تحمل روسيا على محمل الجد علاقاتها بأوروبا أن تجمع دول الاتحاد السبع والعشرون على مفاوضة روسيا على عقد شراكة استراتيجية معها. وحمل فلاديمير بوتين، رئيس الحكومة الروسية الجديد، الى باريس عشية اضطلاع الرئيس الفرنسي برئاسة الاتحاد في الأشهر الستة القادمة. وفي الأثناء، رفعت بولندا أو ليتوانيا الفيتو عن روسيا، ودعاهما الى رفعه حرصهما على ضمانات إمدادهما بموارد الطاقة من جارتهما الشرقية. ويتوقع أن تستأنف المفاوضات بين موسكو والاتحاد في أواخر حزيران يونيو بسيبيريا، بعد تجميدها طوال سنتين. وبعدها بأيام معدودة، تتولى فرنسا رئاسة الاتحاد وقيادة المحادثات معاً. ولا ريب في أن مسائل الطاقة، بينما يبلغ سعر برميل النفط 130 دولاراً، هي الراجحة في كل مفاوضة بين موسكو والعواصم الأوروبية. وتميل موسكو الى مناقشة الدول الأوروبية بلداً بلداً عوض المناقشة مع الاتحاد مجتمعاً. وتوقع اتفاقات تغذية على مدى طويل مع هذه العاصمة أو تلك يمكنها من إعمال سياسة"فرق تسد"، وفرض شروطها. وفي الأحوال كلها، لن تكون مناقشة الشراكة الجديدة من غير معقوات. فموسكو لا تريد توقيع ميثاق الطاقة الذي تقترحه المفوضية الأوروبية عليها، ويدعوها الى فتح قطاع الطاقة الروسي للاستثمارات الأوروبية. وتؤثر"غازبروم"تقوية مواقعها في السوق الأوروبية من غير إضعاف احتكارها داخل روسيا. وعلى رغم بلوغ اقتصاد الاتحاد 15 ضعفاً الاقتصاد الروسي، ما ان يفاوض الاتحاد روسيا حتى يصاب بالشلل. والغاز الروسي يقتصر على تلبية 25 في المئة من احتياجات أوروبا، بينما تشتري هذه 70 في المئة من صادرات روسيا. ومشكلة أوروبا، على ما يذهب إليه مارك ليونارد ونيكولاو بوبيسكو محللان في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، هي عجزها عن استراتيجية مشتركة بإزاء الحكم الروسي، وتعريف طبيعته. ويفترض في فرنسا، وهي أقل احتياجاً للطاقة الروسية، أن تسهمه في الرسم والتعريف هذين من غير التقيد بمسألة موارد الطاقة. وأنغيلا ميركل خطت الخطوات الأولى على الطريق هذه. فهي دعت الى توثيق الأواصر بين حلف الأطلسي وروسيا، وتفادي سوء الفهم المتعاظم جراء توسيع الحلف ونصب الدرع المضادة للصواريخ التي تنوي الولاياتالمتحدة إنشاءها بأوروبا الوسطى. والحق أنه ينبغي تأييد المبادرة الأميركية. فلا يجوز أن يعود الى موسكو حق نقض على قرارات"الأطلسي"ولكن الخروج من النظرة الأحادية والقاطعة يقتضي حواراً صارماً ودائماً. ومن غير حوار، لا ينتظر ألا تحمل موسكو توسيع"الأطلسي"على غير التهديد. ويصدق هذا على الاتحاد الأوروبي. فعلاقات الاتحاد بأوكرانيا، أو ببلدان أخرى تجاور روسيا وأوروبا معاً، ينبغي أن تتوثق من غير أن يبعث توثيقها قلق روسيا. ولا شك في ضرورة إقدام أوروبا على تعريف علاقاتها بروسيا حين يزمع جون ماكين، المرشح الجمهوري الى البيت الأبيض، استئناف مفاوضات جديدة مع الكرملين تتناول خصوصاً مراقبة الأسلحة. بيار روسلان،"لوفيغارو"الفرنسية، 29/5/2008