أقرت القمة الاوروبية مبدأ إقامة "الاتحاد من أجل المتوسط"يتركز على مشاريع اقليمية تعزز، على المدى البعيد، الاندماج الاقليمي أسوة بمسيرة بناء المجموعة الاوروبية في خمسينيات القرن الماضي. وأكدت القمة في نهاية اعمالها أمس في بروكسيل ان الاتحاد المقترح"سيجمع البلدان المتوسطية والبلدان الاوروبية الأعضاء في الاتحاد الاوروبي والبلدان غير المطلة على البحر الأبيض المتوسط"، والتي ستعقد أول قمة لها في 13 تموز يوليو المقبل في باريس. واعتبر رئيس المفوضية خوسيه مانويل باروزو المبدأ الجديد"وسيلة لدفع العلاقات مع جيراننا في الجنوب". ويعوم موقف القمة اقتراحا كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أطلقه في الخريف الماضي من أجل إقامة"اتحاد متوسطي"يجمع البلدان الواقعة فقط على ضفاف البحر المتوسط، في مقابل فتح باب الشراكة أمام غيرها. وانتهى الاتفاق إلى تغيير أصل الاقتراح إلى"الاتحاد من أجل المتوسط"، في مرحلة أولى، ثم إلى"مسيرة برشلونة: الاتحاد من أجل المتوسط"التي تأخذ في الاعتبار المكاسب التي تحققت في الأعوام الماضية في نطاق خطة الشراكة الاوروبية - المتوسطية يوروميد. وتعرض الاقتراح الفرنسي لانتقادات كثيرة من جهات مختلفة. واعتبره كثيرون بمثابة محاولة فرنسية لتعزيز نفوذها في الضفة الجنوبية لحوض المتوسط، فيما رآه آخرون انه يهدد مسيرة برشلونة ويفتقد الموارد المالية المستقلة، اذ ترفض بلدان الشمال الغنية، المانيا والسويد والنمسا وهولندا، تمويل اتحاد يستبعدها من آليات قراراته. وقال رئيس البرلمان الاوروبي هانس غيرت بوتيرنغ ل"الحياة"انه ينبغي أن"يؤدي كل تكتل جديد، مهما كانت تسميته، إلى دفع مسيرة برشلونة". واضاف أنه لمس خلال زيارته البلدان العربية المتوسطية"رغبتها في التعامل مع بلدان الاتحاد الاوروبي ككل". واعلن يانيش يانسا رئيس وزراء سلوفينيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي ان"الامر اصبح يتعلق الآن بالعمل على المشروع في مختلف المؤسسات". وعمليا، كلفت المفوضية الاوروبية ورئاسة الاتحاد العمل حتى القمة المقبلة التي ستعقد في حزيران يونيو، موعد انتقال الرئاسة الى فرنسا، على البحث في التفاصيل وخصوصا بنى المشروع الذي يهدف الى تعزيز التعاون مع دول حوض المتوسط. وستكون رئاسة"الاتحاد"مشتركة بين دولتين إحداهما من شمال المتوسط والأخرى من جنوبه. وقال يانسا، بحسب ما نقلت وكالة"رويترز"، ان"الاتحاد من اجل المتوسط"سيحاول اعطاء دفع لعملية برشلونة، موضحا انه لا يهدف الى"دفن العملية بل الى تحديثها". وكانت عملية برشلونة تعثرت منذ بداياتها بسبب الخلافات بين الدول العربية واسرائيل. وتشارك فيها حوالي عشر دول من جنوب المتوسط، هي الجزائر ومصر واسرائيل والاردن ولبنان والمغرب والسلطة الفلسطينية وسورية وتونس وتركيا. وانضمت اليها موريتانيا العام الماضي بينما تتمتع ليبيا بوضع مراقب فيها. لكن يانسا قلل من مستوى الطموحات السياسية للاتحاد من اجل المتوسط. وقال ان"الافكار الجدية المطروحة في المشروع لا تهدف الى ايجاد حل للمشاكل في الشرق الاوسط او للمشاكل بين الاسرائيليين والفلسطينيين اذ ان هناك ادوات اخرى لذلك". وتتمحور فكرة المشروع حول سلسلة من المشاريع العملية خصوصا في قطاع البيئة. وتحدث ديبلوماسي فرنسي عن مشاريع مطروحة في اطار"الاتحاد من اجل المتوسط"، بينها معالجة تلوث البحر المتوسط عبر اعادة تأهيل البيئة في حوالي 130 موقعا"ملوثا"تم حصرها في محيط المتوسط، حتى السنة 2020. كما اشار الى مشروع لتحسين وصول المياه الى مجمل منطقة المتوسط عبر سلسلة من المشاريع منها شق اقنية لجر المياه بين البحر الميت والبحر الاحمر او استخدام المياه الجوفية في ليبيا، وتطوير استخدام الطاقة الشمسية في بلاد الجنوب. وأوضح الرئيس الفرنسي، في نهاية القمة في بروكسيل، ان الاتحاد المزمع قيامه"سيؤدي إلى تعزيز مسيرة برشلونة عبر إقامة مشاريع اقليمية من أجل تنظيف البحر الأبيض ووضع نظام حرية تنقل الطلاب وإقامة حيز للأمن وسوق للطاقة". وشدد ساركوزي على ان المتوسط"يشهد السلام أو الحرب". واعتبر الاتفاق الجديد بمثابة"الاستثمار السياسي الاوروبي في مسيرة برشلونة".