صيف لاهب ودرجات حرارة مرتفعة ناهزت ال 50 درجة مئوية في مدينة البصرة الجنوبية... هكذا هو صيف العراق الذي بدأ ساخناً منذ أيامه الأولى. ولا تخفف من تلك السخونة العواصف الترابية التي تضرب العراقمرات في الشهر. هذا الصيف بدا دافعاً كبيراً للعراقيين لقضاء العطلة خارج البلاد، لكن بعضهم فضل البقاء في مدينته وقضاء إجازته فيها، متخذاً من بعض المتنزهات الصغيرة التي شيدتها أمانة بغداد والبلديات العامة في باقي المدن العراقية متنفساً موقتاً. وغالباً ما تكون العائلات البغدادية اشد تمسكاً بعادة السفر خارج البلاد، أكثر من سكان باقي المدن العراقية الذين يفضلون البقاء في مدنهم، لا سيما مدن الجنوب والشمال، إذ تتمتع الأولى باستقرار نسبي يتيح توفير وسائل الترفيه ومدن الملاهي والحدائق وغيرها، بينما تتمتع الثانية بجوها الجبلي البارد، ومناظرها الخلابة وطبيعتها الساحرة. وينظر السكان إلى العطلة برؤية مختلفة فبعضهم يجد أنها موسم للكسل وتعويض مهم عن متاعب العمل، وآخرون يجدونها أساساً للمتع المختلفة وفرص الاختلاط المميزة. فريدة ناجي 25 سنة، تصف عائلتها بأنها كسولة، فهي لم تعتد السفر ولا الاستجمام وتفضل قضاء العطلة في البيت، حتى اعتادت هي نفسها هذا الشيء منذ الصغر، وبات أمراً روتينياً بالنسبة لها. وتقضي فريدة العطلة على طريقتها الخاصة، وتقسم أوقاتها بين النوم وتناول وجبات الطعام، ولديها أفكار غريبة بالنسبة إلى هذه المسألة. وتقول إنها تستغل العطلة في تغذية نفسها وتوفير الراحة لجسدها حتى الكسل. فهي تنام ما لا يقل عن 14 ساعة يومياً في أيام العطلة، وتقضي بقية الأوقات في مشاهدة برامج التلفاز والتهام الأطعمة. وتنظر إلى العطلة على أنها وقت للراحة، لا للاستجمام، فهي تعمل طوال العام، وتخصص العطلة الصيفية للكسل، ولكنها تقوم ببعض النزهات الصغيرة مع عائلتها في المساء، عند خروجها إلى محال بيع المرطبات أو إلى المتنزهات العامة القريبة من المنزل. أبو نديم 42 سنة يلخص العطلة في ثلاثة أشياء هي: نزهة الخميس مع زوجته وأطفاله في الزوراء، وهو اكبر متنزه في بغداد، وولائم الجمعة في بيت العائلة، والمسبح الذي يرتاده في أحد النوادي القريبة من المنزل . ويجد نفسه محظوظاً في الصيف وارتفاع درجات الحرارة التي لا يشكو منها أبداً، لأنها توفر له فرصة جيدة لممارسة السباحة، هوايته المفضلة، لأكثر من ساعتين يومياً. أبو نديم ليس الشخص الوحيد الذي يسعد بالصيف، كفصل للسباحة، إذ أن الآلاف من الشباب والأطفال الذين يقضون عطلتهم الصيفية في بغداد، يتخذون من نهر دجلة ملاذاً لهم من ارتفاع درجات الحرارة. ويبدو أن تحسن الوضع الأمني في البلاد وعودة المطاعم البغدادية إلى فتح أبوابها، بعد أشهر من إغلاقها بسبب الاستهداف والأزمات الأمنية، فضلا عن افتتاح مجموعة من المتنزهات الصغيرة في بغداد، من الأمور التي أتاحت للعائلات التي تفضل قضاء عطلتها في المدن.