كان متوقعاً أن يقوم الرئيس الروسي الجديد، ديمتري ميدفيديف، الى فرنسا. فاستقبلت باريس بدلاً منه، فلاديمير بوتين. فسرق هذا من ميدفيديف إثبات باعه بزيارته الأولى في مضمار المفاوضات على تمديد اتفاقية الشراكة والتعاون مع الاتحاد الأوروبي. وزار ميدفيديف برلين بينما تشارف رئاسة ألمانيا"مجموعة الثماني"والاتحاد الأوروبي ختامها، وتستعد باريس لشغل الدور خلفاً لها. ولا يغيّر هذا شيئاً في ما يعني الغرب. فزعماء الدول الأجنبية يسعهم مد الجسور مع روسيا بواسطة بوتين. ولكنّ سؤالاً آخر، أكثر تعقيداً، يتناول تطور الوضع السياسي داخل روسيا. فمن المحتمل ان ميدفيديف وافق على لعب دور رئيس فني، ثم يعيد السلطة، بعد مدة، الى بوتين. وفي هذه الحال المخطط واضح. وكان في امكان القيادة الروسية ان تتخذ قراراً صامتاً بتحويل الدولة من جمهورية رئاسية الى جمهورية برلمانية. وفي مستطاع السلطات، بعد بعض الوقت، حين تستقر السلطة الفعلية بين يدي رئيس الوزراء، والبرلمان الواقع تحت سيطرة حزب"روسيا الموحدة"، الإعلان عن اقامة جمهورية برلمانية في روسيا عوض النظام الرئاسي. ولكن تطلع بوتين الى الاحتفاظ بالسلطة، من غير تغيير الدستور، قد يصيب هيبة الرئاسة ويضعفها. وربما أبى بوتين التدخل في الدستور، وفضّل البقاء في منصب رئيس الوزراء، وتسليم السلطة تدريجاً الى ميدفيديف، ثم ترك المضمار السياسي والانصراف الى العمل في قيادة"أوبيك"الغازية، في حال انشائها، او رابطة الدول المستقلة. والأسابيع الأولى من ولاية ميدفيديف أظهرت ان المخططات قد تخالف الأفعال. فميدفيديف كرر في برلين خطاب بوتين في ميونيخ. وانتبه مراقبون الى تصريحات ميدفيديف الليبرالية، ووعوده بتطوير التعاون الاقتصادي. ورأى بعضهم الآخر في تناوله توسع"الناتو"، والمنظومة الأميركية للدفاع المضاد للصواريخ، ما يثير القلق. ولكن السؤال عن أداء الثنائي بوتين - ميدفيديف لا يزال عالقاً. وكان بوتين، في مؤتمر ميونيخ الأمني، حذّر من خطر نشوب حرب باردة جديدة. ولا تقل معارضة ميدفيديف نشر أجزاء من منظومة الدفاع المضاد للصواريخ الاميركية بأوروبا عن معارضة بوتين قوة. ولكنه يتمتع بفرضية تغيير طاقم البيت الأبيض. وقد يؤدي هذا الى انعطاف في العلاقات بين الدولتين العظميين. عن ألكسندر رار،"نيزافيسيمايا غازيتا"الروسية 6/6/2008