فنّد أقطاب صناعة النفط الأميركية منطقاً اعتمده المشرّعون الديموقراطيون في "كابيتول هيل" لمقاضاة منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك، بتهمة الاحتكار. وذكّروا أميركا بدورها في حرمان أسواقها المحلية من عشرات البلايين من براميل النفط الخام من الطاقات الإنتاجية المعطلة، بسبب الحظر الذي يفرضه الكونغرس منذ عقود على نشاط التنقيب والإنتاج في مياهها الإقليمية على ضفتي المحيطين الأطلسي والهادئ والمحمية الطبيعية في ولاية ألاسكا أنوار. وميّز التفنيد غير المتوقع، واحدة من أكثر اللحظات دراماتيكية في جلسة استماع عقدتها اللجنة القضائية التابعة لمجلس الشيوخ أمس ل"استطلاع أسعار النفط المطلقة العنان". وحضر اللقاء الذي استغرق نحو ثلاث ساعات"بريتش بتروليوم ? أميركا"ممثلة برئيسها روبرت مالون ورئيس"شل أويل"أميركا جون هوفمايستر، ونائب رئيس مجلس ادارة"شيفرون"بيتر روبرتسون، ونائب المدير التنفيذي لشركة"كونكو فيليبس"جون لوو ونائب رئيس"إكسون موبيل"جي ستيفن سايمن. والتأمت الجلسة على خلفية تطورات انعكست سخونتها في مساءلات حادة واتهامات وجهها أعضاء اللجنة الديموقراطيون للشركات الخمس التي بدت، بسبب أرباحها الضخمة المستمرة منذ سنوات وآخرها 36 بليون دولار في الربع الأول من السنة الحالية، أكبر المستفيدين من صعود أسواق النفط. وشملت التطورات الساخنة تجاوز أسعار النفط الأميركي الخفيف 133 دولاراً للبرميل، وإبداء مجلس الاحتياط الفيديرالي مخاوفه من ضعف النشاط الاقتصادي والأثر السلبي لأسعار الطاقة والغذاء على توقعات التضخم. وعلى رغم أن تهمة الإثراء على حساب المستهلك الأميركي ليست أمراً جديداً، إلا أنها ترافقت هذه المرة مع إعلان المشرعين الديموقراطيين، الذين يسيطرون على مجلس النواب وقد منحهم تراجع شعبية إدارة الرئيس جورج بوش، فرصة قوية للسيطرة على مجلس الشيوخ في الانتخابات المقبلة ومعالجة أسعار الوقود برزمة من مشاريع القوانين التي تهدد شركات النفط بفرض ضرائب إضافية على أرباحها، وحرمانها من 17 بليون دولار سنوياً من الدعم الحكومي لمصلحة صناعة الوقود المتجدد. لكن مسألة مقاضاة"أوبك"برزت كواحدة من أهم المواضيع التي عالجتها جلسة الاستماع، ليس بسبب تصويت مجلس النواب بغالبية ساحقة على مشروع قانون في هذا الشأن في اليوم السابق فحسب، بل بسبب استخدامها من مسؤولين في شركات النفط لعرض تصوراتهم حول السبل التي تمنح أميركا وسائل التعامل مع التحديات التي تواجهها على صعيد الطاقة، ولجوء هؤلاء الى تحذير الكونغرس من ان تدخله في أسواق النفط لا يزيد الأمور إلا تعقيداً. وأكد رئيس"شيفرون"روبرتسون في شهادته أن أسواق النفط داخل الولاياتالمتحدة وخارجها،"لا تعاني حالياً من نقص في الإمدادات"، لكنه شدد على أن أميركا"تعاكس المنظق عندما تطلب من بلدان"أوبك"زيادة طاقاتها الإنتاجية، بينما تستمر في تقييد فرص تطوير مصادرها النفطية. وقال:"لا يمكن أن نتوقع من البلدان الأخرى تطوير مصادرها النفطية لتلبية احتياجاتنا المتزايدة، في وقت نستمر في تقييد فرص تطوير مصادرنا من دون سبب وجيه". ونجح المشرعون الديموقراطيون أعضاء لجنة الطاقة والمصادر الطبيعية في مجلس الشيوخ أخيراً، بإحباط مشروع قانون اقترحه الجمهوريون بدعم من إدارة بوش، يقضي بالسماح لشركات النفط بالبدء في أعمال التنقيب والإنتاج في المياه الإقليمية ومحمية"أنوار"، التي لاحظ الجمهوريون بأن حجم ثروتها من احتياط النفط الخام المؤكد يصل إلى 24 بليون برميل، ما يعادل استهلاك الولاياتالمتحدة لمدة خمس سنوات من دون واردات. ولفت مسؤول"كونكو فيليبس"إلى أن أميركا"يمكن أن تضاعف ثروتها من احتياط النفط الخام بتطوير مكامن مياهها الإقليمية"، وأكد أنها تحتاج إلى الاقلاع عن استخدام"لغة عدائية"لدى الحديث عن"أوبك"اعترافاً بحقيقة، أن الشركات الوطنية في دول المنظمة تسيطر على 70 في المئة من الاحتياط العالمي. وفاجأ نائب رئيس"إكسون موبيل"جلسة الاستماع بإعلان تصميم الشركة على الارتباط مع وزارة النفط العراقية بعقد لتوفير الدعم الفني لزيادة انتاج النفط، متجاهلاً انتقاداً شديد اللهجة صدر عن السيناتور الديموقراطي تشارلز شومر الذي حذَّر من أن:"شأن التعاقد قبل صدور قانون النفط العراقي الجديد ان يزيد النزاع الطائفي حدة".