بعد ايام يجتمع قادة الاتحاد الاوروبي بالرئيس فلاديمير بوتين في مدينة لاختي الفنلندية. وتبحث القمة الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والاتحاد الاوروبية في قطاع الطاقة. والطريف أن برنامج القمة ينص على ان مناقشة ملف العلاقة مع روسيا ستكون خلال مأدبة عشاء. وتشير مؤشرات الى ان"العشاء الاخير"هذا لن يسر الأطراف المجتمعة. وفي الاسبوع الاخير اصدرت فرنسا والمانيا، وهما أقوى طرفين في الاتحاد الاوروبي، بياناً مشتركاً يرفض صراحةً مبادرة الطاقة الروسية. وأعلن هذان البلدان تأسيس حلف ثنائي في المجال هذا، وشددا على ضرورة مصادقة موسكو على ميثاق الطاقة الاوروبي. ولكن روسيا ترفض هذا الميثاق وترى انه يضرّ بمصالحها. ولا ريب في ان الاعلان الثنائي وجه رسائل مباشرة الى موسكو، وأظهر توجه أنجيلا ميركل المستشارة الالمانية وجاك شيراك الرئيس الفرنسي نحو تعزيز العلاقات مع الدول المنتجة للنفط بآسيا الوسطى، ومع دول تعبر انابيب النفط اراضيها، وخصوصاً أوكرانيا. ففرنسا والمانيا لا تريدان تحول روسيا الى قبطان يوجه سفينة الطاقة بأوروبا. وسيطرت مشاعر"الخوف"من روسيا، على كثر بأوروبا، في الاشهر الاخيرة. ومنذ نحو نصف عام، اثارت مساعي روسيا الى بلوغ اسواق جديدة، بالصين وبغيرها من الدول الآسيوية، مخاوف الاوروبيين. وكان باعث الخوف هو احتمال تقليص صادرات روسيا من النفط والغاز الى اوروبا، في حال أنشأت موسكو شبكة انابيب جديدة تصل اراضيها بالصين مباشرة. ويومها، طالب الاتحاد الاوروبي"غازبروم"الروسية، وهي كبرى شركات الغاز الطبيعي في العالم، بضمانات اضافية تضمن التزام روسيا العقود الموقعة. وفي المقابل طالبت"غازبروم"الاتحاد الاوروبي بتسهيل تعاملها مع شبكات توزيع الغاز بالاسواق الاوروبية المحلية. وسرعان ما علت الاصوات المنددة بانتهاج روسيا سياسة"ابتزاز الطاقة". والحق أن روسيا قررت تزويد أوروبا من حقل"ستوكمانوفسكويا"، وهو من اضخم حقول الغاز الطبيعي. وكان من المفترض ان تصدّر طاقة هذا الحقل الى اميركا. وبدأت الازمة تنفرج بين اوروبا وروسيا. فإمكانات هذا الحقل تكفي حاجة اوروبا من الغاز الطبيعي عشرات السنين. ولكن هذا القرار لم يبدد خوف أوروبا. فالسبب الحقيقي وراء الخوف هو شعور اوروبا أنها رهينة بالغاز الروسي، وعاجزة عن"اقتحام"قطاع النفط والغاز الروسي وشبكات الضخ الروسية. وأوروبا على وشك السعي الى"الدفاع عن سوق الغاز المنزلي وصد روسيا عنه". والدليل هو اتفاق المستشارة الالمانية، انجيلا ميركل مع الفرنسيين على حصر حلف الطاقة الجديد داخل البيت الاوروبي، ومنع اطراف خارجية من الدخول اليه. عن فيودور تشايكو، "ازفيستيا" الروسية، 15 / 10 / 2006