تجمعت "سحب الحرب" في أجواء منطقة النزاع الجورجي - الأبخازي، بعدما تبادلت موسكو وتبليسي تصريحات نارية، وشدد مسؤولون روس على حق بلادهم في"القيام بعمل عسكري دفاعاً عن مواطني أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية"، فيما ردت تبليسي بالتهديد باللجوء إلى حلف الأطلسي وأعلنت استعدادها"لمواجهة عدوان روسي بالتعاون مع الحلفاء والشركاء". واعتبر رئيس مجلس الفيديرالية الشيوخ الروسي سيرغي ميرونوف أن استخدام القوة ضد جورجيا سيكون"مبرراً وشرعياً"في حال تعرض أمن المواطنين الروس في أبخازيا واوسيتيا الجنوبية للخطر. وشدد الرجل الثالث في هرم السلطة في روسيا على أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي امام سيناريوات استخدام العنف ضد مواطنيها"، مؤكداً ان"من حق روسيا أن تلجأ الى كل الوسائل للدفاع عن أمنهم وفي مقدمها استخدام القوة". ومعلوم أن غالبية سكان إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الساعيين إلى الانفصال عن جورجيا تحمل الجنسية الروسية. وجاء حديث المسؤول الروسي تعليقاً على تهديد مبعوث المهمات الخاصة في الخارجية الروسية فاليري كينايكين لجورجيا، مشيراً قبل يومين إلى"مخطط جورجي لشن عمليات عسكرية على الإقليمين"تهدف إلى حسم النزاع معهما والتغطية على أزمة سياسية داخلية. وقال ان موسكو ستستخدم الوسائل العسكرية في حال أثار الجانب الجورجي نزاعاً عسكرياً في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وذلك بهدف حماية المواطنين الروس المقيمين في المنطقة. وأوضح:"نحن سنبذل قصارى جهدنا لئلا ينشب نزاع عسكري، وفي حال حدث ذلك سنرد بالوسائل العسكرية، ويجب الا يكون لدى أحد أدنى شك في ذلك، لأننا ننوي الدفاع عن مواطنينا بكل السبل". وأثارت هذه التصريحات عاصفة في تبليسي التي اتهمت موسكو بالإعداد لتفجير الموقف، وبأنها"تحولت إلى طرف أساسي في المشكلة، يعمل بشكل استفزازي لتصعيد مواجهة عسكرية"كما قال نائب وزير الدفاع الجورجي باتو كوتاليا الذي قال:"من الطبيعي أننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسنرد على العدوان الروسي إذا وقع". وفي ما بدا أنه محاولة للاستقواء بحلف الأطلسي، قال كوتاليا إن من الطبيعي أن رد بلاده"سيكون بالتنسيق مع حلفائنا وشركائنا، وسيكون مكافئاً لطبيعة العدوان". وفي تحرك جورجي سريع لاستثمار التطورات، أعلن وزير الخارجية ديفيد باكرادزة أنه سيناقش"النيات العدوانية الروسية"خلال اجتماع مجلس"الأطلسي"الذي بدأ أعماله أمس. وتشهد الجلسات الحالية للمجلس مواجهة مباشرة بين ممثلي جورجياوروسيا. وقال ديمتري روغوزين الممثل الروسي لدى الحلف إنه سيطلع الأمين العام للأطلسي ياب هوب شيفر على تطورات الموقف في منطقة النزاع الجورجي الأبخازي ونيات تبليسي التصعيدية. ومعلوم أن الجورجيين يسعون إلى حشد تأييد غربي لموقفهم الداعي إلى إبعاد روسيا عن منطقة النزاع باعتبارها"طرفاً أساسياً فيه"، فيما يرى الروس أن تبليسي تريد إخراج قوات حفظ السلام الروسية العاملة في منطقة الفصل بين المتنازعين بهدف تسهيل القيام بخطوات عسكرية لإخضاعهما بالقوة. وكانت العلاقات الروسية الجورجية عادت إلى التدهور بقوة الأسبوع الماضي بعد محاولات لإذابة الجليد بين الجانبين أسفرت عن تحسن جزئي لم يصمد إلا أسابيع عدة. وشكل إسقاط طائرة تجسس جورجية فوق أراضي أبخازيا الأسبوع الماضي، سبباً مباشراً لعودة التدهور بعدما قالت تبليسي إن مقاتلات روسية أطلقت صاروخاً على الطائرة ودمرتها، فيما نفت موسكو صحة الاتهام وأكدت أن معطياتها تشير إلى قيام أنظمة الدفاع الجوي في أبخازيا بإسقاط الطائرة الجورجية.