شنت حكومة بكين الديكتاتورية، حليف عسكر رانغون بورما، حملة على الرهبان والراهبات البوذيين في التيبيت أودت بحياة ضحايا كثر. والصمت الدولي عما يحصل بالتيبيت يبعث على التساؤل. فهل حصّلت الصين قوة تردع المجتمع الدولي عن مساءلتها عن أعمالها القمعية؟ وربما على الهند أن تبادر الى تسليط الضوء على قضية التيبيت، وهي محور الخلاف مع الصين. وتجاوز هذا الخلاف هو رهن قبول بكين المصالحة في التيبيت، وتقديمها تنازلات تنهي عقوداً من الاضطهاد هناك. وتتصرف الصين بالتيبيت ضد الهند، ببراعة، وتدعي سبق سيادتها على منطقة تاوانغ، وولاية آروناشال براديش، ومساحتها ثلاثة أضعاف مساحة تايوان، في حين أن الهند بالكاد تخرج عن صمتها في شأن هذه القضية. وأسهمت الهند في تعزيز موقف الصين، وأعلنت ان التيبيت جزء لا يتجزأ من الأرض الصينية. وفي مساعيها الديبلوماسية، لم توظف تأييد الدالاي لاما حق الهند في منطقة آروناشال. والحق أن تقاعس الهند، وموقفها الجبان من قضية التيبيت، يسَّر اضطهاد القوات الصينية الشبان التيبيتيين. وبعد عقدين من عدوله عن النضال من أجل الاستقلال، ومطالبته بمنح الصين التيبيت حكماً ذاتياً، لم يجن الدالاي لاما من نهجه المعتدل سوى انتقادات صينية لاذعة، وقمعاً قاسياً. وآن أوان تغيير الهند موقفها من قضية التيبيت. ويزعم الهنود الذين يميلون الى الصين أن مهادنتها هي السبيل الوحيد لتفادي المواجهة معها. ويغفلون عن أن ثمة احتمالات كثيرة لا تقتصر على المهادنة ولا تفضي الى مواجهة. ولا يسع الهند الوقوف مكتوفة أمام بناء الصين ترسانة عسكرية في مرتفعات الهيمالايا، وتشييدها نظام مواصلات قوياً، ورفضها ترسيم الحدود مع الهند، وتلويحها باللجوء الى سلاح المياه على المناطق المنخفضة الهندية. فالصين تسيطر على مرتفعات التيبيت الجليدية، وهي أضخم رافد مياه للأنهار في العالم. ولا شك في ان سيطرة الصين على التيبيت زادت مساحتها الجغرافية، ومدت مناطق نفوذها إلى حدود نيبال وبوتان والهند، وقربتها من باكستان وبورما. وبعد ضم إقليم كساي تشينغ الى أراضيها، أحكمت الصين قبضتها على تركستان الشرقية، أو إقليم سينكيانغ، التي يقطنها مسلمون. وجليّ أن استقرار التيبيت، وإقرار الحكم الذاتي فيها، يرتبطان بأمن الهند. فهي لن تبقى في مأمن من لهب النيران المشتعلة في أعلى مناطق العالم. والتيبيت تمتحن العلاقات الآسيوية، وتظهر مآل هذه العلاقات الى التنافس أو التعاون. وعلى الهند لفت انتباه المجتمع الدولي الى رفض الصين منح التيبيت استقلالاً ذاتياً، وانتهاكها اتفاق تحرير هذا الإقليم سلماً من احتلال فرض على أهله في 1951. وعليها كذلك دعوة بكين الى العدول عن تشددها، واعتبار التيبيت جسراً يربطها بالهند، عوض حاجز يعزلها عنها. ولن يخضع سكان التيبيت لهيمنة الصين، ولن ينحازوا اليها في مواجهة الهند، ولو تحكمت الصين بخليفة الدالاي لاما بعد وفاته. وعلى الهند الكف عن الاعتراف بأن التيبيت جزء من الأراضي الصينية، على ما درجت منذ عهد جواهر لال نهرو. ومانموهان سينغ، رئيس الوزراء الحالي، خالف ما درج عليه أسلافه، ولم يتناول موضوع التيبيت في زيارته الأخيرة الصين. عن براهما تشيلاني أستاذ الدراسات الاستراتيجية في معهد أبحاث السياسة الهندية،"هندوستان تايمز"الهندية، 20/3/2008