قد تسهم القمة المتوسطية، للوهلة الأولى، في تثبيت مشروع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تأسيس"الاتحاد المتوسطي"أو"الاتحاد من أجل المتوسط". ويبدو أن بطل القمة الحقيقي هو الرئيس السوري، بشار الأسد. ومشاركته في القمة، بمعزل عن مكان جلوسه الى طاولة واحدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، تثير فضول وسائل الإعلام أكثر من القمة نفسها ومستوى التمثيل فيها. ولا ينتظر أحد من القمة مفاجآت أو اتفاقات استثنائية. فالاتحاد الذي يحلم ساركوزي بتأسيسه يتهدده الانقلاب الى هيئة بيروقراطية ثقيلة. والمنظمة الجديدة، من حيث الفكرة، نسخة عن"عملية برشلونة"? على ما يسمى الحوار الأوروبي المتوسطي الذي انطلق في 1992 وثبت بعد 3 سنوات بميثاق برشلونة. وتعد المنظمة هذه الهيئة الوحيدة التي تشارك فيها إسرائيل والدول العربية. وتهدف الى تعاون دول منطقة المتوسط في معالجة قضايا مثل مكافحة الإرهاب، والتعاون الاقتصادي الإقليمي، والهجرة غير الشرعية، وحماية البيئة، وتعزيز حوار الثقافات. والفرق بين عملية برشلونة وبين الاتحاد الجديد تنصيب رئيسين، واحد عن الاتحاد الأوروبي وآخر عن غير الأوروبيين. لكن هل يستحق ذلك استعراضاً سياسياً كبيراً؟ والحق أن معظم الدول العربية يتخوف من الانجرار الى خطط مشتركة مع إسرائيل في وقت عملية السلام في الشرق الأوسط شبه مشلولة. وكان مقرراً، في البداية، أن يضم الاتحاد الدول المطلة على البحر المتوسط. والقذافي اقترح أن يقتصر على 5 أو 6 دول من شمال أفريقيا، والعدد نفسه من الدول الأوروبية، لكي يتسنى حل المسائل المتراكمة بينها. ولكن ساركوزي اضطر، تحت إلحاح ألمانيا، على إشراك دول الاتحاد الأوروبي جميعها في الهيئة الجديدة. وحضور القمة لا يحمِّل المشاركين التزامات من أي نوع. وتستعرض سورية"وجهها السياسي"الجديد، واستعدادها للحوار والانفتاح. وزيارة الأسد باريس اختراق على مسار تجاوز العزلة الديبلوماسية السورية، بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، في 2005. فيومها اتهم قسم من المجتمع الدولي دمشق بالمسؤولية عن الجريمة. وكانت الولاياتالمتحدة وفرنسا من أبرز منتقدي سورية، على رغم أن باريس كانت تقيم علاقات وطيدة بدمشق. واتُهمت سورية بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية، وإثارة النعرات الداخلية، وتأييد"حزب الله"الذي يراه بعضهم منظمة إرهابية. ووجهت انتقادات لدمشق على تأييدها"حماس". إلا أن موقف الغرب، وبعض الدول العربية، من دمشق لان بعد صوغ السياسيين اللبنانيين اتفاقاً على انتخاب رئيس للبنان في نهاية شهر أيار مايو، واتفاقهم على حل خلافاتهم من غير اللجوء الى السلاح. عن ماريا أباكوفا، "نوفوستي" الروسية، 11/7/2008