بدأت اوكرانيا امس مفاوضات شاملة مع روسيا في محاولة لوضع حد لحركة التمرد الدامية الموالية لروسيا في شرق البلاد وتفادي توقف شحنات الغاز الروسي الذي يخشاه الاوروبيون، وقالت موسكو انها سترد إذا عزز حلف الأطلسي قواته قرب الحدود. وحذرت موسكو من انه اذا لم تسدد كييف الديون المترتبة عليها جراء شحنات الغاز والبالغة مليارات الدولارات وثمن امداداتها لشهر يونيو، فان مجموعة غازبروم ستوقف الشحنات، وهو ما سوف يربك الامدادات في اوروبا. ويرفض الاوكرانيون من جهتهم ثمن الغاز الذي حددته روسيا بعد وصول حكومة موالية للغرب الى السلطة في نهاية فبراير، معتبرين ان التعرفة الروسية هي الاعلى المطبقة على دولة اوروبية. وبعد ثلاثة ايام من لقاء قصير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فرنسا والذي احيا الامل في حلحلة الوضع، وبعد يومين من تولي مهامه، يبدو ان الرئيس الاوكراني الجديد بترو بوروشنكو يريد تهدئة سريعة في العلاقات مع موسكو، وامهل نفسه اسبوعا لاعادة الهدوء الى شرق اوكرانيا. وتعهد الرئيس الأوكراني الجديد بيترو بوروشينكو بانهاء المعارك الدائرة في شرق البلاد خلال أسبوع واحد وسط التحضيرات لعقد المفاوضات بين كييف وموسكو حول امدادات الغاز الروسي لأوكرانيا. وقال بوروشينكو في بيان له "يجب ان ننهي القتال هذا الأسبوع، فإنه من غير المقبول بالنسبه لي أن يموت الناس كل يوم وأن تدفع اوكرانيا مثل هذا الثمن الباهظ كل يوم". واطلق منذ الاحد مفاوضات في كييف للمرة الاولى منذ سقوط سلفه الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش في نهاية فبراير وسط حمام دم، ومنذ ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا في مارس. وهذه المفاوضات مع السفير الروسي ميخائيل زورابوف ستجري يوميا الى حين التوصل الى حل للازمة. واثناء حفل تنصيبه، توجه الملياردير (48 عاما) بالروسية الى سكان شرق اوكرانيا ووعدهم بعدم التخلي عنهم. وابدى في المقابل تشددا حيال التوجه الاوروبي لبلاده وانتماء القرم الى اوكرانيا، وهي المنطقة التي ضمتها روسيا اثر استفتاء اعتبره الغربيون غير قانوني. وتضم المفاوضات في كييف السفير الروسي زورابوف الذي عاد للتو الى العاصمة الاوكرانية بعد استدعائه الى موسكو منذ اشهر، وسفير اوكرانيا في المانيا بافلو كليمكين والممثلة عن منظمة الامن والتعاون في اوروبا هيدي تاغلياني. وتقرر البدء بهذه المحادثات الجمعة اثناء لقاء قصير بين بيترو بوروشنكو وفلاديمير بوتين على هامش الاحتفالات بالذكرى السبعين لانزال الحلفاء في النورماندي. وهذا اللقاء اضافة الى لقاء بين بوتين وباراك اوباما، اثارا الامال في التوصل الى انفراج في اسوأ ازمة تمر بها العلاقات بين موسكو والغرب منذ الحرب الباردة. والرئيس الروسي الذي اعتبر على الدوام ان السلطات الانتقالية الموالية للغرب التي تولت السلطة في كييف منذ نهاية فبراير غير شرعية والذي لم يعترف رسميا بانتخاب بترو بوروشنكو، وصف مقاربة الرئيس الاوكراني بانها "صحيحة". وأكد ايضا ان اتفاقا بات قريب المنال في شأن النزاع حول الغاز القائم بين البلدين. وفي بروكسل، ستضم المفاوضات المفوض الاوروبي المكلف شؤون الطاقة غونتر اويتنغر ووزيري الطاقة الروسي والاوكراني ورئيسي الشركتين الروسية غازبروم والاوكرانية نفتوغاز. واعلن مصدر روسي لصحيفة فيدوموستي الروسية "من المرجح جدا ان يكون اللقاء النهائي". وبحسب الصحيفة، فإن نفتوغاز التي سبق وسددت قبل اسبوع 786 مليون دولار من ثمن الغاز، سددت مليار دولار اعتبارا من امس وستلتزم في الايام المقبلة بجدول زمني لتسديد ما تبقى من ديون. ويتوقع المحللون ان تتراجع غازبروم عن السعر وتمنح اوكرانيا حسومات. وفي حال اضطراب حركة الترانزيت الى اوروبا في الخريف المقبل، فإن "الربح الفائت سيكون اكثر ايلاما مما لو لم يدفع الاوكرانيون"، كما قال مصدر مقرب من غازبروم لصحيفة فيدوموستي. وملف الطاقة يسمم العلاقات بين موسكو والاتحاد الاوروبي الذي حصل من بلغاريا للتو على قرار بوقف اشغال بناء انبوب غاز ساوث ستريم، وهو مشروع انبوب غاز تدعمه روسيا ويفترض به نقل الغاز الروسي الى اوروبا عبر الالتفاف على اوكرانيا اعتبارا من نهاية 2015. روسيا سترد من جهتها، نقلت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء عن فلاديمير تيتوف نائب وزير الخارجية قوله إن روسيا ستعتبر أي نشر إضافي لقوات حلف شمال الأطلسي قرب حدودها "دليلا على نوايا عدائية" وستتخذ الإجراءات السياسية والعسكرية لضمان أمنها. وأبلغ تيتوف وكالة الأنباء في مقابلة نشرت امس الاثنين أن هذا النهج يشمل قوات الحلف التي قد يتم نشرها بشكل دوري وليس بشكل دائم. وأضاف "لا يمكن أن ننظر إلى أي تعزيز من الحلف للقوة العسكرية قرب الحدود مع روسيا سوى أنه دليل على نوايا عدائية". وتأتي تصريحات تيتوف بعد أن عرض الرئيس الأمريكي باراك أوباما مزيدا من الدعم العسكري لدول شرق أوروبا الأعضاء في حلف شمال الأطلسي لتهدئة مخاوفهم من روسيا التي يتهمها الغرب بأنها تؤجج أزمة في أوكرانيا. وخلال كلمة ألقاها في بولندا كشف أوباما عن خطط لانفاق مليار دولار لدعم وتدريب القوات المسلحة لدول الحلف المجاورة لروسيا. وقال البيت الأبيض انه سيراجع مسألة نشر القوات بشكل دائم في أوروبا في ظل أزمة أوكرانيا لكنه لم يصل لحد أن يلتزم بشكل واضح بإرسال الجنود كما كانت تريد بولندا كضمانة أمنية.