بعد ترشيح حزب السلطة ديمتري ميدفيديف الى انتخابات الرئاسة، ظهرت بوادر تحول في علاقات روسيا والغرب. وإذا صرفنا النظر عن الأزمة الروسية ? البريطانية، يلاحظ ان القوى الموالية للغرب بروسيا خففت لهجتها ضد الكرملين. وانسحب غاري كاسباروف وبوريس نيمتسوف من السباق الرئاسي. وانكفأت التظاهرات أو التجمعات الاحتجاجية. وأما السياسيون الغربيون، وعلى رأسهم كوندوليزا رايس وانغيلا مركل، فرحبوا علناً بترشيح ميدفيديف. فأعلن رئيس الوزراء البولندي الجديد نيته تعزيز العلاقات بموسكو، وانتقد واشنطن. وشرع أعضاء حلف الأطلسي، بلغاريا واليونان والمجر في تأسيس حلف للطاقة مع موسكو. واحتمال اندلاع"حرب باردة"جديدة مع روسيا، بدا كأن الغرب نسيه فجأة. وعلى هذا، حققت"مفاجأة"ترشيح ميدفيديف أهدافها! وأخيراً صدق الغرب ان فلاديمير بوتين تارك منصبه، ولن ينتهك الدستور الروسي، وأن أجهزة القوة بروسيا لا تسعى الى تعزيز قبضتها, خصوصاً ان ميدفيديف ليس"ابن اجهزة الاستخبارات". والواقع ان الغرب حمل الترشيح على رغبة روسية في علاقات مسالمة بالغرب، في المستقبل القريب. والحق ان ميدفيديف الذي عرفه الغرب في منتدى دافوس الاقتصادي ليبرالياً يدرك دور الانفتاح على العالم، وجد الساحة مثالية له. والتحليل المعمق للحوادث الأخيرة يؤدي الى ان التطورات الدولية والإقليمية جاءت في مصلحة روسيا. فالولايات المتحدة رجعت عن توجيه ضربة لإيران. وطهران لا تصنع اسلحة نووية. ومسألة الدرع الصاروخية قد تؤخر الى موقع ثانوي في سلم الأولويات. وبولندا، وقيادتها الجديدة، لا تسعى في توتير العلاقة بموسكو. ولا يريد الكونغرس الأميركي تمويل حروب مشكوك في أهدافها ونتائجها المحتملة. وإذا فاز ديموقراطي بالرئاسة بواشنطن، طويت مسألة الدرع الصاروخية. وقلل الاتحاد الأوروبي بحثه عن مصادر بديلة للطاقة الروسية. فقلص الاهتمام بخط"نابوكا"لمد الغاز الطبيعي، مع تقليص انتقاداته لمشروع"السيل الجنوبي"الروسي. ويتقدم هذا، ان أوروبا لا تولي اهتماماً كبيراً بشكاوى أوكرانيا وجورجيا من بطء عملية انضمامهما الى حلف الأطلسي. ويكبح الغرب مسير كوسوفو الى الاستقلال. والحق ان تصور مشهد مثل هذا قبل اشهر قليلة، كان مستحيلاً. وكأن الغرب اراد منح ميدفيديف فرصة ليبني تحالفاته الاستراتيجية الجديدة. ويبدو ان كثيرين هناك يراهنون على صدق عزمه على عمل ما قاله بدافوس في صدد رؤيته للسياسة الخارجية الروسية، وللمجتمع المدني وضرورة تعزيزه بروسيا. وينوي ميدفيديف، على الصعيد الاقتصادي العمل على انضمام روسيا سريعاً الى منظمة التجارة الدولية، وتنشيط الاستثمارات الغربية في روسيا. وتشيع قناعة بأن روسيا قادمة على مرحلة جديدة. عن ألكسندر رار، "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، 28/1/2008