أنجز طلاب السنة الثالثة سنة الإجازة في النظام الجديد للجامعة اللبنانية في كلية الإعلام والتوثيق - الفرع الأول، قسم الصحافة المكتوبة سبع مجلات تجريبية جاءت معبرة عنهم خير تعبير. وإنتاج المطبوعة، الذي أصبح مشروع تخرج في البرامج الجديدة، بعدما كان تطبيقاً لمادة في المناهج السابقة، هو المقرر الذي ينتظره الطلاب بفارغ الصبر لسببين، أولاً هو تأكيد للتخرج وثانياً هو"الوثيقة المفتاح"بعد الشهادة الى المؤسسات وهو أيضاً مدعاة اعتداد بالنفس وافتخار وبطاقة تعريف وكشف حساب بالإمكانات والطاقات والمواهب والكفاءات. ففي مشروع التخرج يترجم الطالب ما تعلمه إنتاجاً مادياً وقد يأتي مشروعه بين الفشل والنجاح، لكنها"مغامرة"لا بد من ان يخوضها، حتى لو لم تأت نتائجها، كما يشتهي تماماً لظروف عدة. 17 طالباً توزعوا على ست مجموعات مؤلفة من طالب أو اثنين، وما لبثت إحدى المجموعات ان انقسمت الى مشروعين فرديين ليصبح عدد المشاريع سبع مجلات توزعت بين العامة والمتخصصة. والمجلات هي:"أضواء"للطالبات بتول خليل وغنوة ملحم ومريم زريق،"أمواج جامعية"لنور منتش وإليسار عبدالباقي ورنا حوراني،"ايوان"لأحمد شكر وزينب حاوي،"زيتونة"لنادية فهد ولينا عطوات،"تضاد"لحنان خالد وجانا رحال وليندا فخر الدين،"هرمون"لمحمود غزيل،"فرح"لفرح الشل. أشرف على كل مجلة ? مشروع أستاذ من الكلية، كان دوره توجيهياً تصويباً لعمل الطلاب. وكشفت المشاريع ميلاً متزيداً لدى طلاب الإعلام نحو الصحافة المتخصصة. فمن بين المشاريع السبعة كانت"أمواج جامعية"هي الوحيد العامة، خلاف ما يوحي اسمها الذي يبدو ان كلمة جامعية أضيفت إليه في اللحظات الأخيرة بعدما تبين أن الاسم يعود الى مجلة موجودة في السوق. أما"أضواء"فعرّفت عن نفسها بأنها"إعلامية عن الصحافة والصحافيين"وهي التزمت بالتعريف التزاماً تاماً. وتناولت"تضاد"موضوع الشباب، ووسعت إطار اهتماماتها لتشمل مواضيع إعلامية واجتماعية متنوعة، وتميزت"زيتونة"، وصاحبتاها فلسطينيتان مقيمتان في لبنان في تخصصها في الشأن الفلسطيني، وتخصصت"إيوان"في فن العمارة، وتوجهت"فرح"وپ"هرمون"وهما كانتا أصلاً مشروعاً واحداً الى المراهقين. في التقويم العام لأعمال الطلاب يمكن إدراج بعض الاستنتاجات، والملاحظات العامة، ومنها ان هناك تميزاً على مستوى الأفكار والموضوعات المعالجة، وجرأة في طرح بعض المواضيع ما يؤشر الى وجود خامات صحافية، يراوح مستوى جودتها بين الوسط والجيد جداً على مستوى الوعي بالظواهر والمشكلات الاجتماعية ويعكس التجاوب مع منهاج الدراسة. كما أتت المشاريع لتعكس في شكل واضح مستوى الطلاب خلال السنة الدراسية، فخلت النتائج من المفاجآت، إلا في أماكن محدودة جداً. فعلى مستوى التنفيذ برز تفاوت في المجموعات، وأتت"أضواء"أكثر قرباً من التكامل بين طرح الأفكار وتنفيذها ومن الاحتراف، فيما بدت المشاريع الأخرى، وهي لا تقل أهمية من حيث طرح المواضيع، بحاجة الى لمسة أخيرة لتلافي بعض الهفوات التي يمكن تصحيحها بسهولة. وهنا يمكن تبرير ذلك بعامل نقص الخبرة، فهذا هو العمل الأول المستقل للطلاب. ان عيناً مراقبة أخيرة، كان يمكن ان تجنب هذه المشاريع هفواتها. أضف الى ذلك ضغط الوقت الذي رزح تحته الطلاب خلال فترة إنتاج مطبوعاتهم وسعيهم بين الكلية وامتحاناتها والمطبعة. وعكست المشاريع، لجهة المضمون وخيارات المواضيع، ومناقشتها وعياً ظاهراً لدى الطلاب بخطورة الانقسام السياسي والطائفي، المذهبي القائم في البلد، فلم ينغمسوا فيه وترفعوا عن انتماءاتهم الخاصة ليقدموا أعمالاً"نموذجية"في ظل موجة الإعلام الطائفي والحزبي السائدة حالياً، وهو ما يبشر بجيل من الإعلاميين الحقيقيين الذين يؤمل بأن لا تأخذهم المؤسسات لاحقاً الى مواقع فئوية تنسف ما تعلموه عن الحرفية والموضوعية والبحث عن الحقيقة. في المحصلة، تصلح الأفكار التي قدمها الطلاب لتكون مشاريع مهنية احترافية، فما الذي يمنع صدور مجلة تعنى بالمراهقين تكون تطويراً لفكرتي"فرح"وپ"هرمون"مثلاً؟ أو مجلة متخصصة في شؤون الشباب كپ"تضاد"أو في شؤون الإعلام كپ"أضواء"أو في العمارة كپ"ايوان". ولماذا لا تكون هناك مجلة لفلسطين كپ"زيتونة". * أستاذ في الجامعة اللبنانية