واصل مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي دورته الحادية والستين تحت رذاذ الأمطار التي ربما تنعى في شكل ما غياب السينما العربية عن الوجود بقوة في احتفالية سينمائية بحجم مهرجان لوكارنو حتى وإن كانت لا تحظى بشهرة مماثلة لمهرجان"كان"أو"فينيسيا". إلا أن الحضور العربي فيها ربما يضيف صوتاً يعبر عن هموم العالم العربي وقضاياه بعيداً من تلك النظرة الخادعة التي تقدمها عنه وسائل الإعلام الغربية. ففي خلاف الفيلم الروائي الطويل"خمسة"للمخرج التونسي كريم دريد الذي عرض في قسم الساحة الكبرى، عُرضت على استحياء ثلاثة أفلام روائية قصيرة ناطقة بالعربية، ففي قسم"فهود الغد"عرض الفيلم الايراني"بربري من بغداد"للمخرج سعود بخش، وكذا الفيلم الفرنسي"باتجاه الشمال"للمخرج اللبناني كارلوس شاهين، بينما عرض في قسم"الى الأمام"فيلم"رائحة الجنس"للمخرجة اللبنانية دانيال عربيد وهو من انتاج لبناني - فرنسي مشترك. ومثلما كانت المشاركة العربية لهذا العام عابرة وغير مؤثرة، كانت كذلك التحية التي وجهها المهرجان الى المخرج الراحل يوسف شاهين من خلال عرض فيلمه"المصير"في ثاني أمسيات المهرجان في الساحة الكبرى التي تتسع لثمانية آلاف مشاهد، والتي كان محتملاً أن تكون رسالة اخرى ترتبط باسم شاهين بعد رحيله، تتحدث عن ضرورة التحاور مع الآخر حتى وإن كانت اسرائيلياً. فقد حدث ان اختير تكريم المخرج الاسرائيلي عاموس غيتاي في الأمسية ذاتها المخصصة لشاهين عبر فيلمه"يوماً ما ستفهم"، لكن سوء اختيار الفيلم أطاح الهدف الذي جاءت من أجله الأمسية سواء في تكريم غيتاي أو تكريم شاهين أو حتى ضرورة التحاور التي كان يمكن قراءتها ما بين السطور، فقد روى فيلم غيتاي القصة التقليدية نفسها عن معاناة أسرة يهودية في زمن النازية، تلك المعاناة التي اضطرت الأم الى أن تخفي عن أولادها حقيقة كونها يهودية حتى كبروا وهم يعتقدون أنهم مسيحيون فرنسيون. لم يكن الاختيار موفقاً ولم تكن الرسالة معروفة وبدا كل الأمر كأنها لوحة مغلوطة، طغى فيها لون على الآخر فباتت مشوهة المعالم.