية المناطق الفقيرة. ولهذا فإن المرحلة المقبلة ستشهد بروز قوى سنية، وقد تضطر هذه القوى إلى بناء تحالفات مع خصوم"المستقبل"، ما يعني أن التمثيل السني سيتراجع، وسيجد السنة أنفسهم مقسمين بين الطوائف الأخرى. والسبيل لتدارك هذا التدهور الدعوة إلى حوار سني - سني ، لمراجعة دور تيار"المستقبل"، ومعاودة تشكيله على أساس وطني مختلف عن نهجه الحالي، ومنع قضية التوريث، فالسنة أمة وليست عائلة.