لوّحت روسيا بالقبضة العسكرية في وجه جارتها جورجيا، مؤكدة أنها لن تقف مكتوفة اليدين أمام «الاعتداءات الجورجية على أوسيتيا الجنوبية». وأثارت المستجدات في القوقاز مخاوف من حرب جديدة في المنطقة مع استعداد أطراف النزاع لإحياء الذكرى السنوية الأولى للحرب الروسية – الجورجية. وبدا أمس، أن المنطقة مقبلة على تطورات ساخنة بعدما وجهت موسكو تهديداً هو الأقوى من نوعه منذ وقف النار، بعد حرب الأيام الخمسة في آب (أغسطس) 2008. ووجّه تركيز المسؤولين الروس على ما وصف بأنه «الاعتداءات الجورجية المتكررة على مناطق أوسيتية جنوبية»، وتحميل الجورجيين مسؤولية «تطور الأحداث وفق سيناريو العام الماضي»، إشارات إلى جدية موسكو في مواجهة أي «تصعيد للوضع» بالوسائل العسكرية. وهو أمر أكده بيان أصدرته وزارة الدفاع الروسية أمس، أعربت فيه عن «قلق موسكو من التحركات العسكرية الجورجية، وقصف تبليسي مناطق مدنية في أوسيتيا الجنوبية مرات أخيراً». وشدد البيان على أن روسيا «تترك لنفسها حق الردّ القوي بالوسائل المتاحة، بما فيها العسكرية للدفاع عن مواطني الجمهورية والجنود الروس المتمركزين على أراضيها». وقالت المصادر العسكرية الروسية إنها سجلت حالات إطلاق نار من الجانب الجورجي، في اتجاه مناطق داخل جمهورية أوسيتيا الجنوبية، التي كرّست انفصالها عن تبليسي بدعم روسي بعد حرب القوقاز العام الماضي. وأحدث تلك الحالات سُجِّل صباح أمس، عندما أطلقت قذائف مدفعية من بلدة ديتسي الحدودية الجورجية على مركز مراقبة عسكري. وأكد الطرف الأوسيتي الحادث، لكن تبليسي نفته بشدة متهمة موسكو باختلاقه لتبرير تصعيدها. وقال ناطق روسي إن الجورجيين «يكررون سيناريو العام الماضي عندما بدأوا قصف مناطق حدودية ثم تعرضت القوات الروسية العاملة هناك لهجوم عنيف أشعل فتيل الحرب». يذكر أن الحرب الجورجية – الروسية اندلعت ليل 7 آب العام الماضي، واستمرت خمسة أيام، خلالها تمكنت القوات الروسية من دحر الجيش الجورجي إلى خارج إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الانفصاليين، ثم توغلت داخل مدن جورجية ودمرت خلال أسابيع البنى التحتية العسكرية والأمنية في جورجيا، قبل أن تنسحب تدريجاً إلى المناطق الحدودية تحت ضغط دولي. واعترفت موسكو لاحقاً باستقلال جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. واللافت أن تجدد التصعيد تزامن مع تحضيرات أطراف النزاع لإحياء ذكرى الحرب، كل على طريقته. وفي حين تعدّ أوسيتيا الجنوبية لاحتفالات «العيد الأول للاستقلال»، يستعد الجورجيون لتنظيم مسيرة ضخمة إلى أوسيتيا الجنوبية، وصفتها موسكو بأنها «استفزاز سنرد عليه» . كما جاءت التطورات الأخيرة بعد زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن جورجيا، وإطلاقه تصريحات اعتبرتها جهات روسية «تشجيعاً على التصعيد» . وأكد بايدن أن واشنطن «لن تعترف أبداً بانفصال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية». ولمّح إلى استعداد بلاده لمساعدة الجورجيين في إعادة تأهيل قواتهم المسلحة، مشيراً إلى «حق الجورجيين في العمل لاستعادة وحدة أراضيهم وسيادتهم عليها». وطمأن بايدن تبليسي الى أن «تحسّن العلاقات الروسية – الأميركية لن يكون على حساب جورجيا»، مؤكداً عزم واشنطن على مواصلة التعاون مع جورجيا التي «يحق لها أن تقرر مصيرها وتختار شركاءها وحلفاءها». ولفت الى أن هذا الموضوع «لن يكون محل مقايضة مع الروس»، كما جدد تأكيده دعم واشنطن انضمام جورجيا إلى الحلف الأطلسي، وهو أمر تعارضه موسكو بشدة.