وافق قادة دول الاتحاد الأوروبي الليلة قبل الماضية في بروكسل على مشروع الرئيس الفرنسي الرامي إلى إنشاء اتحاد متوسطي. وهو مشروع كان نيكولا ساركوزي قد أطلقه خلال حملته الانتخابية وبالتحديد في خطاب شهير ألقاه في مدينة تولون الفرنسية يوم الرابع عشر من شهر فبراير من العام الماضي. ولكن هذه الموافقة جاءت مشروطة وحولت المشروع إلى مجرد أداة جديدة من أدوات الشراكة الأوروبية المتوسطية التي أطلقت عام خمسة وتسعين من القرن الماضي بين الاتحاد الأوروبي من جهة ودول المتوسط الجنوبي من جهة أخرى. فالرئيس الفرنسي كان يريد إطلاق الاتحاد المتوسطي بهدف إيجاد بديل للشراكة الأوروبية المتوسطية التي تعثرت كثيرا ولم تحقق الأغراض التي أقيمت من أجلها. ولكن كثيرا من دول الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتها ألمانيا رفضت المشروع الفرنسي بصيغته الأولى وعدلته. فالأموال التي ستخصص للاتحاد المتوسطي هي الأموال ذاتها التي يخصصهها الاتحاد الأوروبي للشراكة الأوروبية المتوسطية. وإذا كان القادة الأوروبيون قد وافقوا على مبدأ إنشاء هيئة إدارية خاصة تعنى بمشروع الاتحاد المتوسطي الذي سيطلق في باريس يوم الثالث عشر من شهر يوليو المقبل فإنها اشترطت أن تتولى المفوضية الأوروبية الإشراف عليه مع الدولة التي يعهد لها في تولي رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية. ولذلك كلف القادة الأوروبيون سلوفينيا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد ألأوروبي الدورية بالتنسيق مع المفوضية الأوروبية للإعداد إلى عملية إطلاق الاتحاد المتوسطي. كثيرا من المراقبين يرون أن الاتحاد المتوسطي سيواجه مشاكل بعد إطلاقه في مقدمتها مشكلة إيجاد الأموال الضرورية لتمويل البرامج المدرجة في المشروع والمتصلة أساسا بالمساعدة على مواجهة أشكال التلوث التي يعاني منها البحر الأبيض المتوسط. ومن هذه المشاكل أيضا تلك التي تتعلق بعملية الإشراف على الاتحاد المتوسطي. ففرنسا كانت ترى أن رئاسة هذا الإطار الجديد ينبغي أن تكون دورية وأن تكون حكرا على بلدين متوسطيين أحدهما من الشمال والآخر من الجنوب. ولكن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في بروكسل والذي فرضته ألمانيا يرى أن الرئاسة الدورية ينبغي أن يعهد فيها كل سنتين لبلدين أحدهما متوسطي والآخر من الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الطرح مشكلة. فالدول العربية المتوسطية ترفض أن تمثلها في مجلس رئاسة الاتحاد المتوسطي إسرائيل. وفرنسا تعتبر أن هذه الصيغة تحول دونها ودون الإشراف على المبادرة برمتها.