باشرت الحكومة السودانية حملة سياسية وديبلوماسية واسعة لمواجهة اتهامات جديدة من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو بحق مسؤولين سودانيين كبار من بينهم الرئيس عمر البشير يُنتظر اعلانها غداً الاثنين عندما يبدأ قضية جديدة في شأن جرائم ارتكبت في اقليم دارفور. وحصلت الخرطوم على دعم افريقي في هذا الشأن، كما دعت إلى اجتماع طارئ لمجلس الجامعة، وتأمل أن تنجح حليفتها الصين في تعطيل اتهامات أوكامبو عبر مجلس الأمن. ويُنتظر أن يكون البشير تحدث هاتفياً مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ليل أمس لمناقشة إمكان تعطيل اتهامات أوكامبو وآثارها المترتبة على عملية السلام والقوة الدولية - الافريقية المنتشرة في دارفور. كما سيعقد البشير اجتماعاً مساء اليوم يضم الأحزاب بما فيها المعارضة. وعقد حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يتجه إلى اعلان التعبئة في البلاد، اجتماعاً طارئاً أمس مع القوى السياسية المشاركة في السلطة، واعتبر قرار المحكمة الدولية المرتقب"مؤامرة من المؤامرات المتصلة على السودان"، ورأى أنه"قرارسياسي غير قانوني وابتزاز سياسي رخيص غير مسؤول"، مشدداً على أن الحكومة لن تسلم أي سوداني إلى المحكمة الجنائية الدولية. وعُلم أن الحزب الحاكم سينظم تظاهرات في الخرطوم والولايات تنديداً بقرار المحكمة عقب اعلانه رسمياً. واتفقت الاحزاب المشاركة في الحكومة مع قيادات حزب المؤتمر الوطني على تشكيل آلية مشتركة للتعامل مع القضية، وأكدت في بيان مشترك رفضها القاطع لمحاولات اوكامبو تقديم سودانيين إلى محاكمة في خارج البلاد واعتبرت ذلك استهدافاً للبلاد و"تآمراً للنيل من الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار السياسي والتحول الديموقراطي واحلال السلام في دارفور". واعتبر مستشار الشؤون الصحافية للرئيس محجوب فضل ما يقوم به أوكامبو"صعلكة سياسية"، وقال:"لسنا أعضاء في المحكمة ولا ينعقد لها محاكمة أي سوداني". كما رأى رئيس حزب الأمة الصادق المهدي في الأمر تطوراً يمكن أن يؤدي إلى حدوث استقطاب حاد في البلاد، وقال في تصريحات صحافية أمس إن قانونيين في حزبه يعكفون على درس الأمر لاستبيان الحقيقة، مؤكداً أن حزبه سيدلي برأيه بوضوح في هذا الشأن. وقال المهدي:"كنا نتحدث حول ضرورة أن يعامل هذا الملف معاملة مختلفة، لكن الآن فات الأوان". وأضاف:"أصبحنا الآن في تطورات تحتاج فعلاً الى رؤية أساسية"، مشدداً على أهمية الاهتمام بمشكلة دارفور وحلها بسرعة. واستدعت وزارة الخارجية السودانية على مدى يومين سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن في الخرطوم، إلى جانب ممثلين عن الاتحادين الأوروبي والافريقي ومجموعة سفراء الدول العربية والافريقية والآسيوية. ونقل وكيل الخارجية مطرف صديق للسفراء خطورة الخطوة التي ستقدم عليها المحكمة الدولية، محذّراً من أن الامر ستكون له آثار سلبية كبيرة ليس على تحقيق السلام والاستقرار في السودان فحسب بل على"الاستقرار والأمن الاقليمي بمجمله". وشدد على أن الحكومة ستعمل خلال المرحلة المقبلة على تقوية الجبهة الداخلية وتحقيق التفاف كل قطاعات الشعب السوداني حول قيادته لإدانة هذا التوجه الذي يستهدف الشعب ومقدراته في المقام الأول. كما اجتمع مندوب السودان الدائم في مقر الأممالمتحدة في نيويورك عبدالمحمود عبدالحليم مع الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون، محذّراً من خطورة الأمر. وقال عبدالمحمود ل"الحياة"انه شرح خطورة التداعيات التي ستنجم عن خطوة اوكامبو، وانه طلب من بان أن تتحمل الأممالمتحدة مسؤوليتها تجاه الأمر باعتباره يمس سيادة بلد عضو في المنظمة. وتقدم السودان بطلب رسمي الى الامانة العامة لجامعة الدول العربية يدعو فيه الى عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية لبحث الوضع بينه والمحكمة الجنائية الدولية، وتجري مشاورات بين الأمانة والدول العربية في شأن الطلب لتحديد موعد للاجتماع. وفي أديس أبابا، وجّه مجلس السلم والأمن في الاتحاد الافريقي"تحذيراً"الى المحكمة الجنائية الدولية من الملاحقات القضائية التي تنوي مباشرتها بحق مسؤولين سودانيين. وعلم أن الخرطوم اجرت اتصالات مع بكين عبر مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان اسماعيل الذي غادرها أمس عائداً الى بلاده، لاتخاذ خطوات ايجابية لتعطيل اعلان اتهامات اوكامبو. وأحد الخيارات أمام مجلس الامن ان يستخدم المادة 16 من قانون المحكمة والتي تسمح بتعليق عملية ادعاء لمدة عام. ونص المادة:"لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهراً بناءً على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة. ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها". وفي نيويورك أ ف ب، أعلن مسؤول كبير في الأممالمتحدة اول من أمس في مجلس الأمن أن الهجوم الدامي الذي استهدف الثلثاء جنود السلام في دارفور، عملية"جيدة الاعداد"نفذت في منطقة تسيطر عليها الحكومة. وقال ديبلوماسي غربي طلب التكتم على هويته، إن جان - ماري غيهينو رئيس عمليات الأممالمتحدة لحفظ السلام، اعطى هذه المعلومة خلال اجتماع مغلق للمجلس. وتمحور الاجتماع حول المكمن الذي نصبه الثلثاء في دارفور عناصر مسلحون لم تعرف هوياتهم للقوة المشتركة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي الذي اسفر عن سبعة قتلى و22 جريحاً من جنود السلام. وأوضح الديبلوماسي أن غيهينو ذكر أن المكمن كان يستهدف"التسبب في خسائر"وقد"استخدمت في تنفيذه معدات لا يستعملها المتمردون عادة".