تقع المثانة في الوجه الأمامي من الحوض، شكلها يشبه الى حد بعيد مقدمة السفينة، مهمتها تخزين البول الآتي من الكليتين عبر الحالبين الى أن يتوافر المكان والوقت اللازمان لقذفه الى خارج الجسم بواسطة القناة البولية المعروفة باسم الإحليل. وتتألف المثانة من طبقات عدة من الأنسجة هي من الخارج الى الداخل: الطبقة العضلية ثم طبقة الأنسجة الضامة ثم الطبقة الطلائية. والمثانة عبارة عن كيس عضلي مرن قادر على استيعاب ما بين 300 الى 500 ميليليتر. وعندما تنتفخ المثانة، بما فيه الكفاية، ترسل جدرانها إشارات عصبية الى الدماغ لكي تطرح ما فيها، وعندها يقوم الأخير برد الجواب بالموافقة على التبول فتتقلص المثانة وترتخي المصرة البولية فيندفع البول الى خارج الجسم. والمثانة كغيرها من الأعضاء يمكن ان تصاب بالسرطان. وسرطان المثانة شائع بين الرجال والنساء الذين تخطوا سن الخمسين، لكنه يمكن ان يشاهد في كل الأعمار حتى لدى الأطفال، وهو أكثر حدوثاً عند الجنس الخشن بثلاث مرات، ويعتبر المسبب الرابع للوفيات عند الذكور. وتتشكل غالبية أورام المثانة السرطانية في الطبقة الطلائية المبطنة. ما هي أسباب سرطان المثانة؟ إن الأسباب المؤدية الى سرطان المثانة ما زالت غير معروفة، في المقابل هناك عوامل مؤهبة تمهّد الطريق له، ومن هذه العوامل: التدخين، قد يستغرب البعض أن تكون للتدخين علاقة بالأمر، لكن هذا هو الواقع، فقد كشفت الأبحاث أن المدخنين هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان المثانة بنسبة 14 ضعفاً بالمقارنة مع غير المدخنين، وفسر العلماء هذا الأمر باحتواء التبغ على مواد مسرطنة تطرح من طريق البول. أيضاً أفادت الإحصاءات في أوروبا وأميركا أن التدخين مسؤول عن نصف الإصابات بسرطان المثانة عند الرجال وعن 40 في المئة من سرطان المثانة لدى النساء. الوراثة، بعض المورثات الجينات قد تكون ضالعة في قضية نشوء سرطان المثانة، والاتهامات الموجهة الى العوامل الوراثية تزداد سنة بعد أخرى. الالتهابات البولية المتكررة والمزمنة. الحصيات البولية. البلهارسيا المزمنة. بعض العلاجات الكيماوية المضادة للسرطان. تعرض الحوض للأشعة لمدة طويلة أو لمرات كثيرة. التعرض للمركبات المسرطنة نتيجة العمل في مصانع معينة مثل معامل صناعة المطاط، ومعامل الغراء، ومعامل الأصبغة، ومحطات البنزين، ومصانع الطباعة. كيف يتظاهر سرطان المثانة؟ يمكن أن يتظاهر السرطان بالعوارض والعلامات الآتية التي نراها في الكثير من أمراض الجهاز البولي، مثل حصيات الكلية وحصيات الحالب والأورام الحميدة: - رؤية الدم في البول سواء بالمشاهدة أو بعد تحليله، ويعد هذا العارض الأهم والأكثر تواتراً. والدم غالباً ما يراه المصاب في نهاية التبول وفي شكل متقطع، وفي بعض الأحيان قد يكون دفق الدم غزيراً متخثراً بحيث يمنع انسياب البول فيتعرض المصاب للحصار البولي وما يترتب عنه من أوجاع وعوارض مرافقة مزعجة جداً. - الألم في الكلية بسبب انسداد الحالب بالورم. - الألم في منطقة الحوض أعلى العانة. - الحرقة والرغبة الملحّة في التبول. - ضعف دفق البول. - فقر الدم والتعب السريع ونقص الوزن وارتفاع الحرارة وآلام عامة في منطقة الحوض، وهذه العوارض تظهر بعد انتشار الورم من مكانه الى أنحاء أخرى من الجسم. كيف يشخص سرطان المثانة؟ يعتمد تشخيص المرض بناء على الشكاوى التي يدلي بها المريض الى جانب النتائج التي يمكن أن يجمعها الطبيب من اختبار البول، وفحص المثانة بالأمواج فوق الصوتية، وتصوير المثانة شعاعياً بعد حقنها بصبغة ملونة، وعمل منظار للمثانة مع أخذ عينة من الورم في حال وجوده. وقد يحتاج الأمر الى إجراء فحوص إضافية لا تخفى على الطبيب المعالج. وإذا تم تشخيص الإصابة بسرطان المثانة، فإن الطبيب يشرع في تطبيق بنود العلاج المناسب بناء على نوع الورم والدرجة التي وصل إليها. إذا كان السرطان سطحياً من دون انتشار، أي في المرحلة الأولى هناك أربع مراحل، فإن الطبيب يعمل على اجتثاث الورم بالمنظار مع استعمال العلاج الكيماوي والمناعي داخل المثانة. ويهدف هذا العلاج الى الحد من عودة السرطان مرة ثانية، وطبعاً لا بد من إخضاع المريض للمراقبة والمتابعة الدورية لأن الورم قابل للظهور من جديد. أما إذا كان الورم منتشراً، أي في المرحلة الثانية والثالثة، فعندها لا مناص من بتر المثانة مع عمليات استئصال تطاول أعضاء أخرى تختلف بحسب جنس المصاب، وقد يتم إشراك العلاج الجراحي بالعلاج الكيماوي او العلاج الشعاعي لمنع الانتقالات السرطانية، وفي هذا الإطار برز توجه جديد في الوسط الطبي حول إمكان تأجيل استئصال المثانة بعض الوقت بعد رصد السرطان الممتد في عضلات المثانة، إلا أن نتائج معظم الدراسات التي شملت هذا الموضوع، ومنها الدراسة التي قام بها أطباء من مستشفى الملك فهد التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض، بينت أن كل تأخير في الاستئصال يؤثر سلباً في الشفاء وفي احتمال بقاء المريض على قيد الحياة، من هنا تبدو أهمية الشروع في اجتثاث المثانة باكراً ما أمكن ومن دون إبطاء لأنه يعطي أفضل النتائج. تبقى الملاحظات الآتية: 1- إن علاج الالتهابات البولية المزمنة وعدم إهمالها، واتخاذ الاحتياطات اللازمة في التعامل مع المواد الخطرة والمسرطنة، الى جانب الابتعاد كلياً عن التدخين وعدم المبالغة في تعريض منطقة الحوض للأشعة هي خطوات مهمة على طريق الوقاية من سرطان المثانة. وعلى صعيد الوقاية، أفادت دراسة حديثة نشرت في الولاياتالمتحدة أن تناول الفجل والبروكولي يساعد في تجنب الإصابة بسرطان المثانة، أما السر فيكمن في غناهما بمركب الأيسوتيوسيانات المناهضة للأورام الخبيثة. ومن جهة أخرى أظهرت دراسة نشرها مركز آندرسون للسرطان التابع لجامعة تكساس أن الذين يملكون استعداداً للتلف الوراثي والذين يكثرون من استهلاك الخضار والفواكه الغنية بالفيتامين حامض الفوليك هم أقل عرضة للإصابة بسرطان المثانة بمعدل ثلاث مرات مقارنة مع نظرائهم الذين لا يحصلون على كفايتهم من هذا الفيتامين، والمعروف عن الأخير أنه يشارك في صنع المادة الوراثية وفي ترميمها وإصلاحها في حال تعرضها للخلل. كما نوهت دراسة أعلن عن فحواها في الاجتماع السنوي لجمعية المسالك البولية الأميركية الذي عقد في ولاية كاليفورنيا العام الماضي، بأن الشاي الأخضر يحمي من التهاب المثانة وبالتالي من الإصابة بالسرطان، وقد عزا البحاثة الأثر الواقي للشاي الى احتوائه على مادة الكاتيشين المضادة للأكسدة. 2- ان ماء الشرب الحاوي على نسب عالية من المواد العضوية والأروماتية والزرنيخية ترفع من مخاطر التعرض لسرطان المثانة. 3- على المرضى الذين يتناولون بعض الأدوية مثل الفيناسيتين، والسايكلوفوسفاميد، والكلورنافيزين، ان يخضعوا لفحص المثانة بانتظام للتأكد من عدم الإصابة بالسرطان. 4- هناك خطوات جدية حول استنباط أساليب جديدة تساعد في تشخيص سرطان المثانة، من بينها فحص المادة الوراثية، وتحري أحد البروتينات في البول... وحتى الاستعانة بالكلاب، فهذه الأخيرة قادرة على رصد سرطان المثانة من طريق شم البول، وعلى ما يبدو ان الخلايا السرطانية تنتج مركبات عضوية تنثر رائحة مميزة تستطيع الكلاب التعرف إليها وإن كانت بكمية قليلة. أخيراً هل تعرفون سبب انتشار سرطان المثانة بكثرة بين رسامي الكيمونو اليابانيين؟ إن هؤلاء يستعملون في الرسم أصباغاً تحتوي على أحماض أمينية أروماتية مشبوهة، ويعمدون الى ترطيب فرشاة الرسم بوضعها بين الشفاه، ما يقود الى تسلل الأحماض المذكورة الى الفم ومنه الى الجهاز الهضمي ومن ثم الى الدم فالكلية فالمثانة.