بدأت موسكو خطوات عملية للاعتراف بإقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الساعيين إلى الانفصال عن جورجيا ، بعد مرور ساعات على مشادة كلامية حولهما بين المندوبين الروسي والاميركي في مجلس الأمن. وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حكومته بتنظيم العلاقات مع الإقليمين متجاهلاً اعتراضات قوية من جورجياوالولاياتالمتحدة. وتسارعت أمس وتيرة التحرك الروسي الهادف إلى الرد على مساعي الجورجيين للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وكذلك الرد على"سابقة"الاعتراف الغربي بالاستقلال الأحادي الجانب لكوسوفو. وأعلنت الخارجية الروسية أن بوتين أصدر أمراً الى أركان حكومته باتخاذ الخطوات اللازمة من أجل"ضمان حقوق وحريات المواطنين الروس في جمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا". ودعا القرار الرئاسي الوزارات المختصة بتنظيم كل جوانب العلاقة مع الإقليمين، بما في ذلك فتح ممثليات لروسيا فيهما، وهي الخطوة التي تعارضها جورجيا بقوة وتعتبرها تشجيعاً للنزعات الانفصالية واعترافاً بالاستقلال المعلن في الإقليمين من طرف واحد. ومعلوم أن موسكو تستند في دعم الإقليمين الانفصاليين إلى واقع أن الغالبية العظمى من سكانهما تحمل الجنسية الروسية، ولا يخفي قادة الإقليمين مساعيهما للانضمام إلى الاتحاد الروسي فور الحصول على الاستقلال. وجاءت أوامر الرئيس الروسي بعد مرور أيام على مناقشة أجراها مجلس الدوما البرلمان للوضع حول الجمهوريتين، ورفعه توصيات إلى القيادة الروسية تحض على تسريع وتيرة الاعتراف الرسمي باستقلالهما في حالين: الأولى، إذا صعدت جورجيا ضغوطها العسكرية على الإقليمين وفكرت في إخضاعهما بالقوة ، والثانية، في حال أصر الجورجيون على مواصلة جهودهم للانضمام إلى"الأطلسي". وانتقلت المناقشات حول هذا الملف أمس إلى مجلس الفيديرالية الشيوخ الروسي الذي يعتبر الهيئة الأعلى المختصة بإصدار القرارات قبل توقيع رئيس البلاد عليها. وأعلن رئيس المجلس سيرغي ميرونوف أن جلسة المناقشة المخصصة لأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية ستعقد في 25 الشهر الجاري وينتظر أن تخرج بتوصيات حاسمة على صعيد تسريع التحرك الروسي للدفاع عن الإقليمين وحماية المواطنين الروس فيهما. تزامن ذلك مع معلومات في موسكو عن عزم بوتين على توقيع مرسوم رئاسي قبل مغادرته منصبه في السابع من الشهر المقبل، ينص على تطوير العلاقات الروسية مع الإقليمين ويمنح الهيئات الروسية الضوء الأخضر لإقامة علاقات رسمية مع نظيراتها في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، ما يعني عملياً الاعتراف باستقلالهما عن جورجيا. وأثارت التحركات الروسية قلق الولاياتالمتحدة وصلت إلى حد تبادل مندوبي روسياوالولاياتالمتحدة لدى الاممالمتحدة فيتالي تشوركين وزلماي خليل زاد عبارات شديدة اللهجة في مجلس الامن بعد وقت قصير من تبنيه قراراً بالإجماع على تمديد تفويض المراقبين العسكريين التابعين للأمم المتحدة في أبخازيا. وقال خليل زاد للصحفيين ان واشنطن"قلقة للغاية من تقارير من موسكو عن عزم روسيا على اقامة بعثتين شبه رسميتين في ابخازيا واوسيتيا الجنوبية من دون موافقة حكومة جورجيا."وأضاف أن بلاده"تحض على عدم المضي في هذا المسار الذي يقوض التأييد الروسي المعلن لمبدأ سيادة جورجيا ووحدة أراضيها." في المقابل، اتهم تشوركين السفير الاميركي بأنه"اخفق تماماً في فهم المشكلة الحقيقية في الصراع الجورجي - الأبخازي"بما في ذلك النشاط العسكري الجورجي في ابخازيا. وقال:"هناك ظاهرة جديدة لتحليق الطائرات فوق المنطقة الامنية. وأخيراً، اسقطت طائرة جورجية بلا طيار في أجواء المنطقة الامنية."